جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2023/05/10
الاقتصادية
في أواخر العام الماضي، قام جوناثان كرومبتون، الشريك في “رينولدز بورتر تشامبرلين”، المقيم في هونج كونج، بإسداء نصيحة إلى أخصائي طبي مقيم في جنوب آسيا وقع ضحية الاحتيال بالعملات المشفرة، بعد رسالة تلقاها على تطبيق وتساب كانت تبدو غير مؤذية من رقم هاتف مسجل في هونج كونج.
قام مرتكبو عملية الاحتيال باستخدام أرقام هواتف من هونج كونج لإقامة علاقات صداقة افتراضية مع الضحايا، وكسب ثقتهم، ومن ثم مطالبتهم بإيداع الأموال في حسابات في بورصات مزيفة للعملات المشفرة. في النهاية توقف المحتالون عن الرد على الرسائل، لكن ليس قبل أن يستدرجوا الضحايا لإقناع أصدقائهم وعائلاتهم بإيداع أموالهم أيضا في تلك المنصة المزيفة، كما يوضح كرومبتون.
يقول “إن الضحية التي عمل معها، وأصدقاء ذلك الشخص، خسروا جزءا كبيرا مما كانوا يعتقدون أنها أموال قاموا باستثمارها”، وأضاف “أعرف بعض الأشخاص الأذكياء والعقلاء الذين وقعوا ضحية لعمليات الاحتيال، لكنهم جميعا لديهم الاستجابة نفسها، وهي: كيف بدر مني ذلك؟”.
تفاقمت عمليات الاحتيال بالعملات المشفرة في الأعوام الأخيرة. حيث شهدت هونج كونج 2336 عملية احتيال بالعملات المشفرة في 2022، بزيادة 67 في المائة عن العام السابق، وفقا لأرقام الشرطة. طالت عمليات الاحتيال أموالا بقيمة 1.7 مليار دولار هونج كونج “217 مليون دولار”، بزيادة قدرها 106 في المائة عن 2021.
في حين إنه من الصعب تحديد الحجم الكامل للمشكلة بدقة، فإن الرقم، كما يقول كرومبتون، “ما زال مستمرا في الصعود”.
بالنسبة إلى المحامين في هونج كونج، فإن التعامل مع المخاوف بشأن إمكانية الأصول الرقمية لتمكين عمليات النصب والاحتيال هو مصدر قلق رئيس لهم. كما أنهم يساعدون لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة في الإقليم على تخطي الفاصل الرفيع بين حماية المستثمرين والسماح لمجموعات العملات المشفرة بالحرية الكافية لجعل المدينة جذابة باعتبارها قاعدة.
لكن قانون التوازن في هونج كونج يأتي في وقت سعت فيه الولايات القضائية المتنافسة إلى زيادة تدقيقها على القطاع، في أعقاب عديد من الانهيارات البارزة لشركات العملات المشفرة، مثل الانهيار الداخلي لبورصة إف تي إكس بمليارات الدولارات، وإفلاس وحدة الإقراض الخاصة بشركة جينيسيز ديجيتال للوساطة وصندوق التحوط السنغافوري ثري أروز كابيتال.
في أيلول (سبتمبر)، قبل أن تبذل هونج كونج جهودا على مستوى رفيع للترويج للعملات المشفرة، أصبح كرومبتون من “آر بي سي” عضوا مؤسسا في شبكة الاحتيال بالعملات المشفرة واسترداد الأصول في الإقليم. تضم هذه المجموعة محامين ومحاسبين وأطرافا في الصناعة من أجل زيادة الوعي حول الاحتيال بالعملات المشفرة في آسيا. كما يسعى المحامون إلى مساعدة الضحايا على استعادة أصولهم المسروقة.
يقول كرومبتون “إن المهمة الثانية أكثر صعوبة. حيث يشير إلى أنه في التمويل التقليدي “أنت تميل إلى معرفة من هم الأشخاص السيئون”. لكن المحتالين بالعملات المشفرة يستخدمون أسماء مستعارة لإخفاء هوياتهم، كما أن المحافظ الرقمية المستخدمة لتخزين العملات المشفرة المسروقة عادة ما تكون غير معروفة.
إضافة إلى ذلك، غالبا ما تخفق بورصات العملات المشفرة في الرد على الرسائل القانونية التي تبلغها بوجود نشاط مشبوه فيها بينما ترد عليها البنوك التقليدية بشكل عام، كما يشير كرومبتون.
يقول “لا أعتقد أن من الصواب القول إن البورصات لا تفهم. إذ يضم كثير من بورصات العملات المشفرة محامين جيدين جدا. أعتقد أنهم غارقون في عدد الرسائل التي تلقوها”.
