جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2025/11/14
في أحد الشوارع المزدحمة في العاصمة الاندونيسية جاكرتا، يقف بائع القهوة "أرفين" أمام عربته الصغيرة، يمدّ هاتفه بدل النقود الورقية، وبضغطة واحدة على شاشة تطبيق جو باي (GoPay) تنتقل قيمة الطلب إلى حسابه فورًا.
"أرفين" لم يزر بنكًا في حياته، ولا يملك دفتر شيكات، لكنه يدير مئات المعاملات شهريًا، ويحوّل أرباحه إلى محفظة رقمية تتيح له شراء السلع، وسداد الفواتير، وحتى الحصول على قرض قصير الأجل لتوسيع عربته.
بائع القهوة في جاكرتا لم يكن استثناءً، بل هو نموذج لملايين حول العالم تغيّرت علاقتهم بالمال دون المرور عبر البنوك.
وخلال عقدٍ واحد فقط، قفزت شركات الدفع الرقمي من دورها كوسيط بسيط لقبول المدفوعات إلى أن أصبحت منافسًا حقيقيًا للبنوك التقليدية.
وأصبحت شركات مثل بايبال وأنت جروب وسترايب وريفوليت تُدير تريليونات الدولارات سنويًا، وتملك كمًّا هائلًا من بيانات الإنفاق، وتقدّم خدمات كانت تُعدّ حكرًا على المؤسسات المصرفية.
هذا التحوّل يطرح سؤالًا عمليًا وسياسيًا: هل أصبحت منصّات الدفع بنوكا جديدة أم هي فقاعة تقنية تخاطر بزعزعة الاستقرار المالي؟
من بوابة دفع إلى بنية تحتية مالية عالمية
قبل أعوام قليلة فقط، كانت منصّات معالجة المدفوعات تُعتبر أداة مساعدة للبنوك والتجار أي مجرد وسيط لتسهيل عمليات الشراء عبر الإنترنت.
اليوم تغيّر المشهد بالكامل حيث بات بعض هذه المنصّات يتعامل مع أحجام أموال توازي اقتصادات دول صغيرة، لتتحول من مجرد خدمات مالية تكميلية إلى منظومات مالية متكاملة.
فشركات مثل بايبال وستريب لم تعد مجرد مزوّدين لحلول الدفع، بل أصبحت قنوات رئيسية لتحريك السيولة في الاقتصاد الرقمي العالمي.
ويعكس حجم المعاملات الذي تعالجه هذه الشركات سنويًا وأصبح يفوق التريليون دولار، مكانتها كلاعب محوري في البنية التحتية المالية الجديدة.
على سبيل المثال، أعلنت سترايب أن حجم المدفوعات الذي عالَجته في 2024 بلغ نحو 1.4 تريليون دولار أمريكي مرتفعًا بنحو 38% مقارنة بالعام السابق، وبالمثل، أبلغت بايبال عن إجمالي حجم مدفوعات سنوي بلغ 1.68 تريليون دولار في 2024.
أرقام