جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2025/07/29
بدأ اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لشهر يوليو، الثلاثاء، والذي يُعقد على مدى يومين، وتترقب الأسواق المالية العالمية صدور قرار اللجنة مساء غداً الأربعاء بتوقيت 6:00 مساءً بتوقيت جرينتش.
ومنذ بداية العام، قد أبقى البنك المركزي على سعر الفائدة الرئيسي عند 4.50% مع التأكيد على نهجه المعتمد على البيانات الواردة ومخاوف من الضغوط التضخمية الصعودية وتداعيات سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة، وخصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية.
فهل يتخلى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن نهج "الانتظار والترقب"، ويقرر التحرك لتيسير السياسة النقدية هذا الاجتماع؟
ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال؛ يتعين إيضاح بعض المحاور والملابسات التي قد تؤثر على قرار الفيدرالي هذا الاجتماع، وذلك على النحو التالي:
الوضع الاقتصادي وإلام تشير البيانات
منذ اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في يونيو الماضي، شهدت الساحة الأمريكية عدة تطورات على الصعيد الاقتصادي ولكنها كانت متضاربة إلى حد ملحوظ،
سجل الاقتصاد الأمريكي انكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.5%، على أساس ربع سنوي، بالربع الأول، ما جاء أسوأ مقارنة بالقراءات الأولية والتي أظهرت انكماش الاقتصادي بنحو 0.2% فقط.
كما دخل مؤشر مديري المشتريات بالقطاع التصنيعي في الولايات المتحدة منطقة الانكماش هذا الشهر، مسجلاً المستوى 49.5 نقطة، مع انتعاش قوي لمديري المشتريات الخدمي ليسجل المستوى 55.2 نقطة في يوليو الجاري، ما تزامن مع ارتفاع مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة لشهر يونيو بوتيرة فاقت التوقعات.
أما عن مستويات الأسعار، فقد أظهرت البيانات الرسمية تسارع نمو معدل التضخم في الولايات المتحدة لشهر يونيو الماضي، ولكن بوتيرة أبطأ مقارنة بالتوقعات، حيث سجل التضخم العام نمواً من 2.4% إلى 2.7%.
كما نما معدل التضخم الأساسي إلى 2.9% من 2.8% بشهر مايو السابق، وفي نفس الوقت، تباطأ نمو مؤشر أسعار المنتجين ليسجل ارتفاعاً بنسبة 2.6% في يونيو، مقابل نمو بنسبة 3.2% بشهر مايو.
وبالنسبة لسوق العمل الأمريكي، تجدر ملاحظة أن الاقتصاد قد تمكن من إضافة وظائف بوتيرة فاقت المتوقع، إذ تمت إضافة ما يعادل 147 ألف وظيفة في يونيو، مقابل توقعات بـ 111 ألف وظيفة فقط، بعدما خلق الاقتصاد 144 ألف وظيفة بشهر مايو الماضي.
ومن ناحية أخرى، تباطأ معدل نمو متوسط الأجور في الساعة، على أساس سنوي، ليسجل نمواً بواقع 3.7% بنهاية يونيو، فيما كان من المتوقع نمو المؤشر بنحو 3.9%، بعد أن حقق المؤشر ارتفاعاً بنسبة 3.8% بشهر مايو.
ومن العرض الموجز لأهم البيانات الاقتصادية الواردة؛ يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يضطر لتثبيت سعر الفائدة هذا الاجتماع وترقب صدور البيانات المقبلة لمعرفة الأوضاع الاقتصادية بشكل أعمق وبما يسمح لتحديد موقف السياسة النقدية وموعد خفض سعر الفائدة.
أبرز التحديات التي تواجه الفيدرالي هذا الاجتماع
هناك عدة تحديات تواجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على طاولة اجتماع شهر يوليو، من شأنها أن تؤثر على النقاشات بين أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وقرار الفيدرالي النهائي، ويمكن إيضاحها كما يلي:
انقسام أعضاء الفيدرالي الأمريكي حول قرار الفائدة المرتقب
بدا من التصريحات الرسمية الصادرة عن مختلف أعضاء الفيدرالي الأمريكي مدى تضارب وجهات النظر حيال الوضع الحالي للسياسة النقدية، فبينما يُتوقع –على نطاق واسع- تثبيت الفائدة الأمريكية هذا الاجتماع؛ لكن هذا لا يعني أنه لن يكون هناك نقاش حاد، مع احتمال قيام واحد إن لم يكن اثنين من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بمعارضة القرار لصالح دعم خفض الفائدة.
