جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2023/12/26
اندبندنت عربي
شهد العام الـ14 على ظهور سوق العملات الرقمية عديداً من الأزمات التي تحولت إلى فضائح وإفلاسات وانهيارات ومشكلات تنظيمية، لكن في الوقت نفسه ربما يكون عام 2023 هو الأفضل على الإطلاق في تاريخ هذه الصناعة. وبسبب الأزمات التي شهدتها السوق ارتبط اسم سوق الـ"كريبتو" بالاحتيال، وبرزت أسماء ضخمة في عديد الملفات المتعلقة بالاحتيال مثلاً سام بانكمان فرايد، وتشانغبينج تشاو، وأليكس ماشينسكي، وعلى نحو أقل بروزاً، هيذر رازليخان مورغان وإيليا ليختنشتاين (المعروفين أيضاً باسم "بيتكوين بوني وكلايد").
وعلى رغم كل هذه الأخبار السيئة حققت الصناعة الناشئة بعض الانتصارات الملحوظة، إذ ارتفعت عملة "بيتكوين"، الأصل الرائد للعملات المشفرة، بنسبة 160 في المئة خلال العام الحالي. ومن المتوقع أن تتم الموافقة التي طال انتظارها على منتج استثماري رئيس في يناير (كانون الثاني) المقبل، مما قد يغمر المشهد بمستثمرين جدد. ومثل بقية العالم المالي حصلت الأصول الرقمية على دفعة من تحسن صورة الاقتصاد الكلي مع تباطؤ التضخم والاتجاه نحو التعافي من سلسلة الأزمات والاقتراب من النهاية التي طال انتظارها وهي اتجاه بنك الاحتياط الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة العام المقبل.
تقول محللة العملات المشفرة والشريكة في شركة الاستشارات العالمية "ستون تيرن" كايلا كيرلي "لقد كان عام مرونة العملات المشفرة". أحد العناصر الكبيرة لهذه المرونة هو كيفية قيام السلطات الأميركية، وبخاصة وزارة العدل، باستعراض عضلاتها التنفيذية في ما يتعلق بالعملات المشفرة، حتى في غياب لوائح تنظيمية واضحة، وفق ما تقول. وتضيف "الاحتيال هو احتيال، بغض النظر عن التكنولوجيا أو الصناعة... لا يمكنك إيقاف الطبيعة البشرية. وعندما يتعلق الأمر بذلك سيجد الناس طريقة لاستغلال القواعد".
هل الـ"كريبتو" سوق للاحتيال المتقن؟
لا توجد شخصية تلوح في الأفق في ما يتعلق بالعملات المشفرة في عام 2023 مثل بانكمان فرايد، رجل الأعمال الذي أشيد به ذات مرة باعتباره صاحب رؤية وأدين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتدبير عملية احتيال بمليارات الدولارات استمرت لأعوام من خلال منصة التداول "أف تي أكس" الخاصة به، وكانت محاكمته على نطاق واسع هي مشهد العام بالنسبة إلى أكبر منتقدي العملات المشفرة وأشد المعجبين بها.
بالنسبة إلى أولئك الذين يميلون إلى اعتبار العملات المشفرة بمثابة عملية احتيال متقنة، أسدلت المحاكمة الستار على عملية الاحتيال السريعة التي تدعم منصة "أف تي إكس"، التي جذبت الملايين من المستثمرين الرئيسين من خلال عرضها كوسيلة صديقة للمبتدئين للوصول إلى الأصول الرقمية الناشئة، وأصبح الارتفاع والخفض السريع لبانكمان فرايد الآن هو العرض الأول والأكثر أهمية لمنتقدي العملات المشفرة.
على الجانب الآخر، رحب المؤمنون بالعملات المشفرة الذين حولوا بانكمان فرايد إلى ملياردير منقذ زائف أيضاً بإدانته، معتبرين الحكم بمثابة عملية تطهير متأخرة لـ"تفاحة فاسدة". وبعد مرور أسبوعين على صدور الحكم، وجهت السلطات الأميركية ضربة قاضية أخرى، إذ اعترف تشانغبينج تشاو مؤسس منصة تداول العملات المشفرة الأكثر شهرة "بينانس"، بالذنب في تهم غسل الأموال كجزء من تسوية بقيمة أربعة مليارات دولار.
