مقابلات ومقالات

  • شارك:

البيتكوين: من ورقة بحثية إلى هاجس يؤرق الدول والبنوك.


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2021/05/01

 

في العام 2009م لم يكن يعلم ساتوشيناكتومو أن تلقى الفكرة التي وضعها في ورقته البحثية هذا الإقبال لتفوق سعر عملته الرقمية سعر الكيلوجرام من ذهب عيار 24.

مجلة المصارف- صـــــــــــــلاح الفــــــــــــــــــائق*

نشأت الفكرة في ظل واقع فرضته أزمة الرهونات العقارية التي بدأت أحداثها في الولايات المتحدة الأمريكية  في العام 2008م, كانت فكرة الورقة البحثية التي قدمها ساتوشيناكتومو قائمة على استحداث عملة رقمية غير مرتبطة بدولة آو اقتصاد معين بل بيد مجموعة من المعدنيين والأفراد والشركات هم من يحددوا قيمة العملة وفقا لقانون الوفرة والندرة,وقد اعتمد في هذا على تقنية سميت  بـ سلسة الكتل أو  Blockchain التي تعتمد في الأساس على اللامركزية في تسجيل المعاملات من قبل مجموعة من المعدنيين للعملة المصدرة بدون تكرار استخدامها في عدة عمليات أخرى في نفس الوقت للحفاظ على قيمتها بعيدا عن سيطرة دولة أو سلطه معينة من خلال حل معادلات معقدة للتأكد من صحة العملية المنفذة وتسجيلها في أستاذ عام غير قابل للتعديل إلا بعد تأكيد جميع المعدنيين منها والموافقة عليها وذلك مقابل مكافأة  بعملة تم تسميتها بالبيتكوين والتي أصبحت الطريقة الوحيدة لإنتاج العملة الرقمية.
في بداية الامر لم تتعدى سعر العملة بضع سنتات من الدولارات عندما قايض المبرمج لازلوهانيتش 10,000 بيتكوين مقابل قطعتين من البيتزا في مايو 2010م (مايعادل الآن 600 مليون دولار امريكي) ثم ما فتئت في التطور لتصبح قيمتها عشرات ثم مئات الى ان تجاوزت سقف الستونالف دولار.
لاقت العملة إقبالا متزايدا من المعدنيين والمشتريين والمتعاملين على حد سواء ابتداء من العام 2017م ومعها نمى استهلاك الطاقة المستخدمة للتعدين ليصل مستوى استخدام الكهرباء الى يعادل 3% من حجم استهلاك الكهرباء السنوي في العالم.
أهم العوامل التي ساهمت في نمو البيتكوين:
وهناك عدة عوامل أسهمت الى هذا النمو في التعدين والشراء أهمها:
1-    عنصر الوفرة والندرة والذي تم تقنينه بإنتاج العملة و بعدد محدد يقدر ب 21 مليون عملة وذلك بحلول العام 2140م (العملات المعدنة حتى الآن تقدر بحوالي 19 مليون عملة).
2-    التقنية المستخدمة أسهمت بشكل كبير في الرواج للعملة حيث عملية التحويل من مستفيد لأخر لا تستغرق بضع دقائق دون الحاجة لوسيط مالي ودون معرفة مصدر العملة والمحول منه أو إليه مع توثيق العملية لدى أكثر من طرف عبر خاصية ال Blockchain كما أسلفنا سابقا.
3-    قبول بعض الدول مثل أمريكا,كندا وبعض دول أوروبا ودول مثل لبنان, الأردن والإمارات , ومنصات عالمية مثل Binance…etc,Coinbais,poloniex بتداول العملة ,وقنوات التحويل المالي او البنوك الالكترونية Omni Channels  مثل PAYPAL  وغيرها بشراء المنتجات والدفع بالعملة.
4-    استثمار شركات عملاقة مثل تسلا لمليار وخمسمائة مليون دولار أمريكي وشركة تويتر في العملة أسهم في زيادة الطلب في ظل توفر عدد محدود منها.
5-    التضخم في دول مثل أمريكا وأوروبا خلال العام الماضي بسبب أزمة كورونا وارتفاع الودائع في البنوك بسبب انخفاض معدلات الاستهلاك ,وانخفاض أسهم الشركات التكنولوجية وأسعار الذهب أسهم في نمو الطلب على العملة.
6-    قيام مؤسسات مالية بشراء منصات خاصة بتداول العملة والذي حدث من قبل مجموعة JP Morgan بشراء منصة Binance أعطى إيحاء للمتعاملين بان سوق العملة مضمون من حيث الاستثمار.
7-    تقديم بعض المؤسسات المالية معلومات حول تقدير نمو العملة أسهم بشكل آخر في إقبال الأفراد على المضاربة في سوق العملة.
    
