جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2021/05/19
غمدان عبده عون*
هناك الكثير من التشويش حول الدور الذي يسهم به قطاع التمويل الصغير والمتناهي الصغر في تنمية المجتمعات نتيجة لضعف الوعي بهذا القطاع، وصعوبة النظر إليه بنظرة الاستمرارية، حيث نشأ هذا القطاع استجابة لواقع الفقراء الناشطين اقتصاديا، سيما وأن المؤسسات المالية الأخرى لم تعمل على تلبية احتياجاتهم.
مجلة المصارف- خاص
وقد أظهرت مؤسسات التمويل الأصغر أن الفقراء متهيئون للحصول على التمويل، وأن تقديم الخدمات المصرفية لهم يمكن أن يولد ربحا، ويصبح قابلا للاستمرار، وأن أصحاب المنشآت الصغيرة والصغرى مستعدون وقادرون على دفع رسوم مقابل الحصول بسرعة وسهولة على الخدمات المالية الجيدة التصميم.
يسهم التمويل الصغير والأصغر في نمو إجمالي الناتج المحلي عندما يؤدي نمو وتطوير المنشآت الصغيرة والصغرى إلى خلق فرص عمل وزيادة دخل الأسر، وتظهر أهمية ذلك في حالات الركود الاقتصادي، وتعمل المنشآت الصغيرة على زيادة قدرة المجتمعات ذات الدخل المنخفض في الحصول بشكل أكبر على السلع والخدمات، كنتيجة لتشغيل رؤوس الأموال في مشاريع إنتاجية.
وهكذا يساعد هذا القطاع المنشآت الصغيرة والبالغة الصغر في لعب دور هام في تخفيض حدة الفقر، فتمكين هذه المنشآت من الحصول على الخدمات المالية يعد الأداة الوحيدة الأكثر فعالية في التخفيف من الفقر، وإحداث نمو اقتصادي ذي قاعدة عريضة سيما وأن أكثر من نصف مليار فقير على الأقل في العالم ناشطين اقتصاديا، ويديرون منشآت صغيرة أو متناهية الصغر؛ تساهم في استيعاب جزء مهم من العمالة الفائضة في السوق، كما يساعد تسهيل حصول الفقراء على الخدمات المالية في تخفيض العبء الواقع على الموارد العامة عن طريق تخفيض الدعم المالي لهم، وتوجيه موارد الإنفاق إلى قطاعات اقتصادية أكثر إنتاجاً.
لقد أصبح التمويل الصغير والأصغر أداة قوية معترف بها دولياً؛ لتخفيض حدة الفقر ورفع مستوى المعيشة وخلق فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي، ليتزايد اهتمام المنظمات الدولية المانحة بهذا القطاع، صاحب ذلك إهمال القطاع المالي الرسمي أكثر من نصف المنشآت الصغيرة والصغرى في البلدان النامية، رغم أن هذه المنشآت قادرة على رفع مستويات معيشة الفقراء في معظم هذه البلدان، كما أن تقلص دور الحكومات في الأنشطة الاقتصادية، والتحول نحو تنمية القطاع الخاص والقطاع المالي; جعل التمويل الصغير والأصغر جزءا من الاستراتيجية العامة؛ لتنمية القطاع الخاص، رغم أن مؤسسات التمويل الصغير والأصغر عادة ما تحظى بمستوى أدنى من الإشراف من قبل الهيئات الحكومية، باعتبار هذه المؤسسات تشكل نسبة ضئيلة من أصول النظام المالي، ومن هذا المنطلق لا بد وأن تكون مؤسسات التمويل الأصغر في صدارة برامج الإصلاح للقطاع المالي وتحديثه، فضلا عن توسيع قاعدة هذا القطاع من بنوك ومؤسسات وبرامج التمويل الأصغر ووحدات التمويل الصغير والأصغر التابعة للبنوك التجارية والتعاونيات المالية والاتحادات الائتمانية والبنوك الريفية وصناديق التوفير البريدي.
وإذا ما عرفنا بأن حجم السوق المحتمل في اليمن لتمويل المنشآت الصغيرة والبالغة الصغر تتجاوز 1.8 مليون منشآة، بحسب آخر دراسة أعدت من قبل الصندوق الاجتماعي للتنمية والمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي، ونشرت في أكتوبر 2014م؛ فإن تقديم الخدمات المالية لهذه المنشآت في اليمن؛ من شأنه زيادة دخل الأسر اليمنية وتخفيض معدلات البطالة، من خلال خلق فرص عمل جديدة، فضلا عن زيادة حجم الطلب على السلع والخدمات الأخرى كخدمات التعليم والصحة والتغذية.
وتعد تجربة التمويل الصغير والمتناهي الصغر في المنطقة العربية حديثة العهد؛ حيث بدأت في تسعينيات القرن الماضي، مقارنة ببنك جرامين في بنغلاديش، الذي تأسس في العام 1976، وإجمالاً تعد المنطقة العربية هي الأقل عالميًا من حيث عدد القروض وحسابات الودائع قياسًا بإجمالي عدد السكان، رغم الحاجة الماسة للدخول بقوة في هذه التجربة، خصوصًا مع الوضع الذي تمر به معظم البلدان العربية من عدم قدرة الحكومات على خلق فرص عمل جديدة، واتباع سياسات الخصخصة.
ويعد بنك الأمل للتمويل الأصغر في اليمن أول بنك من نوعه في المنطقة العربية يقدم خدمات مالية متنوعة لأصحاب المشاريع الصغيرة والبالغة الصغر كالتمويلات والادخارات وتحويل الأموال والدفعات النقدية والتأمينات، كما يقدم خدمات غير مالية، كالتدريب وبناء القدرات للشباب ورواد الأعمال عبر مؤسسة الأمل للتدريب وريادة الأعمال التابعة له، ولقد أثبت بنك الأمل من خلال تقديمه لخدمات مالية متنوعة أن خدمة التوفير للفقراء هي في نفس درجة أهمية التمويل لهم، وأن الفقراء الناشطون اقتصاديا يحتاجون إلى مجموعة متنوعة من الخدمات المالية؛ ليصبحوا قادرين على تطوير أنشطتهم ومشاريعهم وإدارة الظروف الصعبة التي تواجههم ..
*عضو مجلس إدارة جمعية البنوك- مساعد مدير عام بنك الأمل