جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2021/09/08
نلقي الضوء هنا على جريمة العصر الحديث وهي الابتزاز الإلكتروني والتي باتت تشكل ظاهرة خطيرة على الأشخاص والمجتمعات، على الرغم من أنه بات معروفاً لدى أغلبية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ومستخدمي الهواتف الذكية من أن البيانات الشخصية والصور يمكن سرقتها أو استدراج الضحية للحصول على صور أو مقاطع مرئية مسجلة لاستخدامها فيما بعد لابتزاز الضحية، فالابتزاز الالكتروني هو محاوله الحصول على مكاسب مادية أو معنوية عن طريق الإكراه المعنوي للضحية وذلك بالتهديد بكشف أسرار أو معلومات خاصة.
وبالتالي نستطيع القول أن جريمة الابتزاز الالكتروني هي كل استخدام سيئ صادر من مجرم مبتدأ أو متمرس لوسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة لتهديد أو ترهيب الضحية بنشر صور أو محادثات أو مقاطع مرئية مسجلة أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية عبر الوسائل الالكترونية وخصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين، وهي ظاهرة طارئة على مجتمعنا الفلسطيني الأصيل.
ولهذا جاء قانون رقم 10 لسنة 2018 للجرائم الإلكترونية ليعالج تلك الظاهرة إذ تنص المادة (15) من قانون الجرائم الإلكترونية على أن "1. كل من استعمل الشبكة الإلكترونية أو إحدى وسائل تكنولوجيا المعلومات في تهديد شخص آخر أو ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، ولو كان هذا الفعل أو الامتناع مشروعاً، يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تقل عن مائتي دينار أردني، ولا تزيد على ألف دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، أو بكلتا العقوبتين. 2. إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار أردني، ولا تزيد على ثلاثة آلاف دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً".
رأينا في أهمية القانون لمواجهة جريمة الابتزاز الإلكتروني:
ان القانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية جاء ليؤكد على أن هناك مناطق من الحياة الخاصة لكل فرد تمثل أغواراً لا يجوز النفاذ إليهـا، وينبغي دوماً ألا يقتحمها أحد ضماناً لسريتها، وصوناً لحرمتها، ودفعاً لمحاولة التلصص عليها أو اختلاس بعض جوانبها.
وبوجه خاص من خلال الوسائل العلمية الحديثة التي بلغ تطورها حداً مذهلاً، وكان لتنامي قدراتها على الاختراق أثر بعيد على الناس جميعهم حتى في أدق شئونهم، وما يتصل بملامح حياتهم، بل وببياناتهم الشخصية التي غدا الاطلاع عليها وتجميعها نهباً لأعينها ولآذانها، وكثيراً ما ألحق النفاذ إليها الحرج أو الضرر بأصحابها، وهذه المناطق من خواص الحياة ودخائلها، ولئن كان القانون الأساسي الفلسطيني لم يقرر هذا الحق بنص صريح فيها، إلا أن البعض يعتبره من أشمل الحقوق وأوسعها، وهو كذلك أعمقها اتصالاً بالقيم التي تدعو إليها الأمم المتحضرة.
أركان جريمة الابتزاز الإلكتروني:
أولاً: الركن المادي وهو السلوك المادي الخارجي الذي ينص القانون على تجريمه أي كل ما يدخل في كيان جريمة الابتزاز الإلكتروني وتكون له طبيعة مادية ملموسة، وهو ضروري لقيام الركن المادي إذ لا يعرف القانون لجرائم بدونه.
ثانياً: الركن المعنوي وهو ركن المسؤولية، فالركن المعنوي يمثل العلاقة النفسية بين الفعل والفاعل، ويقتضي بأن يكون الفاعل أهلاً لتحمل المسؤولية الجنائية، ولا يكون الأمر كذلك إلا إذا تمتع بإرداة وإدراك يعتد القانون بهما، وأن تنصرف هذه الإرادة إلى ماديات الجريمة، والقصد الجنائي يجب أن يتوافر فيه عنصران هما العلم والإرادة إذ يجب أن يعلم المبتز أن ما يقوم به يعاقب عليه القانون. أما الإرادة فيجب أن تتجه إرادة الفاعل إلى تحقيق نتيجتها.
ثالثاً: الركن الشرعي في الجريمة هو نص التجريم أو التحريم والعقاب فهو النص الذي نستند إليه لتجريم فعل معين والعقاب عليه، وأن يكون هذا النص سارياً من حيث الزمان والمكان والأشخاص على مرتكب الفعل الإجرامي.
الإثبات القانوني لجريمة الابتزاز الإلكتروني:
إن مبدأ الإمعان في العدالة تقتضي عدم معاقبة برئ ولابد من ثبوت الدليل الرقمي لجميع الجرائم الإلكترونية على كافة وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، ولهذا استلزم المشرع في الجرائم الإلكترونية توافر الدليل الرقمي أي معلومات إلكترونية لها قوة أو قيمة ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتية وما في حكمها، ويمكن تجميعها وتحليلها باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية خاصة.
ومن المعلوم أن الأدلة الرقمية تحوز ذات القيمة والحجية للأدلة الجنائية المـادية في الإثبات الجنائي إذا توافرت فيها شروط وضوابط أبرزها:
- أن تتم عملية جمع أو الحصول أو استخراج أو استنباط الأدلة الرقمية محل الواقعة باستخدام التقنيات التي تضمن عدم تغيير أو تحديث أو محو أو تحريف للكتابة أو البيانات والمعلومات، أو أي تغيير أو تحديث أو إتلاف للأجهزة أو المعدات أو البيانات والمعلومات، أو أنظمة المعلومات أو البرامج أو الدعامات الإلكترونية وغيرها.
- أن تكون الأدلة الرقمية ذات صلة بالواقعة وفي إطــار الموضوع المطـلـوب إثباته أو نفيه، وفقـاً لنطاق قرار جهة التحقيق أو المحكمة المختصة.
- أن يتم جمع الدليل الرقمي واستخراجه وحفظه وتحريزه بمعرفة مأموري الضبط القضائي المخول لهم التعامل في هذه النوعية من الأدلة، أو الخبراء أو المتخصصين المنتدبين من جهات التحقيق أو المحاكمة، على أن يبين في محاضر الضبط، أو التقارير الفنية على نوع ومواصفات البرامج والأدوات والأجهــزة والمعــدات التي تم استخــدامها، مع ضمان استمرار الحفاظ على الأصل دون عبث به.
- في حالة تعذر فحص نسخة الدليل الرقمي وعدم إمكانية التحفظ على الأجهزة محل الفحص لأي سبب يتم فحص الأصل ويثبت ذلك كله في محضر الضبط أو تقرير الفحص والتحليل.
- أن يتم توثيق الأدلة الرقمية بمحضر إجراءات من قبل المختص قبل عمليات الفحص والتحليل له وكذا توثيق مكان ضبطه ومكان حفظه ومكان التعامل معه ومواصفاته.
د. إياد سليمان البرديني- شبكة النبأ