جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2022/11/14
أكد مؤسس مركز التنافسية العالمي ستيفان غاريلي – الذي يشغل أيضا منصب أستاذ فخري في جامعة لوزان – أن الأزمة الاقتصادية العالمية تتكون من مجموعة أزمات، مشيراً إلى أن تحديد هذه المشكلات الاقتصادية يمثل نصف الحل، بينما يرتبط النصف الثاني بالمدة التي ستستغرقها هذه الأزمات، حسب تحليل اقتصادي نشره في صحيفة «لوتون» السويسرية.
1- التضخم: ما بين سنة ونصف السنة وسنتين
لا يزال التضخم يشكل مصدر القلق الرئيسي في الوقت الحاضر، إذ تصل نسبته إلى +٪10.7 في أوروبا و+ ٪8.2 في الولايات المتحدة. وتعتمد الفترة التي سيدوم فيها التضخم على المدة التي يستغرقها ارتفاع أسعار الفائدة. وتظهر التجربة أيضاً أن تأثيره يستمر إلى ما بعد الأسباب التي أدت إلى ارتفاعه.
ففي أوروبا تسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء في التضخم، الذي ينتظر أن يرتفع كذلك بسبب زيادة الرواتب والتوقعات التضخمية، إذ يشكل هذان العاملان حلقة مفرغة يصعب كسرها.
والتضخم هو تسارع ارتفاع الأسعار.
ويرى غاريلي أنه مثل طائرة تنتهي من مرحلة إقلاعها، ثم تتوقف على ارتفاع. وقد ينخفض معدل التضخم إلى ما دون %2، لكن الأسعار ستظل مرتفعة لفترة طويلة.
2- فترات الركود: من 6 إلى 18 شهراً
شهدت أكثر من 15 دولة بالفعل ربعا سلبيا واحدا على الأقل منذ بداية العام، بما في ذلك الاقتصادات الكبيرة، مثل الولايات المتحدة أو الصين أو المملكة المتحدة أو ألمانيا.
وفي هذه المرة وهي فترة الركود السادسة، سيصبح كل شيء معقداً، وفق غاريلي، لأنها المرة الأولى التي ستراهن فيها البنوك المركزية على أن الهبوط «الناعم» يمثل مخاطرة يجب القيام بها، للسيطرة على التضخم. لذلك سوف يستمرون في رفع أسعار الفائدة لديهم بقوة، لكن الجميع يعلم أن هذا لعب بالنار.
غير أن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن فترات الركود ضرورية لتطهير السوق من الشركات ذات الأداء الضعيف. فبعد الإعانات المالية خلال أزمة كورونا، تم الإبقاء على العديد من الشركات على قيد الحياة بشكل مصطنع لتصبح أقرب إلى شركات زومبي. ويعتقد غاريلي أن فترات الركود غالباً ما تكون أوقاتاً لإعادة اختراع نماذج الأعمال وإنشاء أعمال مبتكرة على المدى الطويل.
3- نقص الإمدادات: 6 أشهر
يؤكد الخبير أن الأسواق بصدد التكيف مع الوضع العالمي. فأسعار الغاز الطبيعي انخفضت بنسبة % 75 منذ شهر أغسطس نتيجة عمليات الشراء بالجملة، فاحتياطيات الغاز تجاوز حجمها %90 في أوروبا وحركة السفن تباطأت بسبب اكتظاظ الموانئ الأوروبية، بينما انخفض سعر نقل حاوية من شنغهاي إلى شمال أوروبا بنسبة ٪50 هذا العام، كما انخفض سعر برميل النفط إلى ما دون 100 دولار.
وأظهرت أزمة كوفيد 19 أن تنسيق الدول لسياساتها وأعمالها وتقنياتها ومهاراتها يساهم في حل أكثر المشكلات خطورة، فإذا استغرق الأمر عامين للعثور على لقاح ثم توزيعه، فسوف تستغرق عملية إعادة توجيه سلاسل التوريد وقتا أقل.
4- عودة السياسات الصناعية: 5 أعوام
ينص قانون أشباه الموصلات الأميركي الجديد على استثمارات بقيمة 280 مليار دولار لإعادة التقنيات المتطورة إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك – ووفقاً لغولدمان ساكس – فإن افتتاح مصنع لتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، سيكون أكثر تكلفة بنسبة ٪44 من شرائه من تايوان. كما قامت ألمانيا بتأميم «يونيبر» أكبر مستورد للغاز في البلاد، بينما أممت فرنسا شركة EDF التي تعد أكبر شركة لإنتاج وتوريد الكهرباء في العالم.
5- قيود الوصول الى الأسواق: يستغرق وقتاً طويلاً
يتوقع الخبير السويسري أن تصبح العولمة الميدان الذي ستلعب فيه الكتل السياسية، إذ سيتم تحديد النشاطات في الاسواق المحلية والسيطرة عليها بشكل متزايد من قبل الحكومات التي ستفرض عليها قواعدها الخاصة وفي حال اندلاع أي نزاع، ستكون هناك فرص أقل للجوء إلى المؤسسات الدولية او إلى إجراءات تحكيم ولن يتم ضمان أمن أي استثمار بعد الآن.
وأما على المدى الطويل، فتسيطر القومية الاقتصادية، كما أن الأنظمة الاستبدادية لن تعتبر الاقتصاد أولوية، ففي العديد من البلدان، سيشعر رجال الأعمال والشركات الدولية بالخوف، فنزيف المواهب في روسيا، وهروب رجال الأعمال وانهيار أسواق الأسهم بعد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، كلها علامات على وجود مشكلة عميقة.
ويرى غاريلي أن الدول الغربية ليس أمامها سوى استعادة السيطرة على القرارات الاقتصادية الكبرى لمواجهة هذا الاضطراب الجيوسياسي، والتفكير في افضل الطرق لتعزيز كفاءة الاقتصاد والتعامل مع الحكومات التي تتزايد قوتها والانتباه جيداً للحلول التي انتهى اليها الهنود، الذين يرددون دوما بأن اقتصادهم يزدهر ليلا حين تنام الحكومة.
القبس