جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2021/05/01
هناك بنوك تهدف إلى خلق شراكة مع مؤسسات التمويل من خلال تقديم الدعم والمساندة لها
مجلة المصارف: محمد النظاري
البنوك كالدم في جسم الإنسان فالدم يتجه نحو الأعضاء النشطة.. وهكذا البنوك والمؤسسات المالية تتجه تمويلاتها نحو القطاعات النشطة ,, وفي اليمن يعتبر قطاع التمويل الأصغر اليوم من أنشط القطاعات التي تستقطب الاستثمارات.. فمع توقف الرواتب اتجه الناس نحو خلق المشاريع التي توفر لقمة عيش كريمة.
في هذا اللقاء يتحدث الدكتور شرف الكبسي رئيس الوطنية للتمويل الأصغر عن واقع التمويل الأصغر في اليمن ومستقبله .. والتغيرات التي حدثت في الاقتصاد اليمني وسلوك الأفراد والمؤسسات حيال هذه التغير وغيرها من القضايا.
"مؤسسات التمويل الأصغر مؤسسات مجتمعية تحاول مساعدة أصحاب المشاريع الصغيرة والأصغر في الحصول على رأس المال المطلوب لمشاريعهم الخاصة لكي يرفعوا من قدراتهم التنافسية ويتمكنوا من شراء أصول تساهم في تثبيت أقدامهم في السوق ونمائهم وبالتالي ينمو الاقتصاد الوطني.. فكما هو معروف اقتصاد البلدان النامية 90% منه منشآت صغيرة وأصغر" بهذا الكلام بدأ الدكتور شرف حديثه معنا.. مشيراً إلى أنه في اليمن ولسنوات عديدة كان هذا القطاع المهم لا يحصل أفراده على تمويل إلا من المانحين الدوليين.. لذا نحن نسعى إلى توسيع شراكاتنا مع البنوك العاملة في اليمن خصوصاً منذ العام 2018م للحصول على تمويلات كافية تمكنا من مد يد العون لأصحاب هذه المشاريع رغبة في دفع عجلة التنمية إلى الأمام.
ويرى الكبسي أن قطاع الـ"ميكروفايننس" أو التمويل الأصغر قد انتعش كثيراً خلال الخمس السنوات الأخيرة في اليمن كونه يستهدف صغار المستثمرين.. من ذوي المشاريع الصغيرة والأصغر والمتناهية الصغر.
ويؤكد الكبسي أن المحافظ الإلكترونية أصبحت ضرورة في اليمن خاصة مع تدهور وضع العملة الورقية التي أصبحت غير قابلة للتداول فمثلاً تكون المحفظة الاستثمارية بمبلغ معين تمنح هذه المحفظة للمؤسسات التمويل الراغبة بالحصول على جزء من تمويلاتها.. لمنحها لعملائها.
كما أن البنوك اليوم بدأت تفكر في برامج استثمارية للاستفادة من أرصدتها المجمدة فبعد 2015م أثبتت أن البنوك التي كانت تشتغل بعقلية شركة الصرافة كانت أفضل من البنوك التي كانت تضعها في البنك المركزي.
فمثلاً نحن في المؤسسة الوطنية للتمويل الأصغر نكون بحاجة إلى مبلغ مالي قد حدد مسبقاً بحسب المشاريع المستهدفة لنقل مثلاً مبلغ 5مليارات.. نذهب إلى احد بنوك الجملة لأخذ هذا القرض أو التمويل ومن ثم نقوم بتقسيمه على عدد المشاريع التي شملها برنامج التمويل الذي منحنا التمويل على أثره.. وقد بدأنا بهذا الأمر بالفعل مع بنك اليمن والكويت والبنك التجاري، ونحاول إقناع بنوك أخرى للدخول في هذا المشروع العملاق الذي سيساهم في إنعاش الحركة الاقتصادية في البلاد.
ويقول الكبسي إن هناك نفوراً كبيراً من القطاع المصرفي بشكل عام بسب انقسام البنك المركزي .. لذا توجه الناس إلى شركات ومحلات الصرافة بدلاً عن التوجه للبنوك.. فالصرافة أصبحت اليوم جزءاً كبيراً من الاستثمارات اليمنية.
فالبنوك تضررت من أذون الخزنة لكن شركات الصرافة لم تكن داخلة في هذا الأمر فتجنبت خسائر كبيرة.... فالصرافون أخذوا جزءاً كبيراً من أموال الناس مستفيدون من الـ"بريميم" أو العمولات التي أصبحت معروفة ومتعارف عليها كتسهيلات.
