جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2024/04/06
المصدر- اندبندنت عربية
ربما لا يشكل حجم ما يسمى "الدين المخفي" قدراً كبيراً من إجمالي الدين العام عالمياً، والذي يزيد على 89 تريليون دولار، لكن استمرار ممارسات اخفاء جزء مهم من الاقتراض الحكومي يمكن أن يفاقم أزمة الدين العالمي، بحسب ما حذرت ورقة بحثية لصندوق النقد الدولي.
وقدرت الورقة التي جاءت تحت عنوان "الأسس القانونية للشفافية حول الدين العام" حجم الديون المخفية التي لا تفصح عنها الحكومات في نحو 60 دولة شملتها الدراسة بقرابة تريليون دولار.
والمقصود بـ "الدين المخفي" الاقتراض الحكومي الذي يشكل عبئاً على الخزانة العامة، لكن الحكومات لا تفصح عنه لمواطنيها أو لدائنيها.
ويشكل مثل هذا الدين ضرراً على الاقتصاد بصورة عامة، على رغم أن هدف إخفائه هو ألا يظهر في دفاتر الحساب الجاري الرسمية، لكن ذلك لا يعني أن تتحمل الموازنة في النهاية تغطية كلفة خدمتها من فائدة وأقساط.
وتزيد أخطار الضرر على الاقتصاد في البلاد ذات الدخل الضعيف وخصوصاً تلك التي ترزح تحت عبء ديون كبير،
ومع تضاعف عبء خدمة الديون بنحو ثلاثة أضعاف خلال الأعوام الأخيرة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وإعادة تمويل بعض القروض المستحقة بكلفة اقتراض مضاعفة، تزيد أخطار "الدين المخفي" على اقتصادات كثير من الدول النامية والصاعدة.
ثغرات قانونية
ومع أن ورقة صندوق النقد الدولي تتعلق بمسألة الإفصاح والشفافية في شأن الدين لمنع تفاقم مشكلة الديون المخفية، إلا أن هناك ممارسات أخرى حتى في دول متقدمة تستهدف "ضبط الدفاتر" لأهداف سياسية، ومثال ذلك ما واجهته الخزانة البريطانية من انتقادات العام الماضي بتعديل القواعد التي على أساسها تحسب نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وحين صرح رئيس الوزراء ريشي سوناك بأن الدين ينخفض قال مكتب مراقبة الموازنة المستقل إن "ذلك ليس صحيحاً، بل إن الدين الحكومي يرتفع إنما وزارة الخزانة عدلت القواعد المحاسبية لكي يبدو حجم الاقتراض عكس الواقع الفعلي".
وبالعودة للورقة البحثية لصندوق النقد فإن أقل من نصف الدول التي شملتها الدراسة هي التي بها قوانين تضمن الكشف عن إدارة الديون وإصدار تقارير مالية سليمة، بينما أقل من ربع تلك الدول هي التي بها قوانين وقواعد ملزمة بالإفصاح عن المعلومات المتعلقة بمستوى الديون العامة، وتشير الدراسة إلى ثغرات قانونية تسمح للحكومات بعدم الشفافية وتفادي المساءلة بإخفاء بعض الديون العامة.
ومن أهم تلك الثغرات التعريف الضيق والمحدود للدين العام وعدم توافر ضوابط قانونية تلزم بالإفصاح وبنود السرية في بعض اتفاقات الاقتراض، وعدم فعالية المراقبة والمساءلة، ففي كثير من الدول يؤدي التعريف المحدود للدين العام في قوانين البلاد إلى أن تكون بعض الديون السيادية خارج نطاق المساءلة، مما يجعلها ديناً مخفياً.
ويطالب صندوق النقد الدولي بتوسيع تعريف الدين العام في القوانين ليشمل كل أشكال الاقتراض، مثل المشتقات الاستثمارية وعمليات المبادلة والاعتماد الائتماني والضمانات، وليس فقط القروض وسندات الدين السيادي، وكي تكون القوانين شاملة يتعين أن يتضمن تعريف الدين العام أيضاً صناديق الموازنة الإضافية والصناديق العامة وغيرها من أدوات التمويل لأغراض خاصة.
ومن بين الدول التي تعتمد تعريفاً أوسع واشمل للدين العام في قوانينها الإكوادور التي عدلت القانون عام 2020 ليشمل حساب الدين العام أدوات التمويل قصير الأجل، مثل أذون الخزانة لأقل من عام، وكذلك فعلت دول مثل غانا وجاميكا وتايلاند وفيتنام، إذ عدلت قوانينها لتشمل كل أنواع الدين في تعريف الدين العام.