جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2023/10/01
*صلاح الفائق
مؤشرات رئيسية:
- متوسط النمو في العرض النقدي خلال الفترة من 2008م-يناير 2015م بلغت 7%.
- متوسط النمو السنوي لإجمالي تمويلات القطاع المصرفي للقطاع الخاص خلال الفترة من 2008م-يناير 2015م بلغت 6%.
- متوسط سلفيات البنوك للقطاع الخاص الى إجمالي الناتج القومي المحلي خلال الفترة من 2008م-يناير 2015م بلغت 7%.
- يعتبر قطاع الأفراد أكثر القطاعات الاقتصادية إيداعا في البنوك بالعملتين المحلية والأجنبية بمتوسط بلغ 52%.
- تأثر القطاع المصرفي بشكل ملحوظ في انخفاض الأصول الخارجية خلال الفترة من 2008م- يناير 2015م.
يمثل القطاع المصرفي عنصرا أساسيا في عمليات إدارة الأموال في أي بلد, فبالإضافة إلى كونه أداة من أدوات السياسة النقدية في تحديد النقد والسيولة, فهو أيضا الرافد الأساسي وعصب الحياة والمصدر الأساسي والشرعي لتوظيف الأموال واستثمارها لأغراض التنمية وتمويل التجارة داخليا وخارجيا.
وبالرغم من الأزمات التي مرت بها البلد ابتداء من آثار الأزمة المالية العالمية في العام 2008م, وإغلاق عدد من البنوك العالمية لحسابات البنوك المحلية لأسباب تتعلق بأزمات سياسية واقتصادية بحتة، آخرها تصنيف اليمن كدولة ذات مخاطر عالية, إلا أن البنوك العاملة في اليمن مارست دورا هاما في دعم النشاط التجاري والاقتصادي وتوظيف الأموال في أنشطة ذات الطابع المحلي في محاولة لتخفيف آثار أعباء القرارات الخارجية على البلد.
يناقش هذا التقرير أهم العوامل المالية المؤثرة في إدارة السياسة النقدية بالإضافة الى أهم الأدوار الاقتصادية للبنوك فيما يتعلق بالتمويل والاستثمار, وكذا استعراض للقطاعات الاقتصادية من حيث طبيعة المودعين والإيداعات خلال الفترة التي تخللت من العام 2008م وحتى يناير 2015م, والتي سبقت الأزمة السياسية والحرب على اليمن وانقسام السلطة النقدية وزيادة العرض النقدي المتمثل في الإصدار النقدي الجديد وتوقف أنشطة التصدير للنفط والغاز الذي كان يمثل أحد أهم مصادر النقد الخارجي.
أولا: عناصر السياسة النقدية:
1- العرض النقدي: خلال الفترة من 12/2008م- 01/2015م:
يشير العرض النقدي أو النقد المصدر الى النقد الذي أصدره البنك المركزي، ويتكون من النقد المتداول خارج البنوك مضافا إليه النقد في الصندوق لدى البنوك، وقد شهد هذا البند تغييرات كثيرة خلال فترة القياس كانت في معظم الفترات مرتبطة بالتغير في أسعار الفائدة وما شهدته من نمو في الودائع تحت الطلب وشبه النقد (ودائع الادخار-الودائع الآجلة-الودائع بالعملات الأجنبية- الودائع المخصصة- ودائع الضمان الاجتماعي) بالإضافة الى الانخفاض في صافي الأصول الخارجية وصافي الاقتراض الحكومي (سندات حكومية) وصافي المطالبات على القطاع الخاص بالإضافة الى البنود الأخرى.
