جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2025/01/09
رفعت المادة 182 من قانون المالية الجزائري لسنة 2025، رأسمال الصندوق الوطني للاستثمار (صندوق سيادي تابع للدولة) إلى 275 مليار دينار (الدولار = نحو 136 ديناراً)، في خطوة ستفتح المجال له للمشاركة بشكل أكبر في التمويلات والشراكات المبرمجة مع الشركات الأجنبية.
الصندوق سيستفيد من هذه القدرة المالية الجديدة بداية من يناير/ كانون الثاني الحالي، ضمن التطبيق العملي للبنود الواردة في قانون المالية، والتي تدخل حيز التنفيذ في هذا الشهر بعد صدورها في الجريدة الرسمية، وهو يعتبر أيضاً الجناح المالي للدولة للمشاركة في النشاطات الاقتصادية والمشاريع الاستثمارية، لا سيما ذات البعد الاستراتيجي منها.
وعلى هذا الأساس، ترمي هذه التدابير إلى تعزيز القدرات التمويلية، فمن خلال زيادة رأسمال الصندوق الوطني للاستثمار تعزز الدولة قدرته على تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة، إلى جانب دعم الشراكات الإستراتيجية، فضلاً عن توفير تمويلات بديلة للمشاريع، مما يقلل الاعتماد على التمويل التقليدي ويعزز الابتكار في القطاع المالي.
بهذا الخصوص، قال الخبير الاقتصادي والنائب البرلماني، عبد القادر بريش، إنّ رفع رأسمال الصندوق من 150 مليار دينار سابقا إلى 275 مليار دينار أي أكثر من 2.2 مليار دولار يمكنه من امتلاك الصلابة وقوة المالية تتيح له الدخول في مساهمات في رأسمال المؤسسات الاقتصادية أو إقامة شراكات مع مستثمرين محليين وأجانب، وهو ما تم في السابق من خلال المساهمة في شراء متعامل (رخصة) الهاتف النقال "جازي" بنسبة 51%، بالإضافة إلى الدخول في شراكات مهمة جداً على غرار شركة "بلدنا".
وأوضح المتحدث، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ هذه الخطوة تسمح لأقدم الصناديق الاستثمارية الذي تملكه الدولة بنسبة 100% (أنشئ في سنة 1963) بمنح تمويلات على المدى الطويل لمشاريع في قطاعات استراتيجية، واعتبرها بديلاً مهماً للتمويلات التقليدية التي توفرها القروض البنكية، مشيراً إلى أنّ ذلك ينسجم مع توجّه السلطات الجزائرية لتنويع مصادر تمويل النشاطات الاقتصادية.
تنويع مصادر التمويل
وأكد بريش، في هذا السياق، أهمية تنويع مصادر التمويل الموجهة للاقتصاد، بما في ذلك استحداث وإنشاء ما سماه "بنوك استثمار"، عملاً بما جاء في مضمون القانون النقدي والمصرفي الصادر في سنة 2023، بالإضافة إلى تفعيل آليات التمويل الخاصة بالصيرفة الإسلامية في الإسهام في تنشيط السوق المالي، وذكر أيضاً أنّ قانون المالية 2025 أقر بإمكانية إصدار الخزينة العمومية ما يعرف بسندات سيادية متوافقة مع التمويل الإسلامي لجلب الادخار وتجنيد الموارد المالية لتمويل الاستثمار.
أما مدير مؤسسة الدراسات الاقتصادية، حمزة بوغادي، فيرى ثلاثة مستويات لتحليل له حول خطوة رفع رأسمال هذا الصندوق وقراءة أهدافها، في مقدمتها توجّه الحكومة الجزائرية نحو إقامة شراكات كبيرة، على حد ما يقام في عدة قطاعات إستراتيجية كالحديد والصلب، والبتروكيماويات وحتى الصناعة الغذائية (مشروع "بلدنا" في لإنتاج الحليب المجفف في جنوب البلاد)، لا سيما مع الشركاء القطريين والأتراك، حيث سيشارك الصندوق الوطني للاستثمار في جزء هام من تمويلها، واعتبارها أداة الدولة في تغطية نصيب تمويلاتها في إطار الشراكات المعلنة.
وفي المستوى الثاني لتحليله، قال بوغادي لـ"العربي الجديد" إنّ الصيغ التمويلية للصندوق مميّزة، من خلال مشاركة ما يعرف برأسمال المخاطر مع الشركات الأخرى، وبالتالي يتجاوز الاكتفاء بدور التمويل ليتحوّل الصندوق إلى شريك يملك نسباً في المؤسسات المنجزة للمشاريع. أما المستوى الثالث فيكمن، حسب المتحدث، في مساعي السلطات العمومية في البلاد لتجسيد الإصلاح المالي الكبير، موازاة مع استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وبالتالي رفع إمكانات هذا الصندوق في ترجمة هذه الأهداف، بما في ذلك القدرات البشرية (خبرة الموظفين وكفاءتهم) وكذا اللوجيستيكية كمضاعفة استحداث المقرات والتمثيليات وفتح المجال أمامه للنشاط في السوق المالي الخارجي، فضلاً عن القدرات المالية.
المصدر- العربي الجديد