جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2022/03/22
هاميش ماكراي- صحافي وكاتب في اندبندنت عربية
سيشهد هذا الأسبوع زيادة في معدلات الفائدة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. أو هذا على الأقل هو التوقع الواسع النطاق للأسواق المالية.
وتتلخص حجتها في أن المصارف المركزية ليس لديها خيار غير زيادة معدلات الفائدة في مواجهة معدل التضخم المرتفع، وأن النمو الاقتصادي متين بالقدر الكافي لدعم الخطوة.
وفي حالة الولايات المتحدة، شهد الأسبوع الماضي تضخماً في الأسعار الخاصة بالمستهلكين بلغ 7.9 في المئة، وهو أعلى معدل تضخم على مدى 40 سنة، ومهد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الطريق لأول زيادة في معدلات الفائدة منذ عام 2018، إذ قال رئيسه جيروم باول للكونغرس إنه يؤيد زيادة بنسبة 0.25 في المئة، ويلتئم مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع لاتخاذ قرار في هذا الشأن.
أما بالنسبة إلى المملكة المتحدة، فقد زاد بنك إنجلترا بالفعل معدلات الفائدة مرتين، لكن من المتوقع أيضاً أن يقوم بتحرك آخر، فالشيء الوحيد الذي قد يمنعه من رفع معدلات الفائدة هو الخوف من أن يجعل التهديد الماثل للنمو الاقتصادي من الحرب في أوكرانيا الوقف المؤقت لأي إجراء الخيار المفضل حتى يتضح الموقف أكثر، يبلغ معدل التضخم في المملكة المتحدة حالياً 5.5 في المئة، قياساً على مؤشر الأسعار الخاصة بالمستهلكين، في حين أن مؤشر أسعار البيع بالتجزئة، وهو المقياس التقليدي الذي لا يزال مستخدماً في كثير من العقود، هو 7.8 في المئة.
وهكذا، ستظل معدلات الفائدة منخفضة جداً مقارنة بالمعايير التاريخية وستظل أقل بكثير من معدل التضخم – معدل التضخم المدفوع جزئياً بارتفاع أسعار الطاقة والأغذية. وهذا يقودنا إلى سؤال صعب: ما الذي قد تفعله زيادة ربع نقطة في معدلات الفائدة لصالح خفض أسعار النفط والغاز، إذا علمنا أن المحرك الرئيسي لهذه الأسعار هو الحرب في أوكرانيا؟
الإجابة هي أنها لن يكون لها أي أثر، وهذا يؤدي بدوره إلى سؤال آخر: لماذا تُرفَع معدلات الفائدة؟ تتكون الإجابة القصيرة من جزأين: الأول أن الخطوة لا تتعلق بمعدل التضخم هذا العام – هي تتعلق بمعدل التضخم العام المقبل وما بعده، ثمة فترة فاصلة لا تتجاوز 18 شهراً بين تغيير السياسة النقدية وبين ترك التغيير أثراً كاملاً في الأسعار.
والثاني أن الخطوة تتعلق أيضاً بمعدلات تضخم الأصول، بما في ذلك أسعار المساكن. فقد ارتفعت أسعار المساكن في الولايات المتحدة بنسبة 19 في المئة تقريباً العام الماضي، في حين أن أحدث رقم خاص بالمملكة المتحدة صدر عن "هاليفاكس"، المتخصصة في قروض الإسكان، يبلغ نحو 11 في المئة.
وهناك مناقشة حقيقية فيما إذا كانت المصارف المركزية تصرفت بحكمة إذ أبقت معدلات الفائدة منخفضة إلى هذا الحد لهذه الفترة الطويلة، وأنا أعتقد بأن هذه السياسة ستدخل في كتب التاريخ الاقتصادي باعتبارها فشلاً كلاسيكياً، لكن ليس هناك كثير من المناقشة حول ما يتعين على المصارف المركزية أن تفعله بعد ذلك، فخطر تكرار الدوامة التضخمية التي حصلت في سبعينيات القرن العشرين كبير للغاية، والمسألة الوحيدة تقتصر على مقدار سرعة التحرك المطلوب.
