جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2023/10/09
بقلم الأستاذ/ توفيق حنيش
- إستونيا هي الدولة الرقمية الأولى في العالم ، من قرأ عن هذه التجربة لماذا نجحت واستقرت وتتقدم ؟ هنالك عوامل كثيرة أدت الى النجاح ولكن سنتكلم عن العامل الأساسي .
- إقليميا تسير على خطاها المملكة العربية السعودية الى درجة أنه في كل أسبوع يطلقون خدمة حكومية أو خدمية مرتبطة بالتحول الرقمي وبسلاسة ملفتة ! لماذا وما هو العامل المشترك بين التجربتين ؟ سنتحدث أيضا عن نفس العامل المشترك.
- لا يظن أحد أن التحول الرقمي هو مجرد محفظة الكترونية وقراءة البار كود والتحويل بين الحسابات وتسديد الفواتير واستلام حوالة ! لو كان كذلك فإن اليمن هي رقم واحد في العالم حيث يوجد فيها ما يربو على عشر محافظ الكترونية وهناك درزن آخر قادم ونفقات تخدم هذه المحافظ العقيمة بملايين الدولارات .
- دعونا نذهب الى العامل الأساسي رقم واحد وإن سنح المجال سنتحدث عن العامل رقم اثنين ، العامل رقم واحد هو الـ Pre-Printed Forms
نعم هذا هو العامل رقم واحد وهو بحد ذاته علم وبرنامج من عدة مشاريع غاية في الدقة والحساسية والتقنية العالية .
- لكي تتضح الصورة سأضرب لكم هذا المثال ( أنت كرب عائلة مثلا تسمى في هذا المفهوم Actor وكل خدمة أو معاملة أو حركة أو حدث يحتاج إلى إدخال بيانات معينة عنك يسمى Use Case كل واحدة منها تحتاج الى أنك تدخل بياناتك الشخصية وفقا للحالة والخدمة )
- تكرار إدخال البيانات في كل Use Case. هو الخطوة الأولى التي يجب أن تتخلص منها المؤسسة والدولة والمجتمع الذي يريد أن يتحول رقميا ، عندما تريد قطع جواز أو تدخل المستشفى أو تشتري سيارة أو تؤمن عليها أو تشتري شريحة اتصال أو تسجل في حضور منتدى أو مؤتمر وعندما تريد فتح حساب في البنك أو الحصول على بطاقة دفع ، تسجل ابنك بالجامعة ، أو أو الى آخره فإنك في كل مرة تكتب بياناتك الأساسية نفسها وفي كل حالة حسب الخدمة تزيد أو تنقص البيانات .
- وماذا بعد ؟ كل فرد من عائلتك هو أيضا Actor ويحتاج الى كثير جدا من الـ Use Cases وفي كل واحدة منها يحتاج الى كتابة سيل من البيانات المملة والمكررة .
- الاستثمار الأساسي والغير مكلف لوضع حجر أساس التحول الرقمي هو استراتيجية الـ Pre-Printed Forms ، بحيث تقوم الدولة والمؤسسات المخولة بإنشاء قاعدة بيانات مهولة وموثوقة ومؤمنة يتوفر فيها كل نماذج البيانات لكل Actor Type ولكل Possible Use Case ويكون هناك فريق برمجي متمكن لإدارة وبرمجة هذه القاعدة وتطبيق ما يسمى الـ Normalization عليها بحيث تحل تماما مشكلة التكرار وعدم التناسق وتطبق معايير الحماية والخصوصية عليها وفقا للقوانين .
- تسن القوانين والتشريعات والسياسات للتعامل مع هذه النماذج المصممة مقدما وتوضع في وعاء كبير يسمى بحيرة البيانات الموحدة، وهذا مجال يحتاج منشور لوحده ، تستخدم تقنيات حديثة جدا ورائعة لتحقيق هذا البند وكل ما تحتاجه كبلد هو مركز وطني للمعلومات أو مركز بحوث إدارة البيانات أو حتى مركز تطوير للبيانات في وزارة الخدمة المدنية والسجل المدني ، وتحتاج إلى فريق كبير من محللي البيانات Data Analysts ليقوموا بتصميم نماذج البيانات وربطها وظيفيا ومنطقيا ببعضها ووضع التقنيات التي تحفظ تناسقها وعدم حذفها أو تعديلها .
- تعمم هذه النماذج المصممة مسبقا على كل أطراف الخدمة سواء حكومية أو مؤسسات قطاع خاص وفقا للقوانين ووفقا لسياسة الإفصاح التي يختارها الـ Actor وتصبح ملايين الـ Use Cases متاحة لكل من يريد تقديم خدمة رقمية، أكان مصرفا أو مستشفى أو جامعة ، وغيرها ويتم فقط إدخال البيانات المتغيرة