وبهذا السياق، عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كريستوفر والر، إن البنك في موقع يسمح له بخفض سعر الفائدة الأساسية في أقرب وقت خلال شهر يوليو، داعياً إلى عدم المبالغة في تقدير تأثيرات الرسوم الجمركية.
كما لفت والر النظر إلى أن البيانات إيجابية ومعدلات البطالة منخفضة والتضخم قريب من الهدف، ما يتيح للبنك المركزي الأمريكي اتخاذ قرار خفض الفائدة قبل أن ينهار سوق العمل بالكامل قبل اتخاذ هذه الخطوة.
وعلى الجانب الآخر، أعرب عضو الفيدرالي جولسبي عن قلقه من تأثير الرسوم الجمركية الأخيرة، محذرًا من أنها قد تؤدي لارتفاع تكاليف السلع وبالتالي زيادة الضغوط التضخمية.
وأوضح أن بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأخيرة أظهرت تسارعًا في بعض بنود الأسعار، وهو ما يعكس الأثر المباشر للإجراءات التجارية الجديدة التي تُفرض في إطار السياسات الحمائية.
كما عبّر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، عن مزيد من الحذر بشأن حالة الاقتصاد الأمريكي وتأثير التعريفات الجمركية المحتمل على مؤشرات التضخم، مشيراً لصعوبة خفض الفائدة على المدى القصير.
تهديدات ترامب والضغط من أجل تسريع خفض الفائدة
من المرجح أن يترك البنك المركزي الأمريكي، أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع سياسي هذا الأسبوع، مما يثير استياء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقد يواصل معارضته وتهديداته بإقالة محافظ الفيدرالي جيروم باول حال عدم خفض الفائدة كما فعل في مناسبات عديدة سابقة.
وتُثار مخاوف حول عرقلة دونالد ترامب لجهود الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للسيطرة على التضخم خصوصاً مع تضارب التوقعات بشأن حجم التأثير المحتمل لسياسة الرسوم الجمركية على التضخم.
وبهذا الصدد، توقع بعض الأعضاء أن التأثير ربما يكون بشكل لحظي ولمرة واحدة أو مرتين فقط، فضلاً عن أن بيانات التضخم الصادرة منذ بداية العام وحتى الآن لم تكشف عن ضغوط تضخمية حادة بسبب الرسوم الجمركية.
فيما أشار أعضاء آخرون لصعوبة تحديد مدى حدة التأثير على التضخم والاقتصاد ككل وتزايد حالة عدم اليقين بهذا الشأن، ما يعزز اختيار نهج الترقب والانتظار إلى أن تهدأ الخلافات التجارية وبالتالي، عدم اليقين.
السيناريوهات المتوقعة لقرار الفيدرالي الأمريكي والتأثير المحتمل على الأسواق المختلفة
يبدو من الموجز السابق أن البنك المركزي الأمريكي قد يتخذ أياً من القرارين:
السيناريو الأول: يدور حول تثبيت أسعار الفائدة الرسمية دون تغيير، مع التلميح إلى احتمالية تيسير السياسة النقدية باجتماع سبتمبر أو ديسمبر المقبلين، وتتبع تحركات التضخم بعد ذلك.
وحال حدوث هذا التصور؛ من المرجح أن تشهد الأسهم الأمريكية ارتفاعاً –مع عدم تجاهل تأثير إعلانات الأرباح للشركات المدرجة والتي قفزت بالمؤشرات إلى مستويات قياسية بالآونة الأخيرة- وصعود الذهب والنفط، على حساب انخفاض الدولار وارتفاع نظائره من العملات الرئيسية الأخرى.
السيناريو الثاني: يتمثل في إبقاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على الفائدة مجدداً والتأكيد على نهج الانتظار والترقب، وسط ضبابية البيانات، وأن الاقتصاد وسوق العمل في وضع جيد ويسمح باستمرار أسعار الفائدة المرتفعة إلى أن تتضح تأثيرات الرسوم الجمركية على التضخم والاقتصاد، وصدور مؤشرات اقتصادية أكثر وضوحاً.
وقد تتأثر الأسهم الأمريكية إلى حد ما إذ حدث هذا السيناريو، نظرأ لأن موسم الأرباح هو اللاعب الرئيسي بالوقت الراهن، فيما قد يصعد الدولار على حساب هبوط نظائره من العملات الرئيسية الأخرى والذهب والنفط الخام.
وفي كلا الحالتين، من المحتمل أن يؤكد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على استقلالية قرارات السياسة النقدية بعيداً عن سياسات البيت الأبيض، والحديث عن مخاطر الرسوم الجمركية، وانعكاس الاتفاقات التجارية -التي توصلت إليها الولايات المتحدة مع اليابان والاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين- على وتيرة عدم اليقين بالوقت الراهن.
المتداول العربي