2- موقف أذون الخزانة (وفقا للقيمة الاسمية): تحليل للفترة من ديسمبر 2001- يناير 2015م:
شهدت الفترة من العام 2001م وحتى يناير 2015 زيادة مضطردة في قيم أذونات الخزانة المشتراة من قبل القطاع المصرفي من 9% في 12/2001 حتى بلغت 86% في 12/2009م, وتراجعت تلك النسبة لتستقر على نسبة 75% ابتداء من 09/2014م وحتى 01/2015م، على النقيض شهدت أذونات الخزانة المشتراة من قبل القطاع الغير مصرفي صاحبها تراجع مضطرد وزيادة في العرض النقدي خاصة النقد المتداول.
3- أسعار الفائدة للودائع الحكومية:
شهدت أسعار الفائدة تقلبات مضطردة خلال الفترة من يناير 2009م حتى يوليو 2013م بعد أن كانت مستقرة لثمان سنوات على نسبة 13% للريال اليمني, حيث شهدت تغييرا بما يقارب 9 مرات , كانت أكثرها خلال العام 2010م، حيث شهد الفوائد الممنوحة زيادة بمعدل 3 مرات خلال 3 أشهر, والذي قد يعزى الى السياسة الرامية لكبح الزيادة في العرض النقدي والتي بلغت الى 9.2% عن ما كان عليه في العام 2009م التي بلغت 10.56%. والتي انعكست على الودائع الآجلة والودائع بالعملات الأجنبية, ولكن انعكس ذلك أيضا على أسعار الفوائد للتمويلات التي ارتفعت في مقابل انخفاض قيم التمويلات الممنوحة وهو ما سيتم استعراضه لاحقا.
4- التغير في أسعار الفائدة على الودائع والإقراض:
في سياق ارتفاع قيم أذونات الخزانة المشتراة من البنوك, شهدت أسعار الفوائد الممنوحة على الودائع وكذا أسعار الفوائد على الإقراض ارتفاعا بمرور الوقت, وهو ما يفسر الى توجه البنوك لتوظيف الأموال في السندات الحكومية نتيجة التغير في الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
لقد أسهمت البنوك بشكل ملحوظ في امتصاص النقد خارج القطاع المصرفي مقابل الاستثمار في الدين الحكومي.
5- الأصول الخارجية:
شهدت الأصول الخارجية للقطاع المصرفي خلال الفترة من العام 2008م-يناير 2015م انخفاضا ملحوظا حيث من 9.2 مليار دولار في العام 2008م, لتصل الى 5.2 مليار دولار في مطلع العام 2015م بنسبة انخفاض بلغت -43% بين الفترتين محل القياس, هذا الانخفاض أثر على قدرة القطاع المصرفي في تمويل الواردات والتجارة الدولية في ظل تصاعد القيود والصعوبات التي وضعتها البنوك الخارجية وانخفاض قيم الأصول وارتفاع الالتزامات التي تسببت بآثار سلبية.
دور البنوك في تمويل القطاع الغير حكومي للفترة من العام 2008م- يناير 2015م:
ساهمت البنوك العاملة في اليمن بشكل ملحوظ في تمويل أنشطة اقتصادية هامة منها الزراعة والأسماك – الصناعة-التشييد -تمويل الواردات والصادرات والسلع المصنعة من خلال الإقراض القصير وطويل الأجل بالرغم من الظروف الاقتصادية المتقلبة التي شهدتها تلك الحقبة, وكان نصيب الزراعة والصيد الحصة الأكبر خلال تلك الفترة بمتوسط نمو سنوي بلغ 9%, يليه قطاع التشييد بنسبة نمو سنوي بلغت 8%, ثم تمويل الواردات بنسبة نمو سنوي بلغت 5% وأخيرا تمويل الصادرات بمتوسط نمو سنوي بلغت 2% ,في حين بلغ إجمالي النمو لقطاع الزراعة والصيد في يناير 2015 مقارنة ب 2008 ما نسبته 157%, و 255%, 132% و 108% لقطاعات التشييد, تمويل الصادرات, تمويل الواردات على التوالي.