من الناحية النظرية، تستطيع المحاكم أن تطلب من البورصات عكس المعاملات. لكن هناك قلة في السوابق القضائية لإكمال هذه العملية وقد يكون من الصعب أو المستحيل فنيا فرض إعادة العملات المشفرة. أيضا، يعاني عديد من ضحايا الاحتيال بالعملات المشفرة بالفعل شحا في الأموال، ما يعني أن معظم العملاء غير راغبين أو غير قادرين على رفع القضايا ومتابعتها حتى نهايتها.
يقول “نحن نبحث عن شخص يملك موارد مالية إضافية ومستعد للسعي خلف الأصول التي فقدت، وفي الوقت الحالي، لم نعثر حقا على الضحية الذي يكون مستعدا لمواصلة استثمار كثير من الأموال في مسألة تعد خاسرة”.
من الحلول التي يقترحها أن يقوم عديد من العملاء بتجميع الأصول لإنشاء كيانات مشتركة ومشاركة عائدات، أي من المكاسب المتحققة من إجراءات الاسترداد.
أما جاري تيو، رئيس الشؤون التنظيمية في “بي سي تكنولوجي جروب”، الشركة الأم لشركة أوه إس إل -وهي إحدى بورصتين فقط للعملات المشفرة حصلتا على ترخيص من المنظم المالي في هونج كونج- فيعتقد أن الجهود المبذولة في العملات المشفرة في المدينة ستشجع مزيدا من المستثمرين على استخدام المنصات المرخصة، التي ينبغي التأكد أنها محصنة بشكل أفضل من عمليات الاحتيال أو الاختراق أو السرقة.
لكنه يحذر من أن الجهود التنظيمية يمكن أن تحفز بعض مستثمري التجزئة على استخدام البورصات غير المرخصة ذات المخاطر العالية خارج نطاق السلطة التنظيمية لهونج كونج. ويضيف أن “هناك خطرا يتمثل أيضا في أن المعلومات المتاحة للجمهور حول البورصات المرخصة ستزيد من الفرص أمام المحتالين. مثلا، تم استهداف شركة أوه سي إل من قبل المحتالين الذين اتصلوا بالضحايا متظاهرين بأنهم أعضاء في إدارة الشركة،في الواقع، قاموا باستخدام سمعة الشركة ضدها”.
يقول تيو “من الصعب جدا إخبار الناس بألا يقعوا ضحية لمحتالين لديهم قدرة كبيرة على الإقناع. فهم سيجدون أيضا أنه من الأسهل اختيار أسماء معينة (…) وانتحال صفتهم باستخدام جميع (…) الحيل التي نراها عادة في كثير من عمليات الخداع على مواقع الإنترنت، مثل التصيد الاحتيالي”.
كما يحاول المحامون إيجاد طريقة للتوفيق بين مخاوف المنظمين فيما يتعلق بحماية المستثمر وبين طموحات مجموعات العملات المشفرة لتقديم عمليات يتم تسييرها بحرية أكثر، كما يقول مايكل وونج، الشريك في “ديشيرت” للمحاماة. حيث يقدم المشورة لصناديق التحوط والبورصات بشأن الحصول على تراخيص من الجهة التنظيمية في هونج كونج.
يقول وونج “إنهم (لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة) يريدون فتح باب الصناعة، لكن لديهم دائما في الوقت نفسه مخاوف بشأن حماية المستثمر”.
فيما تقول لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة إنها ذكرت المستثمرين بالمخاطر التي ينطوي عليها استخدام منصات الأصول الافتراضية وستضمن أن نظامها التنظيمي “يحقق التوازن المناسب بين حماية المستثمر ودعم الابتكار”.
ساعد كل من وونج وجيسون تشان، وهو شريك في “ديشيرت”، بالفعل صندوق فور إيليت كابيتال مانجمنت التحوطي للعملات المشفرة في الحصول على ترخيص من لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة، ثم التوسع في شروط هذا الترخيص للسماح له بالاستثمار في أكثر 100 عملة مشفرة والمشتقات تداولا. إذ لم يسمح ترخيص الشركة في السابق بأي شيء سوى تداول المراكز الدائنة فقط في الـ20 عملة الرئيسة.
يقول وونج “إن خبرة لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة المتنامية في التعامل مع العملات المشفرة في أعقاب جهود الأصول الرقمية في هونج كونج، ساعدت (ديشيرت) للمحاماة على رفع مستوى راحة المنظم من خلال استراتيجية تنطوي على مخاطر وجرأة أكبر”.
تلقى مكتب المحاماة عددا من الاستفسارات من مجموعات تسعى لمعرفة “النطاق الأوسع” الذي سترخص لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة العمل لهم بموجبه.
وأشار وونج: “هذه هي الطريقة التي تم بها بناء عالم العملات المشفرة، لقد أرادوا عالما حرا خاليا من اللوائح. إننا (…) نعمل على إرساء التوازن بين العالم الحر وما يحدث بالفعل في الواقع”.