جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2025/04/29
وسط تصاعد السياسات الحمائية وتزايد التوترات التجارية العالمية، أصبح ملف التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الواجهة، ليس فقط كعامل ضغط اقتصادي، بل كعنصر يُنذر بإعادة تشكيل خريطة الديون العالمية.
في تقرير حديث، حذّر صندوق النقد الدولي من أن تصاعد هذه السياسات قد يؤدي إلى أزمة ديون عالمية جديدة، خصوصًا في الدول النامية ذات الاقتصادات الهشة، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النمو التجاري العالمي.
تعريفات ترامب: حماية محلية وصدمة عالمية:
أطلقت إدارة ترامب تعريفات جمركية واسعة على الواردات من الصين ودول أخرى، في محاولة لإعادة التوازن التجاري للولايات المتحدة. هذه السياسات أعادت إشعال حرب تجارية عالمية، وأثرت على سلاسل التوريد وأضعفت حركة التجارة الدولية.
لكن الأثر الأعمق كان اقتصاديًا وماليًا، مع تزايد التضخم، وتراجع النمو، وارتفاع تكاليف الإنتاج، الأمر الذي انعكس على ميزانيات الحكومات واقتصادات الأسر والشركات حول العالم.
من الرسوم الجمركية إلى فخ الديون:
إن التعريفات لم تكن مجرد إجراء تجاري، بل بداية سلسلة من التأثيرات المتراكمة التي تهدد الاستقرار المالي للدول:
*ارتفاع معدلات الفائدة عالميًا بسبب التضخم.
*زيادة أعباء الديون الخارجية، خصوصًا في الدول التي تقترض بالدولار.
*انكماش في الإيرادات الحكومية، ما يدفع الدول للاقتراض لتغطية العجز.
*ضعف العملات المحلية، الأمر الذي يزيد من كلفة سداد الديون الخارجية.
ووفق صندوق النقد، هناك أكثر من 50 دولة منخفضة الدخل تواجه مخاطر ديون «مرتفعة أو مرتفعة جدًا»، ما يجعلها عرضة لأي صدمة مالية جديدة.
تغيّر في موازين التمويل العالمي:
في ظل هذه التحولات، بدأت تظهر خريطة جديدة للدين العالمي:
بعض الدول باتت تعتمد أكثر على التمويل الصيني أو البدائل غير الغربية.
دول كانت تعتبر دائنًا باتت تتجه نحو الاستدانة.
مؤسسات التمويل الدولية تواجه ضغوطًا متزايدة لتقديم حلول مرنة وعادلة.
ويخشى خبراء من أن يؤدي هذا الواقع إلى تصاعد حالات التعثر عن السداد، وعودة أزمات ديون شبيهة بتلك التي ضربت دولًا في أميركا اللاتينية وإفريقيا في الثمانينات.
نداء من صندوق النقد: تعاون أو انهيار:
يشدد صندوق النقد على ضرورة إعادة بناء النظام التجاري العالمي على أساس التعاون، وتخفيف القيود الجمركية، ودعم الدول الفقيرة ببرامج إعادة هيكلة ديون عادلة، مع الحفاظ على الاستقرار المالي العالمي.
كما دعا إلى توجيه استثمارات نحو البنية التحتية وسلاسل التوريد، لخفض التكاليف وتفادي ضغوط إضافية على المديونية.
الاقتصاد العالمي اليوم في مفترق طرق، تعريفات ترامب الجمركية لم تكن مجرد سياسة تجارية، بل بوابة لتحولات مالية عميقة قد تعيد رسم خريطة الدين العالمي، وفي حال غياب التنسيق الدولي، قد تتحول هذه التحولات إلى أزمة مكتملة الأركان، تهدد استقرار الأسواق وتُقوّض فرص التعافي العالمي.
الدستور