جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2020/09/22
حسين حسن قعطبي
الإطار المفاهيمي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
تجمع دول العالم قاطبة على ضرورة مكافحة الفساد تلك الظاهرة الخطيرة، التي تقف عائقاً أمام التنمية، فضلاً عن إشاعتها حالة من اليأس والإحباط بين أفراد المجتمع.
وتنظر المنظمة العربية للتنمية الإدارية إلى الفساد كونه المعوق الأساسي لعمليات الإصلاح والتنمية بل تعده من أبرز تحديات الإدارة الرشيدة والحكم الصالح، ورغم الجهود المبذولة حكومياً في عموم البلدان العربية لمواجهة الفساد والانخراط الرسمي في مبادرات الحد منه، فإن المؤشرات المعتمدة لقياس الفساد لا زالت تشير إلى حجم سعة الفجوة بين الواقع الفعلي وبين تلك المعايير والمؤشرات. ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن هناك 16 بلداً عربياً أعلن التزامه بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ورافق ذلك إصدار سلسلة من الإصلاحات القانونية بل والعقابية بحق ممارسات الفساد، حيث أنشئت في الكثير من البلدان العربية ومن بينها اليمن هيئات متخصصة للمكافحة والحد من الفساد ووضعت العديد من مشروعات المواجهة الاستراتيجية للفساد في تلك البلدان. وتعتبر مناهج تقييم مدى التزام الدول باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، أموراً في غاية الأهمية، على ضوء أن الدول الأطراف لهذه الاتفاقية – ومنها معظم الدول العربية – قد توصلت في مؤتمر الدول الأطراف بالاتفاقية بالدوحة عام 2009م إلى آلية رسمية لاستعراض مدى الالتزام باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بحيث تخضع جميع الدول الأطراف لهذا التقييم خلال الثلاث سنوات القادمة، وهو ما يوجب على الدول الاستعداد لهذا التقييم مبكراً والقيام بتقييمات ذاتية تكشف عن الخلل الموجود في أطرها القانونية والمؤسسي المتعلقة بمكافحة الفساد وإصلاحه قبل خضوعها للتقييم الرسمي.
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
مادة (3): نطاق الانطباق
أ- تنطبق هذه الاتفاقية، وفقاً لأحكامها، على منع الفساد والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه، وعلى تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرمة وفقاً لهذه الاتفاقية.
الفصل الثاني: التدابير الوقائية
المادة (5)
سياسات وممارسات مكافحة الفساد الوقائية:
1. تقوم كل دولة طرف وفقاً للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني بوضع وتنفيذ أو ترسيخ سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد، تعزز مشاركة المجتمع وتجمد مبادئ سيادة القانون وحسن إدارة الشئون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة.
2. تسعى كل دولة طرف إلى إرساء وترويج ممارسات فعالة تستهدف منع الفساد.
3. تسعى كل دولة طرف إلى إجراء تقييم دوري للصكوك القانونية والتدابير الإدارية ذات الصلة، بغية تقدير مدى كفايتها لمنع الفساد ومكافحته.
4. تتعاون الدول الاطراف فيما بينها ومع المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة بموجب الاقتضاء ووفقاً للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، على تعزيز وتطوير التدابير المشار إليها في هذه المادة. ويجوز أن يشمل ذلك التعاون المشاركة في البرامج والمشاريع الدولية الرامية إلى منع الفساد.
المادة (6)
هيئة أو هيئات مكافحة الفساد الوقائية
١- تكفل كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، وجود هيئة أو هيئات، حسب الاقتضاء، تتولى منع الفساد، بوسائل مثل:
(أ) تنفيذ السياسات المشار إليها في المادة ٥ من هذه الاتفاقية، والإشراف على
تنفيذ تلك السياسات وتنسيقه، عند الاقتضاء؛
(ب) زيادة المعارف المتعلقة بمنع الفساد وتعميمها.
٢- تقوم كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، بمنح الهيئة أو الهيئات المشار إليها في الفقرة (١(من هذه المادة ما يلزم من الاستقلالية، لتمكين تلك الهيئة أو الهيئات من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن أي تأثير لا مسوغ له . وينبغي توفير ما يلزم من موارد مادية وموظفين متخصصين، وكذلك ما قد يحتاج إليه هؤلاء الموظفون من تدريب للاضطلاع بوظائفهم.
٣- تقوم كل دولة طرف بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة باسم وعنوان السلطة أو السلطات التي يمكن أن تساعد الدول الأطراف الأخرى على وضع وتنفيذ تدابير محددة لمنع الفساد.
