جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2022/10/04
محمود قائد ناجي*
يصعب علينا في هذا العصر أن نتخيل أن يكون هنالك من لا يزال يتساءل أو يشكك في أهمية الدور الذي تلعبه البنوك في دفع عجلة النشاط الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، وما إذا كانت الموارد التي تحشدها تذهب في الاتجاه الصحيح.. في حين أن الحركة الاقتصادية النشطة والتطور العمراني والتكنولوجي المتسارع، ما هو إلا نتاج للتفاعل بين عدد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، التي يأتي النشاط المالي والمصرفي في مقدمتها.
ولو أننا افترضنا جدلا، أن البنوك غير موجودة فسنواجه العديد من التساؤلات لعل أهمها هو: أين سنجد مصادر التمويل الكافية، التي تمكننا من إقامة مشاريع البنية التحتية ومشاريع الخدمات الأساسية كالطرقات والكهرباء والماء، التي يتطلب تنفيذها مبالغ ضخمة من الأموال.. ومن هي الجهة التي يمكنها أن تحوز على ثقة المدخرين الأفراد، وتجمع منهم كل تلك المبالغ، وتوجهها لتنشيط حركة الاقتصاد، وتمكين المستثمرين من تنفيذ المشاريع الكبيرة.
وهنا تبرز أهمية التوضيح أن دور البنوك لا يقتصر على حشد المدخرات وتمويل المشروعات، وهو ما يسمى بالوساطة المالية، بل يتعداها إلى وضع الأنظمة والآليات الكفؤة، التي تضمن الحفاظ على تلك الأموال والاستغلال الأمثل لها.
كما أن بناء الثقة وحشد الموارد والتوظيف الآمن لها هي مهمة صعبة يستحيل على الأفراد أو المنشآت الفردية القيام بها، ولكي تتمكن البنوك من حشد تلك الموارد من مدخرين أفراد يعدون بالملايين، كان على البنوك أن تقدم حوافزا جذابة لهم على شكل فوائد أو نسب من الأرباح.
ولتغطية تكلفة جمع الأموال وتكاليف إدارة المخاطر المصاحبة لعملية الإقراض، تقوم البنوك باستيفاء نسبة فائدة بسيطة من المستثمرين (المقترضين من البنوك) لقاء تلك الخدمة، أي أنها عملية تعاونية وتكافلية بين ثلاثة أطراف هم: المدخرون الأفراد، والبنوك والمستثمرين، وليس فيها استغلال لطرف من طرف آخر، بل إنها تحقق قيمة اقتصادية مضافة تستفيد منها كل تلك الأطراف، إضافة إلى ما تحققه من عوائد اجتماعية تتمثل في خلق فرص عمل متجددة، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
ولذلك نستطيع القول إن النظرة الخاطئة للبنوك وربطها باستغلال حاجة المقترض، قد نتجت عن النظرة القاصرة لها والمعرفة المحدودة بوظائفها ودورها في دعم الاقتصاد الوطني، وتقزيم مفهوم الوساطة المالية ومفهوم البنوك إلى كيانات ينحصر دورها في تقديم القروض الشخصية للمحتاجين ولا شيء غير ذلك.
ولقد تطورت وظيفة الوساطة المالية وتوسع مداها على مر العصور، وأصبح العالم اليوم ينظر لها كعامل أساسي لا غنى عنه لتغذية شريان النشاط الاقتصادي، وزيادة دخل المواطن وتحسين مستوى معيشته، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك اليمنية - رئيس تحرير مجلة المصارف*
افتتاحية مجلة المصارف العدد (23) سبتمبر 2022م