جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2023/01/26
زاهر الرحومي
يكثر اليوم تداول مصطلح “التحول الرقمي” على نطاق عالمي واسع باعتباره من مصطلحات العصر، حتى أنه أصبح هدفاً أساسياً في برامج الحكومات والهيئات والبنوك والمؤسسات على اختلاف مجالات عملها وقطاعاتها، فالتحول الرقمي يقود حاليا النمو في قطاع الخدمات المصرفية، لما يحققه من تجربة مميزة وفريدة للعملاء من حيث التوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة للارتقاء بالعمليات التشغيلية وتطوير الخدمة المقدمة والإنجاز اللحظي للمعاملات، بحيث يمَكن العميل من الوصول إلى الخدمات والمنتجات البنكية في أي وقت وأي مكان، وقد تنوعت الخدمات التي تقدمها المنصات الرقمية للبنوك في عدة مجالات من خدمة فتح الحساب، طلب تمويل، إصدار بطاقة السحب الآلي وإتمام عمليات الدفع والشراء، وتسديد الفواتير وتحويل الأموال عبر الإنترنت والهواتف المحمولة وتحديث البيانات الخاصة بالعميل، وغيرها من الخدمات البنكية الأخرى.
كما أن التحول الرقمي في البنوك يتجه حاليا إلى ثورة حقيقية من استخدام الروبوتات لأتمتة الكثير من العمليات والخطوات ذات الطابع الروتيني، الأمر الذي سيؤدي إلى استغلال الطاقات البشرية لإنجاز الأمور البنكية الأخرى، أي تسخير الذكاء الصناعي بما يتيح الفرصة للاعتماد على الآلات والتطبيقات لتحليل البيانات والتنبؤ بسلوك العميل والشركات، إضافة إلى التنبؤ بالمخاطر الخاصة بالعملاء وتحليل المتعاملين .
وسيساعد الذكاء الصناعي على إخبار العميل بالخدمة التي تتناسب مع إمكاناته وطاقته، حيث سيكون بمثابة موجه للعميل (ناصح) للحصول على أفضل الخدمات والمنتجات وبما يتناسب مع الظروف المادية الخاصة به، ومع هذا التوجه سواء من قبل المؤسسات المصرفية أو العملاء أنفسهم، فإن التطلعات تتجه نحو المزيد من الدمج في الخدمات المصرفية الرقمية لتتكامل مع حياة العملاء، لتشكل دعامة من دعائم النمو المستقبلي لما ينطوي على ذلك من قيم مضافة لكافة الأطراف المعنية، ولما يسهم به في خلق نماذج عمل وخدمات أكثر تطوراً وتقدماً، تعزز من رفعة القطاعات المصرفية وتحسن من الاقتصادات، ولأن الأجيال الشابة تتجه لاستخدام التكنولوجيا الرقمية، أصبحنا في عصر السرعة والإنجاز الذي يتطلب الحصول على الخدمات والحلول أينما كانوا ومتى شاؤوا بمنتهى السهولة، وبمستويات أعلى من السرعة والكفاءة والأمان والحماية المعلوماتية.
مفهوم التحول الرقمي
يعرف التحول الرقمي المالي بأنه عملية نقل القطاعات المالية إلى نموذج أعمال يعتمد على التكنولوجيا الرقمية لتطوير المنتجات والخدمات وإنشاء قنوات إيرادية جديدة تعمل على تحسين قيمة منتجاتها وخدماتها، ويعرف أيضاً بأنه دمج التكنولوجيا الرقمية المالية في جميع الأعمال البنكية، مما يحدث تغيير في كيفية تفاعل البنوك مع عملائهم، ويُحسن من العمليات الداخلية في البنوك فتصبح أكثر كفاءة، وهناك العديد من الدوافع لتطبيق التحول الرقمي المالي يمكن عرضها على النحو التالي:
- البيئة التنظيمية وتوجهات الدولة: تدفع المتطلبات التنظيمية والتوجهات الحكومية اليمنية في تطبيق الشمول المالي في جميع الخدمات المالية، ويجب على البنوك الامتثال إلى متطلبات ورغبات توجهات الدولة واتباع نهج التحول الرقمي.
- تغير متطلبات العملاء وزيادة احتياجاتهم: ظهر الدافع في تحسين الخدمات والمنتجات المقدمة للعملاء كونه المحرك الأساس وراء التحول الرقمي، ليس فقط في صناعة الخدمات المالية حيث تعمل البنوك ولكن في جميع المجالات، فالعملاء اعتادوا على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة في عمليات البيع والشراء وأصبحوا بحاجة إلى خدمات رقمية مبتكرة وحديثة وسهلة الاستخدام للقدرة على البيع والشراء بطريقة سلسلة وبسرعة عالية، وفي زمن التحول الرقمي يتوقع العملاء أن يحصلوا على الخدمات بضغطة زر.
