جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2025/08/14
انعكس ارتفاع أسعار الفائدة على التسهيلات المالية، بواقع 11 مرة خلال العامين الماضيين، على أرباح البنوك في الأردن، والتي شهدت زيادة ملحوظة خلال عام 2024 والنصف الأول من العام الحالي. ووفقًا للبيانات المالية، فقد حققت البنوك الأردنية أرباحًا صافية بعد احتساب مخصص الضريبة لمصلحة خزينة الدولة، إذ ارتفعت إلى 1.485 مليار دينار أردني، مقارنة بـ1.222 مليار دينار في عام 2023، محققة نسبة نمو بلغت 21.45% (الدينار = 1.41 دولار).
وأظهرت البيانات المالية للشركات المدرجة في بورصة عمّان للنصف الأول من عام 2025 استحواذ القطاع المالي على أكثر من 65% من إجمالي الأرباح، فيما بلغت حصة القطاع الصناعي نحو 32%، واقتصر نصيب قطاع الخدمات على 7% فقط، ما يعكس استمرار هيمنة القطاع المالي على المشهد الاقتصادي وتحقيقه أرباحًا تصاعدية غير مسبوقة على مدى السنوات الماضية، وفقًا لما أورده الخبير الاقتصادي منير أبو دية.
وقال أبو دية، في قراءاته التحليلية لنتائج البنوك والشركات الكبرى، إن صافي أرباح البنوك العاملة في الأردن تجاوز 800 مليون دينار خلال النصف الأول من العام الجاري، في وقت تشهد بقية القطاعات الاقتصادية – وخاصة الزراعة، التجارة، والصناعة (باستثناء شركات الفوسفات والبوتاس والمصفاة) – تراجعًا واضحًا في الأداء والأرباح.
ويرى أبو دية أن هذه الأرباح جاءت نتيجة الزيادة في أسعار الفائدة على جميع التسهيلات والقروض الممنوحة من البنوك، وذلك تماشيًا مع قرارات البنك الفيدرالي الأميركي، نظرًا لارتباط سعر صرف الدينار الأردني بالدولار. وقد رفع البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة 11 مرة خلال العامين الماضيين تبعًا لقرارات الفيدرالي الأميركي، قبل أن يخفضها لاحقًا ثلاث مرات، تماشيًا مع سياسة البنك المركزي الأميركي، لكنها – بحسب أبو دية – لم تنخفض إلى مستويات مريحة تخفف الأعباء عن المقترضين.
وارتفعت كلفة التمويل في الأردن خلال العامين الأخيرين إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث عمدت البنوك إلى زيادة أسعار الفائدة على القروض القائمة والجديدة بعد قرارات رفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية من البنك المركزي. وقد تجاوزت أسعار الفائدة على بعض القروض والتسهيلات البنكية 13%، ما زاد الأعباء على المقترضين وأطال مدة السداد.
وأضاف أبو دية أن هذا الارتفاع في أسعار الفائدة ساهم في تعزيز أرباح البنوك، لكنه حمّل المواطنين والقطاعات الاقتصادية كلفة باهظة، إذ تجاوزت مديونية الأفراد 14 مليار دينار (حوالي 20 مليار دولار)، فيما بلغت قيمة التسهيلات البنكية أكثر من 35 مليار دينار خلال العام الماضي. وأكد ضرورة إعادة النظر في هيكل الفائدة، وخاصة للقطاعات الإنتاجية، وأن يكون للبنوك المحلية والبنك المركزي دور أكبر في توفير برامج تمويل بفائدة منخفضة، بما يسهم في دعم نمو القطاعات الأخرى وتحفيز الاستثمار وخلق فرص العمل.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إنه من الطبيعي أن تشهد أسعار الفائدة لدى البنوك الأردنية ارتفاعًا واضحًا خلال العام الماضي والنصف الأول من هذا العام، وذلك يعود بشكل أساسي إلى ارتفاع حجم التسهيلات والقروض التي تمنحها للأفراد ومختلف القطاعات، وكذلك نتيجة لرفع أسعار الفائدة 11 مرة قبل أن تُخفض ثلاث مرات، لكنها لا تزال عند مستويات مرتفعة.
وأضاف عايش أن القطاع المصرفي الأردني لديه القدرة على تمويل قروض الأفراد والقطاعات الاقتصادية، وهو بذلك يلعب دورًا مهمًا في مجمل النشاط الاقتصادي للأردن، من خلال توفير السيولة اللازمة وبناء الاحتياطيات من العملات الأجنبية. ويؤكد عايش أهمية تخفيض أسعار الفائدة من البنوك الأردنية بما يتماشى مع السياسة النقدية للبنك المركزي، لتنشيط الوضع الاقتصادي وتخفيض كلفة الاقتراض لمختلف الغايات. وذكر مسؤول في أحد البنوك الأردنية أنه يتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة مرة أخرى خلال الشهر المقبل، تبعًا لما سيصدر عن البنك الفيدرالي الأميركي.