أهم المخاطر التي تواجه الاقتصادات والبنوك:
وفي ظل هذا التنامي أصبح إقبال الأفراد (معدنيين أو مشتريين) والشركات مصدر خطر على الدول والبنوك أبرزها:
1-    صعوبة التعرف على هوية الأفراد المستخدمين للعملة بالإضافة إلى مراقبة التحويلات المالية التي تتم فيما إذا كانت لأغراض شخصية, تجارية أو تمويل الإرهاب الأمر الذي قد يسهم إلى تنامي نشاط الجماعات الإرهابية وتهديد الامن والسلم وعلى وجه الخصوص في دول العالم الثالث التي تشهد أزمات اقتصادية بسبب ضعف الإمكانات والقدرات والفساد المستشري فيها.
2-    كما يمكن أن توفر العملة ملاذ امن لتهريب الأموال وإضعاف العملة المحلية نتيجة الشراء والتحويل للخارج الأمر الذي يضعف المركز المالي لتلك الدول.
3-    في الجانب الآخر تتمثل الخطورة بالنسبة للمصارف في توجه عملاء البنوك إلى تفضيل استثمار أموالهم في العملة لأغراض المضاربة والاستفادة من مضاعفة قيمة الاستثمار من خلال الرافعة المالية والتي تعتبر ملائمة لأصحاب رؤوس الأموال البسيطة وتسرب العملة الى خارج النظام المصرفي.  

4-    من ناحية أخرى تبرز مخاطر بيئية تتعلق بحجم الطاقة المستخدمة في ظل تنامي الاستهلاك للكهرباء لأغراض التعدين والذي يتطلب إلى إنتاج أكبر والاستثمار في هذا القطاع وزيادة معدلات الانبعاث لثاني أكسيد الكربون والذي قد يؤثر سلبا على البيئة،في حين تواجه الدول تحدي مرتبط بهذا الاستهلاك للطاقة يتمثل في انخفاض مستويات الاستثمار في المجالات الأخرى الأكثر جدوى للمجتمع والدولة مثل الزراعة والصناعة وغيرها من المجالات ذات التأثير على الميزان التجاري.
يضاف إلى ما سبق المخاطر المحدقة على الفرد المستثمر أو المعدن تتمثل في ضياع الرقم السري للمحفظة وبالتالي فقدان كل الرصيد المتاح وأبرز مثال على هذا جيمس هاولز الذي فقد 7500 بيتكوين والذي تعادل قيمتها حاليا حوالي 450 مليون دولار عندما أضاع قرص يحتوي على بيانات وأرقام المحفظة، كما ان الفيروسات تعشق الحواسيب التي تعمل على التعدين وهو ما يجعل مستخدميه أكثر عرضة للابتزاز أو فقدان الثروة لأطراف مجهولة الأمر الذي سينعكس حتما على المعدن/المالك بشكل سلبي.
هل البيتكوين فقاعة أم استثمار؟
في نقاش لبعض خبراء التكنولوجيا أبرزهم  Ried Hoffman مؤسس موقع LinkdedIn حول ما إذا كانت عملة البيتكوين فقاعة أم استثمار برز مفهوم القيمة كعنصر مهم لتقييم العملة, واجمع المشاركون على أن عدم قدرة ربط العملة لقيمة الملموسة مثل الذهب أو الدولار يشكل خطرا على المستثمرين والذي قد تكون أشبه بفقاعة الدوت كوم مطلع الألفية الحالية. وفي سؤال للملياردير وارن بافت فيما إذا كان يستثمر في عملة البيتكوين علق قائلا " لا امتلك بتكوين ولا أي من العملات الرقمية, ولن افعل أبدا",وأردف معللا لإجابته" انها ليس لها أي قيمة فريدة على الإطلاق, وانه يفضل أسهم الشركات التي تكتسب قيمة من إنتاج أشياء, وانه يرى بان النقود المشفرة لا تعتبر نقودا على اعتبار أن النقود مخزن للقيمة ووسيلة للتبادل يصفها بـ"السراب", وانهى حديثا بالقول " لماذا لا يحتفظ العالم بشيء لا يفهمه ولا يعرف عنه شيء, لكن الناس تحب المقامرة".
    