ماذا يحدث بعد ذلك إذاً؟ خمسة أشياء. أولاً، سيبلغ معدل التضخم في معظم بلدان العالم المتقدم ذروته بنسبة تتراوح بين سبعة في المئة و 10 في المئة هذا الصيف، هذا هو المتوقع وهذا يرتبط بأسعار النفط والغاز، في المملكة المتحدة، قد يقفز مؤشر أسعار البيع بالتجزئة إلى أكثر من 10 في المئة.
ثانياً، سيقود ذلك إلى ضائقة ضخمة في كل مكان، وسيعاني من الضغوط الأكبر على مستويات المعيشة الأشخاص ذوو الدخل المحدود، سواء داخل البلدان المتقدمة أو بين العالم الغني والعالم الناشئ، وتقلقني أسعار الأغذية أكثر من أسعار الطاقة.
العام الماضي، حسبت "فيتش"، وهي وكالة تصنيف ائتماني وشركة استشارية اقتصادية، أن الأغذية تستهلك 35 في المئة من ميزانية الأسرة المتوسطة في الهند، ووفق الحكومة البريطانية، كانت النسبة أقل قليلاً من 11 في المئة للأسرة المتوسطة في المملكة المتحدة بين عامي 2019 و2020، في حين بلغت 15 في المئة لدى الأسر الأكثر فقراً، وفي الولايات المتحدة كانت الأرقام أقل قليلاً منها في المملكة المتحدة، فقد أفادت وزارة الزراعة بأن الإنفاق على الأغذية بلغ 8.6 في المئة من متوسط الدخل عام 2020.
ثالثاً، ستبذل الحكومات في كل مكان جهوداً هائلة لمحاولة تخفيف أثر التضخم، ولاسيما في الفئات الأكثر ضعفاً، وسيعلن [وزير المالية] ريتشي سوناك عن مزيد من الإجراءات في الميزانية يوم 23 مارس (آذار)، وهو مضطر إلى ذلك، لكنه أو أي شخص آخر لا يستطيع أن يفعل الكثير في ما يتصل بالأمور التي تدفع معدل التضخم، على الأقل في الأجل القريب، ولا تزال القواعد الحسابية الخاصة بالإنفاق العام سارية، فالأموال التي تُنفَق الآن على دعم الأسر هي الأموال التي لا بد من جمعها في هيئة ضرائب في وقت لاحق، أو اقتراضها من الأسواق، وفي هذه الحالة سترتفع تكاليف الاقتراض، (لقد قفزت بالفعل تكاليف خدمة الديون المرتبطة بمؤشر الأسعار الخاصة بالمستهلكين).
رابعاً، بحلول نهاية العام سيبدأ معدل التضخم في التراجع. قد لا تنخفض أسعار الطاقة كثيراً، لكنها لن تستمر في الارتفاع إلى الأبد، وما لا يمكننا معرفته هو ما إذا كان معدل التضخم سيستقر بعد ذلك إلى نسبة مقبولة تبلغ اثنين إلى ثلاثة في المئة، أو ما إذا كان سيتراوح حول خمسة في المئة، فالمستوى الذي سيستقر عنده سيحدد اتجاه معدلات الفائدة العام المقبل وما بعده.
وأخيراً، ستؤدي صدمة التضخم هذه إلى تغييرات ضخمة في الاقتصاد العالمي، فالاستثمار في الطاقة المتجددة سيكون أكبر كثيراً؛ وستُبذَل جهود أكبر لتحقيق مزيد من الاعتماد الذاتي في مجال الأغذية حيثما أمكن؛ ومزيد من الحفاظ على الموارد؛ وتغيرات في أسلوب الحياة؛ وتغيرات في طريقة توفيرنا للمال – وما إلى ذلك، وفي نهاية المطاف، ستتبدد هذه القفزة في معدل التضخم، لكن السنة المقبلة ستكون صعبة.