جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2022/11/21
عدل الاقتصاديون توقعاتهم لاحتمالات الركود في دول منطقة اليورو بالإيجاب في ضوء انخفاض أسعار الطاقة بالجملة في السوقين العالمية والأوروبية، وأيضاً اعتدال الطقس بشكل عام خلال فصل الخريف، كما أن الدعم المالي من المفوضية الأوروبية وحكومات دول اليورو للاقتصاد بشكل عام أسهم في تحسين الوضع.
مع ذلك تظل التوقعات بانكماش الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو في الأشهر المقبلة، وإن كانت تقديرات السوق والاقتصاديين أصبحت أقرب إلى التقديرات الرسمية الصادرة عن المفوضية الأوروبية.
وحسب أرقام المفوضية، ينتظر أن ينكمش الاقتصاد في دول اليورو بنسبة 0.5- في المئة في الربع الأخير من هذا العام وبنسبة 0.1- في المئة في الربع الأول من العام المقبل 2023.
ونتيجة الأداء المعقول للاقتصاد الأوروبي في الربع الثالث عدلت مؤسسة "كونسنسيس إيكونوميستس" تقديراتها لنمو الاقتصاد في دول منطقة اليورو هذا العام إجمالاً ليصبح عند 3.2 في المئة. ويعد ذلك رفعاً لتوقعات الاقتصاديين السابقة التي كانت عند نسبة نمو 2.7 في المئة لهذا العام 2022.
ويشير توافق توقعات القطاع الخاص مع التقديرات الرسمية لأداء الاقتصاد الأوروبي إلى أن أوروبا ربما تتفادى الركود العميق هذا الشتاء الذي كان مقدراً سابقاً. وتنقل صحيفة "الفايننشيال تايمز" عن سوزانا ستريتير من شركة "هارغريفز لانسداون" لإدارة الأصول قولها "من المحتمل ألا يكون الركود في منطقة اليورو عميقاً كما كان يخشى من قبل... وقد تتفادى المنطقة أزمة طاقة واسعة وكبيرة هذا الشتاء".
تحسن طفيف
لكن توقعات تفادي الركود العميق لا تعني أن اقتصاد منطقة اليورو استعاد عافيته بعد، لكنه يظل أقرب في أدائه إلى الاقتصادات الرئيسة مثل الاقتصاد الأميركي مثلاً، وأفضل بكثير من اقتصادات أخرى مثل الاقتصاد البريطاني الذي دخل في مرحلة ركود بالفعل.
كان قطع روسيا إمدادات الغاز الطبيعي لأوروبا عبر خط الأنابيب "نورد ستريم 1" في الصيف زاد من المخاوف بأن أوروبا قد لا تستطيع تعويض فاقد الطاقة مما يزيد من عمق التراجع الاقتصادي، لكن اعتدال الطقس هذا الخريف، بخاصة أن شهر أكتوبر (تشرين الأول) كان الأكثر اعتدالاً بالمعايير الموسمية، جعل استهلاك الطاقة ينخفض في أوروبا.
نتيجة عدم البرودة الشديدة في الأشهر الأخيرة تمكنت الأسر والمصانع والشركات من التوفير في استهلاك الطاقة، مما سمح لغالب الدول الأوروبية بأن تملأ مخزونات الغاز الطبيعي لديها بشكل يقترب من الاكتمال.
وحسب الأرقام التي أصدرتها شركة "إنتسو أي داتا" انخفض استهلاك الغاز في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في الاقتصادات الرئيسة في منطقة اليووو "وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا" بنسبة 30 في المئة عن متوسط الاستهلاك في هذا الوقت من العام في الفترة من 2017 إلى 2021.
ونتيجة ذلك انخفضت أسعار قطاع الجملة في أوروبا بشكل واضح، مما ساعد على تفادي الركود العميق في الاقتصاد، ذلك على رغم ارتفاع معدلات التضخم في منطقة اليورو فوق مستوى 10 في المئة، كما أعلن مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات" الأسبوع الماضي.
تفاؤل حذر
في أعقاب قطع إمدادات الغاز الروسية عن أوروبا، قدر المحللون في السوق ارتفاع أسعار الطاقة وبنوا توقعاتهم للركود الاقتصادي على هذا الأساس. وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي توقع هولغر شميديغ، كبير الاقتصاديين في "برينبيرغ بنك" انكماش الاقتصاد الأوروبي بنسبة 2.1- في ثلاثة أرباع العام حتى منتصف العام المقبل 2023.
كان ذلك استناداً إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى 220 يورو (225 دولاراً) للميغاواط في الساعة. ومنذ ذلك الحين واصلت أسعار الغاز بالجملة في الأسواق الأوروبية الانخفاض بأكثر من النصف إلى ما دون 110 يورو (112 دولاراً) للميغاواط في الساعة، بالتالي عدل شميديغ توقعاته للانكماش الاقتصادي في الفترة المذكورة إلى نسبة 1.6- في المئة.
كما عدل بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري توقعاته لانكماش اقتصاد منطقة اليورو في تلك الفترة إلى نسبة 0.7- في المئة من توقعاته السابقة عند انكماش بنسبة واحد في المئة. ويقول سفين جاري ستين من بنك "غولدمان ساكس" إن تراجع مخاوف تقنين استخدام الطاقة وحدوث انقطاعات إضافة إلى الدعم الحكومي أدت إلى "ركود ضحل".
كان اقتصاد منطقة اليورو حقق نمواً بنسبة 0.7 في المئة في الربع الثالث من هذا العام وبنسبة 0.2 في المئة للربع الثاني منه. وهذا ما جعل غالب الاقتصاديين يراجعون توقعات الانكماش في الربع الرابع من هذا العام والربعين الأولين من العام المقبل.
لكن غالب تلك المؤسسات والشركات الاستثمارية أبقت على توقعاتها بانكماش اقتصاد منطقة اليورو في العام المقبل 2023، مع استمرار المخاوف من أن تشهد أوروبا أزمة طاقة الشتاء المقبل بأكثر مما هو الحال هذا الشتاء.
ففي حال استمرار توقف إمدادات الغاز الروسية، وحتى مع توفير أوروبا بدائل من مصادر أخرى في الشرق الأوسط وأميركا، لن يكون من السهل إعادة ملء المخزونات الأوروبية قبل الشتاء المقبل. وهذا ما جعل التوقعات بالانكماش الاقتصادي في منطقة اليورو يتم تعديلها لتكون بنسب أقل لكنها تظل انكماشاً وليس نمواً.
اندبندنت عربية