جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2021/10/26
بدأ الاهتمام بالحوكمة في أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدتها عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وروسيا في عقد التسعينات من القرن العشرين، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي من تداعيات الانهيارات المالية والمصرفية لعدد من أقطاب الشركات الأمريكية العالمية خلال عام 2002م.
وحول الأهداف الحقيقية من وراء الحوكمة وما الذي ستجنيه البنوك عند تطبيق مبادئها الأساسية والمعوقات التي تعترض تطبيق الحوكمة في اليمن هذه النقاط وأكثر كانت محور لقائنا مع الاستاذ عارف عبد الغني مطهر مستشار المدير العام في بنك التضامن.. فإلى الحصيلة:
الذي أوضح في البداية أن الكثير من الخبراء أرجعوا أسباب الأزمات المصرفية التي عصف بالعالم خلال العقود الماضية إلى تزايد المخاطر المصرفية، التي واجهتها المصارف من ناحية وعدم إدارتها بصورة جيدة من ناحية أخرى، حيث تعد معرفة المخاطر وتقويمها وإدارتها حجر الزاوية في نجاح البنوك وازدهارها وتحقيق أهدافها.
مؤكداً: أنه منذ أن أصدر البنك المركزي اليمني دليل الحوكمة في الجمهورية اليمنية وبنك التضامن يعمل على تحسين أدائه والتزامه بمتطلبات الحوكمة معتمداً خلال العام 2014م، دليلاً خاصاً به للحوكمة، فقد أصدر مجلس الإدارة في هذا الإطار قرارات تشكيل اللجان المنبثقة عن المجلس وهي ( لجنة الحوكمة والترشيح والمكافآت، لجنة المراجعة، لجنة المخاطر) لتقوم بواجباتها المتوافقة مع أدلة الحوكمة المعتمدة بحيادية واستقلالية جنباً إلى جنباً مع الإدارات الرقابية المتمثلة بالإدارات التالية: الامتثال، التدقيق الداخلي المخاطر.
كما سعى البنك خلال الفترة المنصرمة نحو التطوير المستمر لوسائل وأساليب الشفافية والضبط والإفصاح، وصولاً لتحقيق الأهداف الأخلاقية التي تضمنتها مبادئ الحوكمة المؤسسية.
وأشار مطهر إلى أن مصطلح "الحوكمة" الذي يقابله مصطلح "Governance"في الإنجليزية - يعني اتباع نظام معين للتحكم في العلاقات بين الأطراف الأساسية التي تؤثر على أداء البنوك، مما يُساعد على تنظيم العمل وتحديد المسؤوليات لتحقيق الأهداف على المدى الطويل.
وفيما يتعلق بالأهداف الأساسية للحوكمة المؤسسية يؤكد الأستاذ عارف أن الأهداف المؤسسية للحوكمة تتلخص في الآتي: وضع قواعد ومبادئ لإدارة البنوك والمؤسسات المالية والرقابة عليها.
تحقيق العدالة والشفافية وضمان حق المساءلة.
حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصلحة.
توزيع الأدوار والمسؤوليات عبر هياكل تنظيمية مُحكّمة.
وعن المبادئ العالمية للحوكمة يقول مستشار المدير العام في بنك التضامن: إن هذه المبادئ جاءت للحد من المشاكل الأخلاقية والإدارية التي تسببت في إفلاس العديد من المؤسسات حول العالم وفي ضعف أدائها في مختلف الأصعدة.. على رأس هذه المشاكل مشكلة تعارض المصالح، التي تضم مجموعة كبيرة من المشاكل الفرعية بين عدة أطراف من داخل وخارج المؤسسة، لذلك ينظر إلى أخلاقيات العمل كمحور أساسي تدور رحى الحوكمة حوله، حيث ينظر من خلالها إلى تحقيق ما يلي:
أولا: النزاهة والتصرف بحسن نية والعمل على تجنب تعارض المصالح.
الأخذ بعين الاعتبار التبعات الأخلاقية لكل قرار وعدم الاكتفاء فقط بالامتثال للأنظمة والقوانين، بل ينبغي الأخذ بعين الاعتبار بأنهم بمثابة القدوة للتصرفات الأخلاقية لجميع الموظفين في المؤسسة.
ثانيا: قيام الملاك والمديرين بوضع المبادئ الأخلاقية وقواعد السلوك التي تحكم العمل، والعمل على تعريف جميع الموظفين وباقي أصحاب المصالح عليها وحثهم على الالتزام بها.
ثالثا: مراقبة الالتزام بالمبادئ الأخلاقية وقواعد السلوك المهني، وتقويم المسار المعوج بنقيضه السليم.. وإعادة الهيكلة إن لزم الأمر لتسهيل تدفق السلطة والمسؤولية بين المستويات الإدارية من أعلى الهرم الى أدناه.
رابعا: تحقيق الشفافية، والإفصاح، والعدالة، التي يقصد بها المعاملة المتساوية، بحيث يحصل جميع المساهمين على نفس القدر من الاعتبار لأي مساهمات قلت أم كثرت.
وعن الفوائد التي يمكن تحقيقها عند تطبيق البنوك للحوكمة يبين مطهر: أنها ستعمل على الحد من استخدام السلطة الإدارية في غير مصالح المساهمين، وكذا تفعيل أداء مجالس الإدارات و تعزز الرقابة الداخلية ومتابعة تنفيذ الاستراتيجيات، بالإضافة إلى تحديد الأدوار والصلاحيات لكل من المساهمين ومجلس الإدارة والإدارة التنفيذية وأصحاب المصالح، علاوة على تأكيد أهمية الشفافية والإفصاح.. كما ستعمل الحوكمة على المحافظة على ثقة المستثمرين، وتحقيق المزيد من النمو.
وحول المعوقات والصعوبات التي تحد من انتهاج الحوكمة الرشيدة في اليمن أوضح أنها تتمثل في:
بيئة غير مستقرة ، واهتمام محدود ، وغياب الأسواق المالية.
عدم الفصل الفعلي والجاد بين الملكية والإدارة في كثير من البنوك.
ضعف معايير القياس التي تنبني عليها عملية تقييم الأداء والتطبيق والالتزام.
غياب برامج الاستدامة، التي تتطلب ممارسات الحوكمة الرشيدة.
بقاء ثقافة المساءلة عند مستوى العيب، لأن الحوكمة الرشيدة تقتضي أن يكون أعضاء مجلس الإدارة والمديرون في موضع المساءلة والمحاسبة أمام المساهمين عن الأخطاء المرتكبة.
المصدر مجلة المصارف العدد (17) سبتمبر 2021م