- ظهور شركات التكنولوجيا المالية: ظهر نوع جديد من الشركات التكنولوجية يعرف باسم " التكنولوجيا المالية Fintech " وقد أحدث هذا النوع من الشركات ثورة في القطاع المصرفي، وذلك حينما تحولت هذه الشركات من شركات مزودة بالحلول التكنولوجية إلى شركات منافسة في تقديم خدمات مبتكرة وقليلة السعر وذات قيمة مضافة لخدمات البنوك.
- زيادة حدة المنافسة: بسبب زيادة حدة المنافسة بين البنوك أقدمت هذه البنوك على تقديم خدمات رقمية مبتكرة، والاستثمار في التقنيات الحديثة لتحديث خدماتها ومنتجاتها، ومن ثم الحفاظ على الحصة السوقية وزيادتها في المستقبل.
مزايا التحول الرقمي
للتحول الرقمي الكثير من المزايا في الأعمال المالية وفي الحياة الشخصية، أهمها:-
- خدمة العملاء بشكل أفضل: تتيح عمليات التحول الرقمي تلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل، مثل استخدام مواقع وتطبيقات الويب للشراء، فيسهل على العملاء التجربة مع منصات الشركات الرقمية وخدمتهم بشكل أفضل وكذلك تنفيذ جميع تعاملاتهم المالية من خلال التطبيقات البنكية، حتى وصلت إلى تسديد مشترياتهم اليومية من خلالها وذلك نتيجة ربط التطبيقات مثل شركات التوصيل والمتاجر وغيرها مع التطبيقات البنكية.
- سهولة الدخول إلى المعلومات: يساعد التحول الرقمي على الحصول على المعلومات بيسر، فمن الممكن الوصول إلى احتياجات العميل بكل سهولة مثل تسديد جميع التزاماتهم بدون متاعب أو تأخير، فقط من خلال الدخول على التطبيق البنكي.
- توفير الوقت: وفرت التكنولوجيا الرقمية الوقت والجهد في كثير من الأمور للعملاء مثل تسديد جميع التزاماتهم عبر التطبيقات البنكية دون الحاجة إلى زيارة البنك أو المتجر.
- تحسين الكفاءة وخفض التكاليف وتقديم خدمات جديدة بسرعة ومرونة، وإحداث نقلة نوعية في الخدمات المقدمة للعملاء، واستبدال العمليات التقليدية بالرقمية.
- تغيير نماذج العمل وكذلك العقليات، والاستفادة من التكنولوجيا المعاصرة لتصبح أكثر يقضة وقابلية للتكيف في العمل وقادرة على التنبؤ والتخطيط للمستقبل.
عيوب التحول الرقمي
وفي المقابل هناك عيوب للتحول الرقمي أهمها:
- أمن المعلومات: في بعض الأحيان قد يكون من الصعب الحفاظ على المعلومات والبيانات التي تتعلق بالأفراد والمنظمات، من الاختراق من قبل المجرمين.
- انعدام الأمن الوظيفي: تتسبب التغيرات الهائلة في التكنولوجيا الرقمية بانعدام الأمن الوظيفي، فمن الممكن أن تحل التكنولوجيا محل البشر في العديد من المهام، مما يقلل من الأمن الوظيفي.
- نقص الخبرة الرقمية: والتي تتمثل في نقص الكفاءات والقدرات المتمكنة داخل البنوك والقادرة على قيادة برنامج التحول الرقمي والتغيير داخل هذه البنوك.
- نقص مهارات من يتولون مهمة التحول الرقمي (فهم التكنولوجيا، الانفتاح، التعاون)، وعدم وضوح أنظمة القياس ومشاركة الموظف وانخراطه في التحول الرقمي.
خلاصة
من خلال ما سبق بمكن القول إن أهم التحديات التي تواجه تطبيق التحول الرقمي تتمثل في الثقافة التنظيمية على أنها من أهم العوائق التي تقف حائلا أمام التحول الرقمي، فالتغيير ليس سهلاً كما هو الحال بالنسبة للبنوك لتغيير أنظمة الكمبيوتر أو البرامج، علاوة على ذلك فإن معظم ثقافات العاملين غير متوافقة مع التغيير، وغالباً ما تعيق التحول الهياكل غير المرنة التي تجبر فرق العمل على الانفصال عن بعضها البعض، كما يجب ألا يقتصر اعتماد التكنولوجيا في الحصول على أدواتها، بل يجب أن يكون جزاءً من رؤية أوسع للتحديات التي تواجها البنوك والنتائج التي تسعى إليها، ويجب على المسؤولين عن تكنولوجيا المعلومات وضع أهداف واضحة لعملهم، مثل الاستجابة السريعة للعملاء، وتحديث الأنظمة والإسراع في نشر التطبيقات والخدمات وتقليل تكاليف الصيانة وصولا إلى توفير الموارد والوقت للابتكار.