جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2021/02/14
عبده أحمد الصياد*
لقد تناولنا في مقالنا السابق الوضع الذي يعيشه القطاع المصرفي اليمني بناءً على الدراسات التحليلية والتشخيصية للبيئة المصرفية والتي توصلت إلى أن القطاع المصرفي اليمني يعاني من وجود اختلالات مزمنة تدفع إلى ضرورة الحاجة إلى التغيير والتطوير ، وتم استعراض عدد من الفجوات الإستراتيجية في هذا القطاع الهام مما يتطلب تحركات إستراتيجية تفضي إلى تصميم وتنفيذ برامج خاصة لردم هذه الفجوات الإستراتيجية وبحيث يتم التعامل مع هذه البرامج كوحدة واحدة لا تقبل التجزئة نظراً لأن كل هذه البرامج ترتبط وتتكامل مع بعضها البعض ، ويمكن استعراض برنامج التغيير والتطوير قرين كل فجوة إستراتيجية وذلك حسب الجدول التالي :-
سنتناول في هذه المقالة البرنامج الأول من برامج التغيير والتطوير " برنامج جذب الموارد المالية والمدخرات الوطنية " وذلك للمساهمة في معالجة إحدى الفجوات الإستراتيجية والمتمثلة في ( معظم السيولة النقدية خارج القطاع المصرفي ) .
ويهدف هذا البرنامج إلى جذب العملة المتداولة خارج القطاع المصرفي اليمني لتصبح ضمن الدورة المصرفية بغرض توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل كافة القطاعات الاقتصادية من جهة ومن جهة أخرى تفادي الضغوط التضخمية وزيادة أسعار الصرف الناتجة من استخدام النقد المتداول خارج القطاع المصرفي اليمني .
إن تحويل هذا البرنامج إلى واقع ملموس يتطلب قيام الجهات ذات العلاقة بمجموعة من النشاطات والسياسات والإجراءات والمشاريع أهمها :-
• تفعيل اللجنة الوطنية لأنظمة الدفع لوضع إستراتيجية متكاملة وخارطة طريق لتحقيق الشمول المالي الرقمي لمختلف شرائح المجتمع اليمني وتطوير أنظمة الدفع في اليمن باستخدام التقنيات الحديثة في مجال الخدمات المالية والمصرفية والتنسيق مع وزارة الاتصالات لتقديم الخدمات والتسهيلات اللازمة وتذليل المعوقات لكافة أوجه الجوانب الفنية ، كما تقوم اللجنة بتفعيل الاتصال بالمانحين الدوليين وصندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي والبنكين المركزيين البريطاني والفرنسي والذين زاروا اليمن في وقت سابق وكان لهم اهتمامات بتحديث وتطوير نظام المدفوعات في اليمن ، والاستفادة منهم في الدعم الفني وجميع أوجه الدعم في هذا المجال .
• تركيز جهود السلطات الإشرافية على الخدمات الرقمية وإدارة مخاطرها من خلال ضمان التزام مزودي الخدمات المالية الرقمية مع المعايير الدولية والامتثال للمتطلبات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وحماية سرية بيانات العملاء وضمان أمن الفضاء السيبراني مع التركيز على وضع ممارسات مالية رقمية مسئولة لحماية المستهلكين .
• أتمتة أعمال القطاع المصرفي اليمني وربط النظام المصرفي بأنظمة تقنية متطورة والتوسع في أنظمة الدفع الحديثة ونشر الخدمات المصرفية الالكترونية في جميع المدن والأرياف ، وتقديم مجموعة واسعة من الخدمات بحيث تكون منخفضة التكاليف وسهلة الوصول إلى العملاء والاستفادة من انتشار استخدام الهاتف المحمول والانترنت في النفاذ إلى الخدمات المالية والحسابات المصرفية ، بما يحقق زيادة في حجم السوق المصرفية وزيادة قاعدة المتعاملين مع البنوك .
• نشر الوعي والثقافة المالية والمصرفية بين كافة شرائح المجتمع اليمني لاسيما الأطفال والنساء والشباب ، ويتطلب ذلك صياغة برامج داعمة للتثقيف بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية من خلال قنوات الاتصال المرئي والمسموع ... الخ .
• قيام البنوك بعمل ائتلاف بنكي لإنشاء محافظ استثمارية لمشروعات تنموية كبرى ( بعوائد استثمارية عالية ومخاطر متدنية ) بحيث يشارك في هذا الائتلاف بعض مؤسسات الدولة التي لديها فوائض نقدية .
• تفعيل شركة الخدمات المالية كونها ( المقسم الوطني للبنوك ) وربط جميع البنوك عبر شبكتها الإلكترونية وخدماتها الآلية ( الصرافات الآلية ، نقاط البيع ، المقاصة الإلكترونية ، الشيك الإلكتروني ، بوابة الدفع الإلكتروني ، وتفعيل التجارة الإلكترونية عبر الانترنت ، وربط الشركة خارجياً مع شبكات المؤسسات المالية العالمية ، ... الخ ) ، وكذلك تفعيل خدماتها المتعلقة بنقل النقود بين البنوك والبنك المركزي اليمني وبين البنوك المحلية والبنوك الخارجية .
• تطوير منتجات أدوات السياسة النقدية لتكون بديلاً عن طباعة النقود .
• اتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف استخدام الشيك كوسيلة للضمان وتفعيل الكمبيالات ليصبح بديلاً لاستخدام الشيكات للدفع الآجل ، على أن يتم ذلك بالتدرج مراعاة لحفظ الحقوق في عمليات الدفع والضمانات القائمة .
• قيام الجهات الحكومية بدفع رواتب موظفيها عن طريق البنوك مما سيؤدي إلى زيادة موارد القطاع المصرفي ، وفي نفس الوقت سيؤدي إلى نشر الوعي المصرفي ، واستفادة موظفي القطاع العام من خدمات القطاع المصرفي في كافة المجالات ، وستتنافس البنوك على تقديم مزايا وخدمات لهم ، كما يمكن توزيع حسابات موظفي الجهات الحكومية بين عدد من البنوك وفقاً لمعايير محددة .
• تنظيم قطاع الصرافين وضرورة توفير الإمكانيات اللازمة للرقابة عليها وعدم السماح لهم بممارسة أي نشاط من نشاط البنوك مثل فتح الحسابات الجارية ، والحوالات ... الخ .
• فصل الأرصدة النقدية والأرصدة غير النقدية ( الأرصدة القديمة ) في البنوك ورقابة البنك المركزي اليمني عليها بما يعزز الثقة المصرفية وعودة العملاء للتوريد النقدي إلى البنوك مع إمكانية سداد الأرصدة القديمة (الأرصدة غير النقدية) تدريجياً .
• توحيد الجهود والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في تنفيذ البرامج الخاصة بتشجيع تحويلات المغتربين ، وفتح حسابات للمغتربين وتطوير وأتمتة أنظمة البنوك بحيث يستطيع المغترب تنفيذ حوالته بشكل سريع وإتاحة فتح حساب مصرفي له في البنوك اليمنية بكل يسر وسهولة ، والاستمرار في حشد الموارد المالية لقطاع المغتربين لتمويل عملية التنمية في اليمن .
• تشجيع قيام مؤسسات مالية متخصصة في جذب الموارد المالية مثل إنشاء بنك الصادرات والمغتربين .
• إصدار قانون السرية المصرفية وإدخال تعديلات في قانون مؤسسة ضمان الودائع وذلك برفع مبلغ السقف التأميني على الودائع المصرفية وتوسيع التأمين على الودائع ليشمل الودائع بالعملة الأجنبية ، وتنسيق وتوحيد جهود ( البنوك ومؤسسة ضمان الودائع ) في نشر مزايا نظام ضمان الودائع المصرفية ، والعمل على إحداث تغيير في آلية عمل مؤسسة ضمان الودائع بحيث يكون هدفها الأساسي هو التدخل الوقائي لإنعاش البنوك المتعثرة .
• مراقبة نمو العرض النقدي مع النمو في الناتج المحلي الإجمالي وبحيث يكون النمو للمؤشرين بشكل متوازن .
وختاماً نأمل أن يكون لجمعية البنوك اليمنية دوراً فاعلاً في المشاركة في المناقشات البؤرية للأبعاد الاقتصادية ، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسات النقدية في أي مشاورات أو اتفاقيات تخص عملية السلام في اليمن على أن يتم التركيز على الاحتياجات والأولويات العاجلة المتعلقة بهذا الخصوص حسب التالي :-
- قيام الأمم المتحدة بتوفير دعم مالي عاجل يخصص لسداد التزامات البنك المركزي اليمني تجاه البنوك لتجاوز أزمة السيولة الكبرى التي تعاني منها البنوك اليمنية والتي أصبحت تهدد استمرارها .
- قيام الأمم المتحدة بحشد دعم مالي يخصص لبناء الاحتياطات من العملات الأجنبية وبحجم كافي لتحقيق الاستقرار النقدي في البلد .
- قيام الأمم المتحدة بالمساندة والدعم في رفع البنوك اليمنية من قائمة البيان العام بما يساعد على عودة الثقة بها خارجياً واستئناف تعاملاتها مع البنوك الخارجية ومنحها التسهيلات الائتمانية لتغطية عمليات الاستيراد بما يضمن استمرار تدفق السلع الغذائية والدوائية واحتياجات البلد عموماً .
سنتناول في مقالتنا القادمة بإذن الله برنامج للتغيير والتطوير تحت عنوان" برنامج بناء نظام حوافز لمنح التمويلات والقروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة " يهدف هذا البرنامج للمساهمة في تفعيل دور البنوك اليمنية في مجال التنمية الاقتصادية في البلد .
*عضو مجلس إدارة جمعية البنوك
Alsayyad73@gmail.com