وبالرغم من أن الهدف من تطوير العملة هو ان تكون نظاما للدفع والتبادل إلا أن الاستخدام محدود حتى الآن واغلب استخدامها الآن في المضاربة والذي ينطوي على مخاطر عالية بسبب شحة المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار.
في ظل هذه التعقيدات وعدم وجود أخلاقيات تحكم تقنيين استخدامات وتعدين وشراء وتحويل العملة وحماية ممتلكات بالإضافة إلى عدم ارتباط العملة بأصل ذو قيمة مثل الذهب أو الدولار يصبح خيار الاستثمار أمرا في غاية التعقيد ومصدر خطر قد لا يحمد المقبل عليه عقباه.
وليس من المستبعد أن تكون هذه العملات فقاعة أخرى تسهم بشكل او بأخر في بناء رأسماليات لأفراد وكيانات في ظل شحة المعلومات الخاصة بالطلب والعرض ومعطيات التحليل والاستقراء للبيانات وغياب القوانين والرقابة لهذا النوع من وسيلة التداول في دول متقدمة  مثل الصين, روسيا والولايات المتحدة الأمريكية الذي يعتبرون من اكبر الدول المعدنة  بحسب موقع DW  الذي أوضح بأنه نسبة التعدين في الدول المشار إليها أعلاه كانت موزعة بنسبة 65%,7% لكلا من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا, وكأن الأمر أشبه بسباق من نوع آخر في استهلاك العملات النقدية لدول أخرى وحرب اقتصادية بشكل جديد.
    
تجدر الإشارة بان وزارة الخزانة الأمريكية طالبت البنوك بالاحتفاظ لسجلات العملاء المتعاملين بهذه العملة إلا أن تقنية الـ Blockcahin دون تطبيق هذا الأمر, وتأتي هذه الخطوة في ظل تقارير تشير بأنه تم رصد عمليات لمنظمات إرهابية مثل داعش قيامها بالاستثمار في العملة لتسهيل عملية نقل الأموال.
ولتلافي هذه المخاوف يتوجب على كافة القطاعات المصرفية وخاصة في الدول المتقدمة توحيد جهودها وتحسين القدرات والإمكانيات لاستيعاب هذا السوق والتركيز على عوامل ومحفزات الاستثمار لهذه العملة وتطبيقها على المنظومة المالية وذلك حتى لا تتكرر تجربة المصارف الالكترونية التي أسهمت في إضعاف دور البنوك في الوساطة المالية وتفعيل دورها في حماية المجتمعات والعالم من مخاطر تمويل غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانهيار الاقتصاد.

المصدر- مجلة المصارف العدد 14 مارس 2021

*مدير التسويق-البنك الأهلي اليمني

إقرأ أيضا.....

 

اخبار اقتصادية ومصرفية

تقارير البنوك السنوية

مقابلات ومقالات

تقارير مصرفية واقتصادية

أخبار البنوك

اخبار الجمعية

 
ليصلك المزيد من
الأخبار الاقتصادية
والمصرفية سجل
 إعجابك بصفحتنا
 في الفيس بوك

 

ليصلك المزيد من
الأخبار الاقتصادية
والمصرفية سجل
 إعجابك بصفحتنا
 فــي تــويــتــر

 

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP