جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2022/06/15
بقلم/ نبيل الشهالي*
ــــــــــ مع تزايد التطور التكنولوجي وتأثيراته على كل أمور حياتنا ومع التغير في أنماط المستهلكين وتطور احتياجاتهم، ومع زيادة حدة المنافسة في السوق، زاد الضغط على البنوك اليمنية لأن تلحق بهذا الركب وتدخل سوق المنافسة لتقدم خدمات مصرفية قائمة على التكنولوجيا كونها السبيل الأمثل في الوقت الحالي لجذب العملاء وتسهيل تنفيذ عملياتهم المصرفية في أي وقت وأي مكان وتنفيذها بشكل أسرع دون الحاجة للحضور الى فرع البنك لتنفيذ المعاملات المالية وبذلك تكون البنوك قد أصبحت في السياق الصحيح من المنافسة.
وقد لاحظنا في الفترة الأخيرة أن البنوك في اليمن والمؤسسات المالية وشركات الصرافة هبت وعلى نطاق واسع لتلبية احتياجات العملاء والإسراع في تقديم خدمات إلكترونية بمزايا مختلفة ، وقد سعت كل مؤسسة مالية إلى تسهيل تقديم الخدمة المصرفية لعملائها بمزايا متنوعة لكسب أكبر عدد من العملاء والمتعاملين وللاستحواذ على حصة سوقية أكبر من المنافس الآخر في سوق الخدمات المصرفية وهذا شيء إيجابي كون المنافسة التي تؤدي الى تعزيز جودة الخدمة المصرفية وتقديمها بأفضل وسيلة للعملاء هو أمر إيجابي ومحمود .
وقد ساعدت أزمة السيولة التي تتعرض لها البنوك منذ 7 سنوات ، وعدم توفر الأموال لمنح الائتمان، واتجاه العملاء للتعامل مع شركات الصرافة التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإلكترونية في تنفيذ المعاملات المالية للعملاء ، بالإضافة الى الضغوط التي تمارس على الإدارات التنفيذية من قبل مجالس إداراتها نحو ضرورة الحفاظ على العملاء وتقديم حزمة خدمات مصرفية تبقي العملاء متعاملون مع المصارف دون تسربهم للمنافسين، ساهمت كل هذه المتغيرات الداخلية والخارجية من حدة الضغوط على البنوك لأن تنفتح على التكنولوجيا بشكل كبير وتقدم خدمات إلكترونية مثل خدمة ( المحفظة الإلكترونية، خدمة الإنترنت المصرفي، فتح الحسابات أونلاين، تقديم خدمة البطاقات التي تتيح الشراء من الإنترنت، التوسع ، والانتشار من خلال شركات الصرافة للوصول للعملاء الى جميع مناطق الجمهورية) وغيرها من الخدمات والقنوات التي لم تكن لتقدم من قبل البنوك من فترات سابقة بهذا الانفتاح الكبير والمنافسة الشرس.
ــــــــــ وعلى سبيل المثال يشهد السوق اليمني اليوم منافسة شرسة في تقديم خدمة المحفظة الإلكترونية لدرجة أنه أصبح في السوق اليمني ما يقارب من 8 محافظ إلكترونية live وهي ( محفظتي، إم فلوس، بيس، فلوسك، موبايل موني، كاش، سبأ كاش، شامل موني، ون كاش ...الخ ) وتبقى 5 محافظ إلكترونية مرخصة من البنك المركزي وتنتظر إشارة الإطلاق للسوق أيضا .
وما نريد أن نؤكد عليه في هذا المقال أنه مثلما للتقدم التكنولوجي وانفتاح البنوك على الخدمات الإلكترونية منافع وإيجابيات فإن لها تحديات ومخاطر ، والتي يجب على البنوك أن تضعها نصب أعينها في هذا الوقت والسنوات القادمة لكي تقدم الخدمة للعملاء بأقل قدر من المخاطر وبأقل حجم من التأثيرات ، وبداية يجب أن نتفق جميعا أنه لا يمكن تقديم خدمة مصرفية قائمة على التكنولوجيا بصفر مخاطر Zero Risk ، حيث أن هذا لن يكون ولن يحدث والبنك الذي يرغب بتقديم خدمة مصرفية إلكترونية للعملاء بدون مخاطر وبدون توقع خسائر مباشرة أو غير مباشرة فعليه التوقف عن تقديم الخدمة المصرفية من الآن دون الخوض في هذه المغامرة.
