مقابلات ومقالات

  • شارك:

التكنولوجيا المالية وأبعادها المصرفية والاقتصادية – 6


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2019/04/15

 

جمعية مصارف البحرين- بقلم: عدنان يوسف



بطبيعة الحال عند الحديث عن المصارف وعلاقتها بصناعة التكنولوجية المالية، يمكن القول في البداية بأن هذه الصناعة وتطبيقاتها المختلفة تمثل فرصًا وتحديات في الوقت عينه للمصارف والمؤسسات المالية. لذلك، يجب على المصارف والجهات الرقابية النظر في كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على سلامة ومتانة النظام المصرفي، وتطوير الابتكار في القطاع المالي والمصرفي.


والبنوك حول العالم تدرك ان صناعة التكنولوجيا المالية سوف تساعدها في تعزيز الشمول المالي. فقد عزز التمويل الرقمي (Digital finance) إمكانية حصول الفئات المحرومة على الخدمات المالية، وذلك بسبب إمكانية وصول التكنولوجيا إلى المناطق النائية في كل بلد، كما تسهم ابتكارات التكنولوجيا المالية في تسريع عمليات التحويلات والمدفوعات وكذلك في تخفيض تكاليفها، وعلى سبيل المثال، ففي خدمات تحويل الأموال عبر الحدود، يمكن لشركات التكنولوجيا المالية توفير خدمات مصرفية أسرع وبكلفة أقل. كذلك، فإن دخول لاعبين جدد ينافسون المصارف القائمة قد يؤدي إلى تقسيم لسوق الخدمات المصرفية، وتقليل المخاطر النظامية المرتبطة بالمصارف الكبيرة.


كما يمكن لاستخدام التكنولوجيا المالية تحسين عمليات الامتثال في المصارف والمؤسسات المالية، ومن الملاحظ أن الرقابة والتنظيم يزدادان تعقيدًا على الصعيد العالمي، لكن التطوير الفعال لتطبيقات تقنيات الرقابة المالية يمكن أن يخلق فرصًا عبر ما يسمى الذكاء الاصطناعي. وعلى سبيل المثال، تساعد التكنولوجيا المالية أتمتة التقارير التنظيمية ومتطلبات الامتثال، فضلاً عن تسهيل المزيد من التعاون بين القطاعات المصرفية وبين الدول لتعزيز الامتثال (مثلاً لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب).


وفي حين أن هناك فوائد واضحة من التكنولوجيا المالية، فإنه لا يمكن السير في الابتكار على حساب سلامة ومتانة المصارف، وكذلك على حساب حماية المستهلك، لذلك يجب على الرقابة على العمليات المصرفية والأجهزة الرقابية تطوير آليات الرقابة لتتماشى مع التطوّر الحاصل في العمليات المصرفية الإلكترونية، وما ينشأ عنها من مخاطر.


ومن بين المخاطر المحتملة أن التوسع في تقديم الخدمات المصرفية من قبل المؤسسات غير المصرفية أو شركات التكنولوجيا المالية الكبيرة سوف يؤثر سلبًا على ربحية المصارف. وقد تخسر المؤسسات المالية القائمة جزءًا كبيرًا من حصتها السوقية أو أرباحها إذا كان الداخلون الجدد قادرين على استخدام الابتكارات التكنولوجية بشكل أكثر كفاءة، وعلى تقديم خدمات بكلفة أقل، وتلبي حاجات العملاء بشكل أفضل، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن ما بين 10-40% من الإيرادات، وما بين 20-60% من أرباح الخدمات المصرفية الموجهة للأفراد، هي معرضة لخطر الزوال على مدى السنوات العشر المقبلة.


كما أن هناك أيضا المخاطر التشغيلية ذات البعد النظامي على مستوى النظام المصرفي، حيث قد يؤدي تطور التكنولوجيا المالية إلى زيادة الترابط بين اللاعبين في السوق (أي المصارف وشركات التكنولوجيا المالية وغيرها) وإلى تشابك البنية التحتية للسوق، ما قد يؤدي إلى تحويل أزمة تكنولوجيا معلومات إلى أزمة نظامية في القطاع المصرفي، ولا سيما عندما تتركز الخدمات في عدد قليل من الشركات المسيطرة.


كما أن انتشار المنتجات والخدمات المبتكرة قد يزيد من صعوبة إدارة ومراقبة المخاطر التشغيلية للمصرف، كما قد لا تكون نظم تكنولوجيا المعلومات المصرفية القديمة قابلة للتكيف بشكل كاف، أو قد تكون ممارسات التنفيذ -مثل إدارة التغيير- غير كافية. وعلى هذا النحو، تستخدم المصارف أعدادًا أكبر من الأطراف الثالثة، إما عن طريق الاستعانة بمصادر خارجية أو عبر عقد شراكات في مجال التكنولوجيا، مما قد يزيد من التعقيد ويقلل من شفافية العمليات، وقد يؤدي هذا الاستخدام المتزايد للأطراف الثالثة إلى زيادة مخاطر أمن البيانات والخصوصية ومخاطر غسل الأموال، والجرائم الإلكترونية، وحماية العملاء.


كما سوف تؤدي التطبيقات الواسعة للتكنولوجيا المالية إلى زيادة الصعوبات في تلبية متطلبات الامتثال خاصة المتعلقة بالتزامات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وذلك في حال قيامها بمعاملات بالنيابة عن عملاء شركات التكنولوجيا المالية. فإذا قام العميل بتسديد الدفعات باستخدام بطاقة مصرفية أو حساب مصرفي، فإن المصرف يتحمل إلى حدّ ما مسؤولية عن مصادقة العميل، كما قد يكون مسؤولا عن تغطية المعاملات الاحتيالية، ويمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى الاعتماد على التكنولوجيا وتوزيع المنتج أو الخدمة بين المصارف وشركات التكنولوجيا المالية إلى شفافية أقل بشأن كيفية تنفيذ المعاملات وحول من يتحمل مسؤوليات الامتثال.


وأخيرا، فمن المرجح أن ترتفع المخاطر السيبرانية مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا المالية، إذ يمكن للتكنولوجيات ونماذج الأعمال الجديدة أن تزيد المخاطر السيبرانية إذا لم تواكبها ضوابط هذا التغيير. ومن شأن الاعتماد بشكل أكبر على أنظمة مثل الـApplication programming interface والـCloud computing والتكنولوجيات الجديدة الأخرى التي تسهل زيادة الترابط، جعل النظام المصرفي أكثر عرضة للتهديدات السيبرانية، ويعرض كميات كبيرة من البيانات الحساسة للانتهاكات المحتملة. ويؤكد ذلك على ضرورة قيام المصارف وشركات التكنولوجيا والجهات الرقابية بتعزيز الدعوة إلى وجود إدارة ومراقبة فعالة للمخاطر السيبرانية.


رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين


رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية سابقًا

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP