جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2021/02/12
حسن الوريث
يعد الإعلام القوة المؤثرة والسلطة الرابعة، فمن خلال تنوع الإعلام ووسائله وأدواته وتنوُّع أنماط وأشكال التغطيات والمتابعات الإخبارية لقضايا المجتمع وفق السياقات والسياسات التحريرية والسياسية التي تقف وراءها، تتشكل في أذهان الجمهور الاتجاهات المطلوبة تجاه مختلف القضايا
كما تلعب وسائل الإعلام على مستوى العالم دوراً أساسياً في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وتتميز بمقدرتها الفائقة على توصيل الرسائل إلى جمهور عريض متباين الاتجاهات والمستويات ولأفراد غير معروفين للقائم بالاتصال، مع مقدرتها على خلق رأي عام وتنمية اتجاهات وأنماط من السلوك غير موجودة أصلاً، والمقدرة على نقل المعارف والمعلومات والترفيه، حيث نجد أن وسائل الإعلام أكثر تقديماً وأكثر تعبيراً عن مصالح الناس وآرائهم. على أنها في الدول التي تشهد تحولات اجتماعية يكون دورها هو المفصل الأساسي في هذه التحولات، لأنها الوسيلة الأقوى والأعم، وللدور المهم الذي تقوم به المعلومة.
ويتعاظم دور الإعلام ويقوى بقدرته على تعميم وتعميق إدراكنا بأهميته ومواكبته لسير حياة المجتمعات وتطورها والذي أصبح فيها ضرورة حيوية وسلاح حضاري حاسم في التنافس أو التدافع الثقافي ، فالإعلام في أصله يبقى وسيلة خطيرة تستعمل للبناء أو الهدم على السواء ،إلى درجة أصبح المتحكمون فيه باستطاعتهم أن يحددوا ميول الناس، وليفرضوا عليهم ليس فقط ما «كيف ينبغي أن يُفكروا»، ولكن أيضا «فيما يجب أن يُفكروا»! لهذا تعددت حقول الدراسات الاجتماعية والنفسية التي تحاول معرفة المقدار والكيفية الذي تؤثر به وسائل الإعلام على الجمهور ؛ بل والقدرة على تغيير اتجاهاته وتصرفاته وثقافته .
وفي ظلّ تسارع الحياة المعاصرة وتعدّد أشكال ومظاهر النّشاط الإقتصادي ظهرت مشاكل وجرائم ماليّة أثّرت في العمليّة الاقتصادية وأساءت إلى أخلاقيات العمل ، وكرّست مفهوم الغاية تبرّر الوسيلة لتكون عنواناً لهذه الجرائم الماليّة ومنها جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تعتبر من الجرائم التي تهدد حياة المجتمعات واقتصاداتها وأمنها القومي بل والأمن العالمي .
وبما أن جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب اصبحت من أكبر الجرائم التي تهدد أمن المجتمعات واقتصاداتها خصوصاً وأن حجم الأموال المتعلقة بهذه الجرائم يزداد سنوياً على الصعيد العالمي، وكذا التطور الهائل والسريع الذي تشهده هذه الجرائم على مختلف الصعد المحلية والإقليمية والدولية .. يستوجب تضافر الجهود لمكافحة هذه الجرائم في مختلف الميادين ومنها الجانب الإعلامي الذي يشكل حجر الزاوية في عملية المكافحة ومساندة الجهود الوطنية والدولية .
وانطلاقاً من هذا الدور فإن الأمر يتطلب أيضاً تفعيل دور الإعلام بمختلف وسائله بما يسهم في دعم جهود الحكومة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال البرامج والرسائل الإعلامية الموجهة لهم وذلك من خلال التركيز في العمل الإعلامي على نشر الوعي حول جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب واثارها واضرارها السلبية على المجتمع والاقتصاد الوطني والعمل على تهيئة البيئة الإعلامية لإقامة جسور التواصل الفعال بين الإعلاميين ومختلف تكوينات مكافحة غسل الأموال من أجل رسالة إعلامية فعالة وتقديم المادة الإعلامية الموجهة لتعزيز جهود المكافحة لهذه الجرائم وكذا الاستفادة في البرامج الإعلامية وبشكل موجه وبناء بمشاركة شخصيات مؤثرة في المجتمع بما يؤدي إلى نشر الوعي الأمني بين المواطنين وتقوية الحس لديهم بأهمية المشاركة الفعلية والمستمرة في مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وبالتأكيد ان عملية التدريب والتأهيل للإعلاميين من القضايا الهامة لرفع مستوى كفاءتهم الإعلامية المهنية تركيزاً على قضايا مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكذلك العمل على توفير كافة المواد والمعلومات والبيانات الخاصة بالمواثيق الدولية والعربية والوطنية فيما يتعلق بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتأسيس قاعدة معلومات خاصة بهم في مواقع عملنا الإعلامي وهناك نقطة هامة في هذا الجانب تتعلق بأهمية توخي الدقة في تقديم المعلومات المناسبة وتقديم مادة إعلامية مبسطة ومناسبة للمجتمع لإيصال الرسالة المطلوبة حول هذه الجرائم ودور كافة الفئات في مكافحتها للوصول لدور بناء للإعلام بالمساهمة في بيان ورصد واقع جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب في بلادنا وبالتالي لابد من دعم الإعلام ليقوم بدوره في توعية المجتمع وصناع القرار بخطورة هذه الجرائم وتعزيز دور الإعلام للتعريف بجهود الحكومة وكذا اللجنة الوطنية واللجان الاقليمية والدولية في هذا الجانب.
ومما لاشك فيه أن عملية التنسيق مع الجهات والمؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة لتخصيص برامج إعلامية خاصة لتوضيح الاثار السلبية لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب تلبي حاجات المجتمع وإثراء الأنشطة والمواد الإعلامية الموجهة حول جرائم غسل الأموال بالوسائط الاتصالية المتقدمة واستثمار هذه البرامج الإعلامية في تعزيز الوعي المجتمعي حول سبل مواجهة هذه الجرائم وكذا التشبيك و إقامة جسور تواصل بناء مع مختلف الجهات والمؤسسات المعنية بمكافحة جرائم غسل الأموال وبناء علاقات تواصل بين الإعلاميين محلياً وإقليمياً ودولياً وإنشاء نافذة الكترونية تتضمن كافة المعلومات الحديثة المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي بهدف تعزيز المعرفة العامة بهذه الجرائم وتبادل المعلومات والمعارف بما يسهم في تطوير وتحسين العمل الإعلامي في هذا الجانب وتفعيل دور الصحفيين والإعلاميين في توعية المجتمع بالمفاهيم والحقائق والمكونات الرئيسية للعملية الاقتصادية في اليمن وسبل مكافحة جرائم غسل الأموال واخطارها عبر إنتاج أعمال من مختلف الفنون الصحفية والإعلامية وكذا تعزيز مجالات التنسيق مع اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجهات المعنية بما يحقق الاستفادة القصوى من امكانات وقدرات الوسائل الإعلامية في تعزيز الجهد الإعلامي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .
و تنطلق أهمية دور وسائل الاعلام في مواجهة الجريمة بكافة أشكالها وأنواعها من كونها شريكًا أساسيا في جبهة التصدي للجرائم التي تمس الاقتصاد الوطني وأمن وسلامة المجتمع ومنها جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تعد من أخطر الجرائم التي تؤثر على كافة مناحي الحياة وتمتد مخاطرها إلى الأنظمة الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية وبالتأكيد أن مكافحة غسيل الأموال قضية هامة وأساسية ومفصلية في عملية بناء الدولة لتحقيق التنمية المستدامة ومبادئ الحكم الرشيد وتحسين الموارد وتحقيق الأمن والاستقرار وصون سيادة البلد، والتي لن تتحقق ما لم تكن هناك جهود موازية لمواجهة الجرائم المنظمة ومنها غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومن هنا ياتي دور الإعلام في مساندة القضايا الوطنية والوقوف إلى جانبها وتوعية المواطنين بها والكشف عن أي محاولات من شأنها الإخلال بمصلحة وأمن واستقرار البلد والمساندة الحقيقية والتوعية الشاملة بمخاطر هذه الجرائم وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على التنمية والاستقرار ولابد من تفعيل وتعزيز الشراكة بين اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم غسل الأموال ووسائل الاعلام لتشكيل جبهة حماية واحدة في هذا الجانب وإنشاء شبكة إعلامية تكون شريكًة في مكافحة جرائم غسل الأموال وتوسيع دائرة التوعية المجتمعية بمخاطرها تحظى بالدعم والرعاية من الجهات المختصة لتحقيق أهدافها وأهداف مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الارهاب.