جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2020/06/30
* حسان عبدالرحيم
تحتاج الأعمال في ظل الظروف غير المسبوقة، أزمة COVID-19، إلى دليل عملي أو وصفة، إذا جاز التعبير، للقيام بإعادة الهيكلة المناسبة لمعظم جوانب الشركة المالية والإدارية، حيث يتطلب بدوره وضع أهداف جديدة وخطط واستراتيجيات لتحقيق هذه الأهداف.
5 حقائق يجب التسليم بها:
الحقيقة الأولى: أزمة COVID-19 هي أزمة غير عادية، وبالتالي تتطلب حلولا وإجراءات غير عادية.
الحقيقة الثانية: هناك بعض الخسائر والأضرار نتجت عن الأزمة والتي لا يمكن تلافيها أو تعويضها، بل يجب تقبلها والتعامل معها.
الحقيقة الثالثة: كما أن للأزمات، مهما كان نوعها، تداعيات سلبية عديدة، فإنها في المقابل تخلق فرصاً جديدة تجب الاستفادة منها.
الحقيقة الرابعة: البيئة الاقتصادية ما بعد أزمة COVID-19 تختلف عن تلك التي كانت سائدة قبل الأزمة.
الحقيقة الخامسة: ان أسوأ ما يمكن أن تقوم به الشركات حالياً هو مجرد الانتظار وعدم اتخاذ أي إجراءات سريعة والبدء فوراً بالتخطيط لما بعد الأزمة.
وفيما يلي 3 خطوات أساسية لإعادة هيكلة الأعمال:
1- مراجعة الوضع السابق
على الرغم من أن هذه الخطوة تبدو بديهية وبسيطة، فإنها مهمة جداً لإعادة عرض الشركة ككل من منظور متكامل.
ففي هذه الخطوة تتم مراجعة نموذج عمل الشركة السابق بشكل دقيق وبكامل عناصره، القيمة للعميل (السلعة أو الخدمة) ومعادلة الربح وموارد الشركة الأساسية والعمليات الرئيسية التي تقوم بها الشركة باستخدام هذه الموارد لخلق القيمة للعميل وتحقيق الأرباح والعوائد المستهدفة.
وتتم مراجعة التوجهات الاستراتيجية للشركة متمثلة في مجموعة الأهداف التي كانت موضوعة في السابق، مثل الحصة السوقية المستهدفة وحجم المبيعات والأرباح المستهدفة وهوامش الربحية وغيرها، كما تتم مراجعة استراتيجية الشركة بكل مستوياتها.
ونظراً لأهميته تتعين مراجعة رأس المال بكل بنوده، وتحليله تحليلاً دقيقاً. ويأتي النقد وإدارة السيولة في مقدمة رأس المال العامل باعتبار أن النقد هو الملك Cash is King ويعتبر شريان الحياة بالنسبة لأي شركة.
كما يتم عمل مراجعة وتحليل مالي للمركز المالي للشركة وقائمة الدخل وكذلك قائمة التدفقات النقدية من واقع البيانات المالية قبل الأزمة.
2- تقييم أثر أزمة «كورونا»
لقد أثرت أزمة «كورونا» والإجراءات المتعلقة بها على الشركات بأحد اتجاهين أو كلاهما معاً. الاتجاه الأول هو تلك الآثار السلبية ذات الطبيعة المؤقتة أو غير المستمرة، والتي من المتوقع أن تزول بمجرد إعادة فتح الاقتصاد والسماح للأعمال بإعادة مزاولة أنشطتها. الاتجاه الثاني هو تلك الآثار السلبية ذات الطبيعة الدائمة أو المستمرة، ومن المؤكد أن هذه الآثار ستستمر حتى بعد فتح الاقتصاد ومباشرة الأعمال لأنشطتها. وفي هذه الخطوة يتم تحديد حجم الأثر وطبيعته، مؤقت أم دائم.
يتم بحث مدى تأثر منتجات الشركة (القيمة للعميل) بالأزمة وتداعياتها، وفيما إذا كانت لا تزال مناسبة للعميل وتلقى رواجاً في السوق على ضوء المستجدات التي أفرزتها الأزمة. علماً بأن أي تأثير في منتجات الشركة سيكون له في الأغلب تأثير في العناصر الأخرى في نموذج العمل، مثل الإيرادات والتكاليف وموارد الشركة وعملياتها.
قد يطرأ تغيير على التوجهات الاستراتيجية للشركة، فمثلاً ستجد الشركة بأن عدداً من الأهداف التي كانت موضوعة في السابق لم يعد بالإمكان تحقيقها، وعليه يتم في هذه الخطوة تقييم أثر الأزمة على مجموعة الأهداف التي كان يجب تحقيقها. وينطبق ذلك على الخطط والاستراتيجيات التي كانت موضوعة لتحقيق أهداف الشركة.
ومن المؤكد أن النقد هو البند الأكثر تأثراً بالأزمة، وهنا يتعين على الشركة تقييم الأثر بدقة في التدفقات النقدية للشركة، وبنود رأس المال العامل الأخرى (المدينون – المخزون – الدائنون).
وعلى ضوء التحليل المالي للبيانات المالية للشركة المعدة تماماً قبل اندلاع الأزمة وتأثر نشاط الشركة، من المفيد أن يتم اعداد بيانات مالية حديثة للشركة، بحيث يكون من السهل قياس مدى تأثر مركزها المالي من موجودات والتزامات وكذلك الايرادات والتكاليف والأهم التدفقات النقدية نتيجة الأزمة.
3- إعادة الهيكلة
يعتمد مدى حاجة الشركة إلى إعادة هيكلة أو إعادة تصميم أي جانب من الجوانب الرئيسية إلى الإجابة على سؤالين جوهريين وهما: هل التأثير على ذلك الجانب كبير أم ضئيل؟ وهل التأثير على ذلك الجانب مؤقت أم دائم ؟
وعلى ضوء نتيجة اختبار إعادة هيكلة / تصميم نموذج عمل الشركة حسب المخطط، قد تضطر الشركة إلى إعادة تصميم نموذج العمل بكل عناصره؛ القيمة للعميل، معادلة الربحية، والموارد والعمليات. ويترتب على إعادة تصميم نموذج عمل الشركة، إعادة النظر في أهداف الشركة على المدى القصير والمتوسط والطويل، وكذلك خططها واستراتيجيتها.
وبناءً على نتائج تقييم الأثر واختبار إعادة الهيكلة حسب المخطط، يتعين على الشركة تطوير إدارة رأس المال العامل بما يتناسب مع نموذج العمل الجديد وتوجهات الشركة الاستراتيجية، إضافة إلى الظروف المستجدة في السوق، مثل الاختلال في سلسلة التوريد. وتأتي كفاءة إدارة النقد والسيولة في مقدمة الأولويات بالنسبة لإدارة رأس المال العامل. وينطبق ذلك على بنود رأس المال العامل الأخرى.
تعزيز السيولة
لعلّ من أهم القضايا في إعادة هيكلة المركز المالي هو تعزيز سيولة الشركة وتدفقاتها النقدية، والتخلص من الأصول الرأسمالية غير المنتجة والاستثمارات غير المربحة، وإعادة النظر في مساهمات الشركة في الشركات التابعة والزميلة، وإعادة هيكلة مديونية والتزامات الشركة قصيرة وطويلة الأجل، والوصول إلى التشكيلة الأنسب لهيكل رأس المال، وإعادة النظر في بعض التكاليف الثابتة.
القبس