ــــــــــ ويجب أن تتوقع البنوك منذ اليوم الأول لتقديم خدماتها المصرفية الإلكترونية حدوث مخاطر وأحداث واختراقات للعملاء واختراق للتطبيقات وستستقبل البنوك شكاوى عديدة في الأيام القادمة من العملاء يشتكون من اختراق حساباتهم وجوالاتهم وسحب أرصدتهم وأن هناك متطفلون وصلوا لحساباتهم واستخدموا أجهزة العملاء لتنفيذ معاملات مصرفية دون إذنهم، وأيضا قراصنة محليين أو خارجيين هكروا حساباتهم وسرقوا معلوماتهم ... الخ من هذه المخاطر التي سنسمعها في الأيام القادمة.
وكل هذا الأحداث ستكون متوقعة ومن الطبيعي ان تحدث وتتعرض الخدمات المصرفية الإلكترونية لهذه المخاطر التي لها أسباب كثيرة وعوامل متعددة ويمكن تصنيف هذه المخاطر الى نوعين :
النوع الأول:- مخاطر متأتية من العملاء أنفسهم :- وهذه المخاطر في الغالب تكون ناتجة عن سوء استخدام الخدمة من قبل العملاء، إهمال منهم لعدم حفظ كلمة السر ورمز المستخدم في أماكن آمنة، حسن النية الزائد التي يتميز به العملاء في السوق اليمني، تزويد المتطفلين بمعلومات حساباتهم عبر اتصالات أو عبر روابط ترسل لهم في وسائل التواصل الاجتماعي ، وهذه المخاطر في الغالب يتحمل مسئوليتها العميل بنسبة 100% .
النوع الثاني مخاطر متأتية من البنوك :- وهذه المخاطر مصدرها البنوك وتتمثل هذه المخاطر في ضعف التطبيقات والقنوات الإلكترونية التي تستخدمها البنوك ، ضعف جوانب الأمان في البنية التحتية لدى البنوك، لأمر الذي قد يمكن القراصنة من تهكير هذه التطبيقات وإحداث الضرر فيها ، كما تحدث هذه المخاطر بسبب عدم توفر وسائل الأمان الكافية أو التنازل عن عوامل الأمان في التطبيقات التي تقدمها البنوك للعملاء عند استخدام الخدمة المصرفة بحجة تسهيل الخدمة لهم، وفي حال حصلت مثل هذه المخاطر فإن البنوك ستتحمل مسئولياتها وتتحمل خسائرها وسيكون لزاما عليها أن تعزز جوانب الأمان لديها في جميع التطبيقات والقنوات الإلكترونية التي تستخدمها لتقديم الخدمة المصرفية.
ومن هنا فإننا يمكن أن نورد عدد من الإجراءات الوقائية التي على البنوك العمل عليها لتخفيض المخاطر التشغيلية الناتجة عن استخدام هذه الخدمات من أجل تقديم الخدمات المصرفية بأمان وهذه الإجراءات هي :-
1- على البنوك والمؤسسات المالية أن تحدد مسبقا حدود مقبولة للمخاطر يجب أن تقبل بها نظير تقديمها هذه الخدمات (Risk Appetite ) حتى لا يُظلم أحدا من الموظفين القائمين على الخدمة أو تضطر البنوك لتوقيف الخدمة .
2- يجب أن يكون لديها أنظمة مراقبة لمراقبة العمليات المالية المشبوهة وعليها أن توثق الأحداث وتعمل على ردم الفجوات وتغطية الثغرات وتتعلم من الدروس والأخطاء بشكل مستمر لتجنبها في المستقبل.
3- على البنوك تطبيق ال2FA المصادقة الثنائية ( Two- Factor Authentication ) في جميع خدماتها المصرفية للوصول الى الحساب من قبل المستخدمين من أجل حماية حسابات المستخدمين ولا يجب أن تتنازل عن عوامل الأمان تحت ضغوط تسهيل استخدام الخدمة المصرفية.
4- يجب تثقيف العملاء بشكل مستمر حول جوانب الأمان، وحثهم على عدم مشاركة متغيرات الدخول للحساب وعدم حفظها في مكان واحد، وعدم الرد على المتطفلين، وتكون التوعية من خلال نشرات تثقيفية ، من خلال موظفي تقديم الخدمة في الفروع، من خلال وسائل التواصل الاجتماعية ، من خلال رسائل SMS وغيرها.
5- على البنوك متابعة التقدم التكنولوجي واستخدام أفضل وسائل الأمان في الخدمات المصرفية، تدريب الكوادر وتأهيلهم ليكونوا متابعين كل جديد وعكسه على هذه الخدمات.
هذا ما يجب أن تقوم به البنوك للحفاظ على موثوقية الخدمة المصرفية في أوساط العملاء ولحماية العملاء أيضا ولتقدم السوق المصرفي اليمني.
*مدير المخاطر - بنك التضامن
للمزيد من مقالات ومقابلات افتح الرابط
https://yemen-yba.com/category/articles_interviews