ويقول الكبسي إن مما ساهم في ازدهار نشاط شركات الصرافة هو وجود عملتين حيث أصبحت هناك فجوة كبيرة بينهما.. موضحاً أن هذه الأمر يمكن تغييره إذا ما قام البنك المركزي بعدد من الإجراءات الجادة.. بحيث ستقل العمولات البينة والعوائد الأخرى بمعنى أن هوامش الربح تقل.
ويشير الكبسي إلى أن أنه في ظل الحرب والحصار ينتعش التهريب حيث يتم تهريب النقود هرباً من عمولات التحويل المرتفعة فالسوق السوداء التي تأججت على مستوى البضائع والعملة والحوالات وهذا الأمر يمر عبر عمولات كبيرة تحرم منها البنوك الرسمية.
وعن علاقات البنوك التجارية مع مؤسسات التمويل الأصغر يرى الكبسي أن هناك بنوكاً تهدف إلى خلق شراكة مع مؤسسات التمويل من خلال تقديم الدعم والمساندة لها.. مشيراً إلى أن "الوطنية للتمويل" مثلاً بصدد توقيع عدد من الشراكات مع البنوك التجارية في البلد للحصول على تمويلات لبرامجنا الاستثمارية عبر المحافظ الاستثمارية التي تطرحها.
في حين أن هناك بنوكاً تدخل كمنافس لنا حيث تستهدف الأفراد والشركات في قطاع التمويل الصغير والأصغر بشكل مباشر وتريد استقطاب العملاء فهناك خطط لبعض البنوك للدخول بشكل جدي في قطاع التمويل الأصغر كمنافس.
وهناك بنوك تريد أن تكون مؤسسات التمويل جزءاً من محافظها الاستثمارية .. وفي الأخير كلما زادت المنافسة كان المستفيد هو المستثمر وبالتالي الاقتصاد الوطني أصبح وضعه أفضل.
وينبه الكبسي إلى أن هناك سوء فهم لدى القطاع المصرفي في اليمن لموضوع التمويل الأصغر حيث لازالت أغلب مؤسسات التمويل تتعامل كأنها بنوك تجارية حيث يتم التنافس على العملاء.. لكن الأمر يختلف في قطاع التمويل الأصغر فالتنافس على العميل يضر بالجميع في حين أن التنافس يجب أن يكون على الانتشار أي مناطق التواجد وليس العملاء فالمبالغ زهيدة وعوائدها ليست كما في البنوك التجارية.. بمعنى أنه يجب على كل مؤسسة تمويل أن تبحث لنفسها عن مساحة عمل جديدة كون الفئة التي تستهدفها مؤسسات التمويل الأصغر متوافرة في كل مكان لكن للأسف هناك تركز لنشاط مؤسسات التمويل داخل المدن وهذا مؤشر خطير وسوء فهم يجب ان يتم تلافيه لكي يستمر قطاع التمويل الصغير والأصغر في التطور والازدهار.
فالوضع المالي في اليمن صعب حيث أن المعايير العالمية لمبلغ التمويل كحد أدنى في "الميكرو فايننس" مايعادل ألف دولار .. لكن هذا المبلغ في اليمن مبلغ كبير خصوصاً مع الوضع العام للاقتصاد.. لذا تتجه مؤسسات التمويل اليوم نحو ما يسمى الـ"نانو فايننس" أي مبلغ أقل من 50 ألف ريال بحيث نغطي احتياجات 80%.. فالهدف الاجتماعي لقطاع التمويل الأصغر هو المحور الذي يجب التنبه له..
وعن مستقبل قطاع التمويل الأصغر يقول الكبسي إن السياسة المالية في البلد بسبب الحرب لم تتجه بعد لموضوع الدين الداخلي لتغطية النفقات والمشاريع الحكومية لكن هذا الأمر ممكن أن يبدأ في أي لحظة.. وهنا وبالتالي ستعود البنوك لموضوع أذون الخزانة ذات العوائد الكبيرة والمكلفة للدولة.. وبالتالي ستتراجع البنوك عن الالتفات لقطاع التمويل الأصغر.
لكنه يرى أن ثقافة الناس قد تغيرت بتغير العوامل الاقتصادية فلم يعد اليوم المواطن معتمداً على الحكومة حتى لو تحسنت الأوضاع... وعادت وبشكل طبيعي فهي ستتعامل بعقلية مختلفة فكل السلع والخدمات تحررت فلم تعد الحكومة تدفع فوارق وتتحمل أعباء فالمواطن مستعد لدفع ثمن ما يأخذه من سلع وخدمات.. كذلك أصبح الناس أكثر قدرة على تقليل الكلفة وقد اتجهوا إلى الطاقة الخضراء وقللوا استخدام الطاقة حتى مع الكهرباء التجارية عن طريق استخدام أدوات أقل استهلاكاً للطاقة..
المصدر مجلة المصارف- العدد 14 مارس 2021م