ويقول كبير مسؤولي السياسة في "كوين بيس" فريار شيرزاد "كان عام 2023 عاماً سيئاً بالنسبة إلى المحتالين وعاماً جيداً لشركات البناء... نحن مقبلون على عام 2024 مع خروج عديد من أسوأ المحتالين من السوق، وهذا أمر جيد".
وفي الأسبوعين التاليين لاعتراف تشانغبينج تشاو بالذنب، ارتفعت عملة "بيتكوين" بنسبة 23 في المئة لتصل إلى 44 ألف دولار - وهو أعلى مستوى لها منذ 18 شهراً - إذ يتطلع المستثمرون إلى مزيد من الأخبار الإيجابية في الأفق.
ضوء أميركي أخضر بتتبع أسعار "بيتكوين"
ويمكن أن يأتي الحدث الرئيس للعملات المشفرة في عام 2024 في وقت قريب من الشهر المقبل، إذ من المتوقع أن يعطي المنظمون الأميركيون الضوء الأخضر للطلبات الخاصة بأول صندوق استثماري متداول لـ"بيتكوين"، في السوق الأميركية.
ببساطة، يتيح صندوق "بيتكوين آي تي أف" الفوري للمستثمرين تتبع سعر العملة من دون امتلاك فعلي، وهذا أمر جذاب بالنسبة إلى المستثمرين الرئيسين لعديد الأسباب، أولها منح المستثمرين العاديين الذين يشعرون بالقلق من العملات المشفرة طريقة آمنة نسبياً للغطس في السوق المتقلبة.
ويجرى تداول صناديق الاستثمار المتداولة أيضاً في البورصات التقليدية، ما يعني أنه يمكن للمستثمرين الوصول إليها من خلال الوساطة المجربة والحقيقية بدلاً من إنشاء حساب جديد في عالم العملات المشفرة، وبطبيعة الحال، يضيف احتمال الإشراف التنظيمي طبقة أخرى من الحماية والشفافية، والنتيجة قد يكون هناك كثير من الأموال الجديدة التي تتدفق إلى "بيتكوين" قريباً جداً، إضافة إلى ذلك، فإن خفض سعر "بيتكوين" إلى النصف عندما اقتربت قبل ذلك من مستوى 70 ألف دولار، يعني أن عدداً كبيراً من المستثمرين يرون السعر الحالي للعملة الأكثر قوة وانتشاراً في سوق العملات الرقمية فرصة كبيرة للاستثمار، بخاصة في ظل توقعات بوصول هذه العملة إلى مستويات 50 و100 ألف دولار.
وقال المؤسس المشارك لمقرض العملات المشفرة "نيسكو" أنتوني ترينشيف إن "وصول بيتكوين إلى نصف سعرها هو الحدث المهووس النهائي لمستخدمي العملة في عام 2024... لذلك إذا أعاد التاريخ نفسه فقد لا نشهد الذروة في العملة، ولكن سنشهد ارتفاعها إلى مستويات قياسية مقارنة بالرقم الكبير المسجل قبل ذلك في عام 2021". وأوضح أن "التعزيز المزدوج" لموافقة مؤسسة الاستثمار المتداولة الفورية والخفض إلى النصف، المتوقع في الربيع، من شأنه أن يدفع العملة إلى 100 ألف دولار، وهي قفزة بنسبة 45 في المئة عن أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 69 ألف دولار، الذي تم الوصول إليه في نوفمبر 2021. وأشار إلى أن "الطريق إلى 100 ألف دولار سيكون مليئاً بالحفر غير المتوقعة والخفضات المكونة من رقمين، لكن الطريق إلى مستوى 140 ألف دولار للعملة الواحدة من بيتكوين لن يكون صعباً أو مستحيلاً".