جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2022/11/05
على عكس البنوك الخليجية الأخرى، لم يرفع بنك الكويت المركزي الفائدة لتتماشى مع الزيادة التي أعلنها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يوم الأربعاء الماضي، البالغة 0.75 في المئة، ولا تربط الكويت عملتها بالدولار مثل الدول الخليجية الأخرى، بل لديها سلة من العملات، لكن الخبراء يرجحون أن الدولار يشكل نسبة كبيرة من تلك السلة.
مسار مخالف
وهذه ليست المرة الأولى التي يخالف فيها "المركزي الكويتي" مسار رفع الفائدة الأميركية، فمنذ بدء سيناريو رفع الفوائد الأميركية في مارس (آذار) الماضي، كان رفع الفائدة في الكويت يأتي أقل بربع أو نصف نقطة مئوية، فمثلاً، رفع "الاحتياطي الفيدرالي" الفائدة بـ0.5 في المئة في مايو (أيار) الماضي، بينما زادها "المركزي الكويتي" بـ0.25 في المئة، ثم لاحقاً بدأ "الاحتياطي الفيدرالي" سلسلةً من رفع الفوائد بنسبة 0.75 في المئة لأربع مرات متتالية منذ شهر يونيو (حزيران) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وفي كل من هذه المرات كان "المركزي الكويتي" يزيد الفائدة بنسبة 0.25 في المئة فقط.
رفع مفاجئ
لكن "المركزي الكويتي" فاجأ الأسواق في شهر أغسطس (آب) الماضي، برفع الفائدة 0.25 في المئة منفرداً، ورجحت الأسواق السبب إلى الفارق الذي أصبح بين الدينار والدولار، والذي قد يدفع المستثمرين والمودعين لتحويل أموالهم نحو الدولار للحصول على فائدة أعلى، وقد وصلت الفائدة على الدينار إلى ثلاثة في المئة، بينما أصبحت أربعة في المئة على الدولار.
اطمئنان مركزي
وفي بيان نشره "المركزي الكويتي" الأربعاء الماضي بعد رفع الفائدة الأميركية، قال إن "البيانات والمعلومات الاقتصادية والمالية المحلية المتوافرة لديه لا تزال تعكس استمرار سلامة ومتانة أوضاع الاستقرار النقدي والاستقرار المالي في دولة الكويت"، ويحاول "المركزي الكويتي" أن يؤكد تمايز الوضع الاقتصادي في الكويت عن نظيره في الولايات المتحدة، ففي وقت الذي تحارب فيه واشنطن التضخم الذي تجاوز ثمانية في المئة، يبدو الواقع مختلفاً في الكويت بحسب بنكها المركزي، إذ يقول إن معدل التضخم تباطأ من أعلى معدل له في أبريل (نيسان) 2022 البالغ نحو 4.71 في المئة، حتى وصل إلى نحو 3.19 في المئة خلال شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي.
نمو الودائع
وهناك أمر آخر يرتكز عليه "المركزي الكويتي" في شعوره بالاطمئنان حيال عدم مجاراة رفع الفائدة الأميركية، ألا وهو توزيع الودائع لدى البنوك الكويتية. فقد شكلت ودائع القطاع الخاص بالدينار الكويتي ما نسبته 95.4 في المئة من إجمالي ودائع القطاع الخاص في نهاية سبتمبر الماضي.
أما من ناحية النمو ما بين الودائع والقروض، فقد كانت متقاربة بحسب بيانات "المركزي"، ما يجعله غير متخوف من سيناريو نقص السيولة في البنوك، وعدم حاجته إلى التدخل وضخ السيولة في سوق "الأنتربنك"، فقد سجلت أرصدة ودائع المقيمين لدى الجهاز المصرفي نمواً بنحو 5.2 في المئة في نهاية سبتمبر 2022 مقارنةً مع نهاية عام 2021، فيما سجلت أرصدة التسهيلات الائتمانية (للمقيمين وغير المقيمين) نمواً بنحو 7.9 في المئة خلال الشهر ذاته مقارنةً مع نهاية العام الماضي.
التدخل في الوقت المناسب
لكن "المركزي الكويتي" يترك في بياناته دائماً إشارة الى قدرته على التدخل في الوقت المناسب، فقال إنه حريص على "تفعيل الأدوات المتاحة لديه كافة وتعزيزها في سبيل تحقيق أهدافه، بما في ذلك عمليات التدخل في السوق النقدية لتنظيم مستويات السيولة".
ولدى النظام المصرفي الكويتي ودائع ضخمة تتجاوز 110 مليارات دولار (34 مليار دينار)، بينما ودائع القطاع الخاص بالعملات الأجنبية تبلغ نحو ستة مليارات دولار، وهو ما يوضح سبب عدم تسرع "المركزي" في اللحاق بالفائدة الأميركية.
هيكل الودائع المريح
ولفهم أكثر لطبيعة هذه الودائع، فإن ثلثها تقريباً من دون فائدة، وتمثل الحسابات الجارية وحسابات التوفير، وهو ما يعطي للبنوك المحلية هامشاً كبيراً للتحرك، ويترك "المركزي" مرتاحاً لوجود سيولة ضخمة لدى البنوك غير مستخدمة أو مطلوبة.
وقال المدير المالي لـ"بنك الكويت الوطني" صني بهاتيا، رداً على سؤال في مؤتمر للمحللين، إن سعر الخصم (فائدة الإقراض) ارتفع بنسبة 1.5 في المئة منذ مارس (آذار) المنصرم، ليصل حالياً إلى ثلاثة في المئة، ومع ذلك زاد منحنى فائدة الودائع خصوصاً للآجال البعيدة، وعلى سبيل المثال، ارتفع سعر الفائدة على الودائع لأجَل ثلاثة أشهر بأكثر من 2.25 في المئة والودائع لأجل ستة أشهر بأكثر من 2.5 في المئة، بينما يعاد تسعير الودائع طويلة الأجل بأسعار أعلى بكثير من سعر الخصم.
وعلى رغم رفع الفائدة، قال المدير المالي لـ"بنك الكويت الوطني" في مؤتمر المحللين، إن حسابات التوفير والحسابات الجارية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام شهدت زيادة ملحوظة.
سعر الصرف
الأمر الأخير الذي يريح "المركزي الكويتي" هو سعر الصرف المستقر نسبياً للدينار مقابل الدولار مقارنةً مع العملات العالمية، فقد ارتفع مؤشر الدولار الأميركي الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام بقية عملات العالم بنسبة 15 في المئة منذ بداية العام، بينما لم يتراجع سعر صرف الدينار الكويتي مقابل الدولار خلال الفترة نفسها سوى بنسبة اثنين في المئة فقط.
اندبندنت عربية