في حين بلغ إجمالي معدل النمو في مجمل السلفيات الممنوحة من دون القطاع الحكومي من العام 2008م وحتى يناير 2015م حوالي 30%، وقد توزعت حصة المساهمة بين البنوك التجارية والإسلامية بنسبة 60% و 40% على التوالي.
يأتي هذا الدور الذي لعبته البنوك كتلبية للاحتياجات الأساسية والضرورية للمجتمع في فترة التقلبات السياسية والذي كان على حساب انخفاض قطاع التمويل للصناعة وتمويل تجارة السلع المصنعة.
كما يظهر أيضا أن معدل القروض والسلفيات المصنفة خلال نفس فترة القياس تضاعفت بنسبة 124% بسبب حال الاستقرار التي شهدتها الفترة كما انخفضت نسب الديون المتوسطة والطويلة الأجل بنسبة -40% وهو إجراء منطقي تم اتخاذه من البنوك لسياسات التمويل حفاظا على أموال المودعين وتوظيف الأموال في مجالات مأمونة.
إسهامات البنوك في التمويل للقطاعين العام والخاص خلال الفترة من 2008م- يناير 2015م :
ساهمت البنوك بشكل فعال في تمويل القطاع الحكومي سواء من خلال شراء الديون الحكومية أو تمويل القطاعات الحكومية والمختلطة، خاصة في الفترة ما بعد العام 2010م والتي شهدت زيادة في العرض النقدي وتغير في أسعار الفائدة وانخفاض في التمويلات المتوسطة والطويلة نتيجة لحالة الاستقرار في الأوضاع الاقتصادية, حيث كانت مساهمة البنوك في تمويل القطاع الخاص في مطلع العام 2008م 99% من إجمالي التمويلات الممنوحة مقابل 1% للقطاع العام والمختلط، في حين بلغت في يناير 2015م حوالي 92% للقطاع الخاص مقابل 8% للقطاع الحكومي, يأتي هذا في إطار توظيف الأموال في التمويلات الحكومية التي تعتبر مضمونة وضمان لأموال المودعين, بالإضافة الى إسهامات البنك في تقليل العرض النقدي.
كما يلاحظ من خلال الأرقام المتحصلة بأن البنوك أسهمت بشكل كبير في تمويل القطاعات بالعملة الأجنبية التي مثلت الحصة الأكبر من إجمالي التمويلات الممنوحة للقطاعين الحكومي والخاص بكافة العملات, وموجه بشكل كبير للقطاع الخاص وهو ما يشير الى تمويل الواردات والصادرات، حيث توزعت التمويلات ما بين العملة المحلية والأجنبية في العام 2008م بنسبه 45%و 55% على التوالي, في حين بلغت في يناير 2015 حوالي 41% بالعملة المحلية و 59% بالعملة الأجنبية.
الإيداعات النقدية طبقا للمودعين خلال الفترة من العام 2008م-يناير 2015م:
مثلت إيداعات القطاع الخاص ما متوسطه 91% من إجمالي الإيداعات في القطاع المصرفي خلال فترة القياس في حين مثلت إيداعات الأفراد في المتوسط 56%, وفي نفس السياق مثل قطاع الأفراد معظم الإيداعات بالعملة الأجنبية بمتوسط بلغ 52% من إجمالي الإيداعات بالعملة الأجنبية من الجهات الحكومية- مؤسسات عامة- قطاع مختلط- شركات محلية- شركات أجنبية - منظمات وجمعيات, في حين مثلت إيداعات الشركات المحلية ما متوسطه 32%, في حين كانت إيداعات المنظمات والشركات الأجنبية ما متوسطه 6%,4% على التوالي على عكس ما هو متوقع بأن الشركات والمنظمات تمثل مصدرا رئيسيا للإيداعات بالعملة الأجنبية.