المادة) ١٤) : تدابير منع غسل الأموال
١- على كل دولة طرف:
(أ) أن تنشئ نظاما داخليا شاملا للرقابة والإشراف على المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية ، بما في ذلك الشخصيات الطبيعية أو الاعتبارية التي تقدم خدمات نظامية أو غير نظامية في مجال إحالة الأموال أو كل ما له قيمة، وعند الاقتضاء على الهيئات الأخرى المعرّضة بوجه خاص لغسل الأموال، ضمن نطاق اختصاصها، من أجل ردع وكشف جميع أشكال غسل الأموال، ويتعين أن يشدد ذلك النظام على المتطلبات الخاصة بتحديد هوية الزبائن والمالكين المنتفعين، عند الاقتضاء، وحفظ السجلات والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة؛
(ب) أن تكفل، دون مساس بأحكام المادة ٤٦ من هذه الاتفاقية، قدرة السلطات الإدارية والرقابية والمعنية بإنفاذ القانون وسائر السلطات المكرسة لمكافحة غسل الأموال، (بما فيها السلطات القضائية، حيثما يقضي القانون الداخلي بذلك) ، على التعاون وتبادل المعلومات على الصعيدين الوطني والدولي ضمن نطاق الشروط التي يفرضها قانوﻧﻬا الداخلي، وأن تنظر، لتلك الغاية، في إنشاء وحدة معلومات استخبارية مالية تعمل كمركز وطني لجمع وتحليل المعلومات المتعلقة بعمليات غسل الأموال المحتملة، ولتعميم تلك المعلومات؛
٢- تنظر الدول الأطراف في تنفيذ تدابير قابلة للتطبيق لكشف ورصد حركة
النقود والصكوك القابلة للتداول ذات الصلة عبر حدودها، رهنا بضمانات تكفل استخدام
المعلومات استخداما سليما ودون إعاقة حركة رأس المال المشروع بأي صورة من الصور .
ويجوز أن تشمل تلك التدابير اشتراط قيام الأفراد والمؤسسات التجارية بالإبلاغ عن إحالة أي مقادير ضخمة من النقود والصكوك القابلة للتداول ذات الصلة عبر الحدود.
٣- تنظر الدول الأطراف في تنفيذ تدابير مناسبة وقابلة للتطبيق لالزام المؤسسات
المالية، ومنها الجهات المعنية بتحويل الأموال بما يلي:
(أ) تضمين استمارات الاحالة الالكترونية للأموال والرسائل ذات الصلة معلومات دقيقة ومفيدة عن اُلمصدر؛
(ب) الاحتفاظ بتلك المعلومات طوال سلسلة عمليات الدفع؛
(ج) فرض فحص دقيق على حالات الأموال التي لا تحتوي على معلومات كاملة عن اُلمصدر.
٤- لدى إنشاء نظام رقابي وإشرافي داخلي بمقتضى أحكام هذه المادة، ودون
مساس بأي مادة أخرى من هذه الاتفاقية، يجدر بالدول الأطراف أن تسترشد بالمبادرات ذات الصلة التي اتخذﺗﻬا المؤسسات الإقليمية والمتعددة الأطراف ضد غسل الأموال.
٥- تسعى الدول الأطراف إلى تنمية وتعزيز التعاون العالمي والإقليمي ودون الإقليمي والثنائي بين السلطات القضائية وأجهزة إنفاذ القانون وأجهزة الرقابة المالية من أجل مكافحة غسل الأموال.
وعند إطلاعنا على موقع (الوطن أون لاين) السعودي، لاحظنا أن نائب محافظ مؤسسة النقد السعودية (البنك المركزي) الدكتور/ عبدالرحمن الحميدي عند حديثه عن ملتقى "الالتزام ومكافحة غسل الأموال" بالرياض أواخر شهر مارس الماضي، قد أبرز الترابط القائم بين الفساد وغسل الاموال، حيث أوضح أن غسل الأموال يزيد من فرص الفساد والرشوة، إضافة إلى أنه من الآثار السلبية لهذه الظاهرة هروب الأموال للخارج وخسارة الإنتاج أهم عناصره – وهو رأس المال، مما يعيق انتاج السلع والخدمات فترتفع البطالة ويقل الادخار.
وأضاف الحميدي أن أثر غسل الأموال يمتد إلى أن يفقد المستثمرون ثقتهم بالنظام الاقتصادي والتشريعات المنظمة لها. وتنشأ بيئة طاردة للاستثمار، وينعكس ذلك كله على النمو الاقتصادي والمستوى المعيشي للمجتمع.
ومن المناسب الإشارة هنا إلى أن قانون مكافحة غسل الأموال رقم (1) لسنة 2010م بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قد عرّف جرم غسل الأموال بالفعل المحدد في المادة (3) من ذات القانون ومنها الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الفساد رقم (39) لعام 2007م.
وهكذا وبما ورد في السياق ماقبله, نلاحظ مدى الترابط الوثيق بين كل من مكافحة الفساد ومكافحة غسل الأموال.
مستشار لجنة غسل الأموال ومكافحة الارهاب سابقا