وفي سياق آخر مثلت الودائع لأجل النسبة الأكبر من إجمالي تصنيفات الودائع خلال الفترة حيث بلغ متوسط الودائع لأجل خلال الفترة ما نسبته 47% من إجمالي الإيداعات والتي كانت جلها بالعملة المحلية, تليها الإيداعات في الحسابات الجارية/ تحت الطلب بنسبه 32% جلها بالعملة الأجنبية وباقي النسب موزعة بين الودائع المخصصة وودائع التوفير.
ويعتقد بأن سبب ارتفاع إيداعات الأفراد يعود الى:
1- استثمار فائض الأموال بعد الاستهلاك.
2- الحوالات الخارجية الواردة من المغتربين.
3- معظم قطاعات الأعمال الصغيرة عبارة عن أنشطة أفراد وهو ما يفسر سبب ارتفاع أرصدة الحساب الجاري.
الخــــــــــــــلاصة:
بالرغم من أن أدوات السياسة النقدية (خاصة في حالة رفع الفائدة) تستخدم عادة للتأثير على العرض النقدي وتمويل أنشطة واحتياجات الحكومة, إلا أن ذلك لم ينعكس بصورة فعلية في خدمة تلك الأهداف, حيث ساهمت في تخفيض التضخم في السنوات الأولى إلا أنها لاحقا ساهمت في زيادة التضخم خاصة في الفترات التي شهدت رفع الفائدة من العام 2008-2010م، وذلك من خلال رفع تكلفة الإقراض على المشاريع الإنتاجية والخدمية بالإضافة الى توجه المنتجين لرفع الأسعار بمعدلات أرباح مقاربة لأرباح أذونات الخزانة .
ولكن بالرغم مما ورد, فقد لعبت البنوك اليمنية أدوارا اقتصادية هامة خاصة في الأوقات التي شهدت البلاد تحولات اقتصادية وسياسية حيث بلغت نسبة مساهمتها من السلفيات الى إجمالي الناتج المحلي ما نسبته 7%, كما تظهر البيانات التي تم تحليلها دور البنوك في تحقيق التوازن الاقتصادي ودعم القطاع الحكومي والمساهمة في فعالية السياسة النقدية مع الموائمة في توفير احتياجات القطاع الخاص.
كما لعبت دورا هاما في استقطاب الأموال خاصة من قطاع الأفراد الذي كان له دور حيوي وأساسي وفعال كمصدر رئيسي للسيولة والعملة الأجنبية والتي أسهمت في رفد البنوك بجزء كبير من السيولة وتوظيف الأموال في القطاعين الخاص والعام.
كما برز دور البنوك في دعم تمويل القطاعات والدور الاجتماعي والاقتصادي لها في تخفيف آثار الأزمات ودعم الأنشطة الاقتصادية والتكيف مع متطلبات الوضع الاقتصادي وتوفير احتياج المجتمع من السلع والخدمات عبر الواردات في ظل انخفاض الأصول الخارجية.
هذا الأمر يتطلب تعزيز دورها الحيوي من خلال توفير الدعم وفرص التمكين الاقتصادي خاصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعكس أنشطة الأفراد لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والنهوض بالاقتصاد الوطني الذي سينعكس على رفاهية المجتمع.
ملاحظـــــــــــة: تم استقاء البيانات من النشرات الصادرة عن البنك المركزي اليمني الإدارة العامة صنعاء في الموقع الالكتروني والتي كانت آخرها في يناير 2015م وذلك للاعتبارات التالية:
1- وحدة السلطة النقدية ممثلة بالبنك المركزي اليمني- صنعاء.
2- استقرار العملة المحلية نسبيا مقابل العملات الأجنبية في كافة مناطق الجمهورية اليمنية.
3- شهدت الفترة تحولات وتغيرات جذرية ومؤثرة ساهمت في رسم الاتجاهات الحالية.
4- محدودية نطاق العرض النقدي في حينه بحدود تريليون ومائتي مليون ريال ووحدة تداول العملة في كافة مناطق الجمهورية اليمنية.
مدير التسويق والتطوير- البنك الأهلي اليمني*