بنوك أجنبية

  • شارك:

بنوك أميركا تستعد للتعثر... رسوم ترامب تدفع الاقتصاد للركود وتمتد إلى جيوب المستهلكين


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2025/04/24

 

باتت الولايات المتحدة الأميركية مهددة بالانزلاق إلى ركود اقتصادي تمتد تداعياته إلى المستهلكين وقدرتهم على الإنفاق وسداد القروض المصرفية، ما يدفع البنوك إلى التأهب لهذا السيناريو عبر تخصيص احتياطيات ضخمة لتغطية الخسائر المتوقعة.

في حين ما زال المستهلكون يُظهرون قدراً من الصمود، بدأ مسؤولو البنوك يلمسون حالة من التوتر وعدم اليقين في القطاع التجاري، وسط حرب الرسوم الجمركية الواسعة التي تشنها إدارة الرئيس دونالد ترامب، لا سيما على الصين، التي فُرضت على سلعها رسوم بنسبة 145% مضافاً إليها رسوم جمركية من الإدارات السابقة، ما يزيد من تكاليف الشركات التي يتوقع أن تمرر هذه الزيادات إلى جيوب المستهلكين.

ويعني الركود المحتمل عجز المزيد من العملاء عن سداد فواتيرهم، وتحاول البنوك وشركات بطاقات الائتمان استباق الأمر، وفقاً لأحدث تقارير أرباحها التي تظهر تباعاً منذ بضعة أيام. وبالفعل، ترتفع حالات التخلف عن السداد. وأضاف كل من "جيه بي مورغان تشيس" و"سيتي غروب" أموالاً إلى احتياطياتهما لتغطية الخسائر المستقبلية المتوقعة. كما تُشدد شركة "سينكروني" المتخصصة في تقديم الخدمات المالية للمستهلكين المُصدرة لبطاقات التجزئة، معايير الإقراض لديها. كما يسعى بنك "يو إس بانكورب" إلى استقطاب قاعدة عملاء أكثر ثراءً، قادرة على الصمود في وجه الركود الاقتصادي.

لم تظهر آثار الحرب التجارية التي شنها ترامب بعد في النتائج المالية لأكبر البنوك المقرضة، والتي تُتيح أعمالها فرصة للاطلاع على عادات الإنفاق لدى الأميركيين. وقد أعلنت هذه البنوك عن أرباح أعلى في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، قبل أن يُطبّق ترامب أشدّ رسومه الجمركية. وواصل الأميركيون الإنفاق والاقتراض والحصول على بطاقات ائتمان جديدة بوتيرة أسرع من العام السابق.

وقال المدير المالي في "جيه بي مورغان تشيس" جيريمي بارنوم، في اتصال هاتفي مع المحللين، وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال: "ينصب التركيز الآن على المستقبل، وهو أمر غامض بشكل غير معتاد". وهناك بعض علامات الإنذار المبكر، إذ يُحجم المستهلكون عن الإنفاق غير الضروري، مثل العطلات. وصرح مسؤولون تنفيذيون في شركة "أميركان إكسبرس" للخدمات المالية وبنك "سيتي غروب"، بأن الإنفاق على السفر والترفيه تراجع في الربع الأول، بينما انتعش الإنفاق في الفئات الأقل.

وشهدت ثقة المستهلكين تراجعاً خلال الشهرين الماضيين، ما أثار مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تباطؤ إنفاق الناس، وهو ما يدفع البنوك إلى زيادة مخصصات مواجهة حالات التعثر عن السداد. كما أن الحذر المتزايد يُغير هوية العملاء الذين ترغب البنوك في استقطابهم. فقد بدأت البنوك التي تقدم خدماتها التقليدية للأميركيين العاديين في استهداف شريحة أوسع من الأثرياء في محاولة لحماية محافظ بطاقاتها من خطر تخلف عملاء البطاقات ذوي الدخل المنخفض عن سداد فواتيرهم. وأعلن بنك "يو إس بانكورب" أنه يُعيد النظر في استراتيجية بطاقاته الائتمانية لإعطاء الأولوية للعروض المميزة، وتوجيه التسويق نحو الأسر الأكثر ثراءً.

وفقاً لبيانات حكومية، يُمثل أصحاب الدخل المرتفع حالياً ما يقرب من نصف إجمالي الإنفاق في الولايات المتحدة. وعلى الجانب الآخر من شرائح الأميركيين منخفضي الدخل، يزداد الحصول على الائتمان صعوبة. وأفادت شركة "سينكروني" بانخفاض بنسبة 3% في الحسابات النشطة و4% في حجم المشتريات في الربع الأول، حيث ابتعدت عن المقترضين الأكثر خطورةً ذوي درجات الائتمان المنخفضة.

ووفق الرئيس التنفيذي لبنك "ويلز فارغو أند كو" تشارلي شارف، فإن البنك يتأهب لسيناريو الركود المحتمل. وأعلن البنك قبل أيام عن تخصيص 15 مليار دولار لخسائر القروض، وذلك لامتصاص أي صدمة قد تتعرض لها نتيجة تطورات الاقتصاد. وعلى مستوى البنوك الكبرى مجتمعة، تملك أكبر ثمانية بنوك في الولايات المتحدة رأس مال من الأسهم يقترب من تريليون دولار، وهو مخصص لتغطية أي خسائر محتملة. لكن ذلك لا يعني أنها لن تتأثر، وفق تحليل نشره المحلل المالي والمدير السابق لأحد صناديق التحوط في وكالة بلومبيرغ الأميركية مارك روبنشتاين.

وفي السياق، قال الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان تشيس أند كو" جيمي ديمون، خلال مكالمته مع المستثمرين أخيراً: "البنوك مثل سدادة تطفو وسط محيط الاقتصاد.. إذا ساءت الأحوال الاقتصادية، سترتفع خسائر الائتمان، وقد تتغير أحجام الأنشطة، وقد تتغير منحنيات العائد".

ومع تفاقم حالة الغموض، يلجأ الرؤساء التنفيذيون للبنوك إلى فرقهم الاقتصادية للحصول على التوجيه. وقدرت وحدة الأبحاث في "جيه بي مورغان" احتمال حدوث ركود اقتصادي في 2025 بنحو 60%، فيما وضع "ويلز فارغو" تلك النسبة عند 55%. أما فريق الأبحاث في "بنك أوف أميركا"، فيرى في الوقت الحالي أن الاقتصاد الأميركي لن يشهد ركوداً خلال 2025.

لكن في ظل إدارة أميركية تسعى إلى إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، يواجه مسؤولو البنوك ظروفاً غامضة، إذ قد لا تكون اختبارات الإجهاد التقليدية التي تجريها المؤسسات المالية كافية للكشف بوضوح عن المخاطر المحتملة بصورة كاملة.

وتتباين تقديرات تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار بشكل كبير، فبينما يتوقع عدد من المحللين الاقتصاديين في "وول ستريت" ارتفاع مؤشر رئيسي لمعدل التضخم الأساسي إلى أكثر قليلاً من 3% بحلول نهاية العام، يتكهن آخرون بأن يقترب من 5%. بالتالي، فهذا يعني وجود مجموعة كبيرة من النتائج المحتملة في ما يتعلق بقرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة.

وأشار عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، في خطاب ألقاه في 14 إبريل/ نيسان الحالي، إلى أن "عوامل المنافسة، بما فيها السعي إلى الحفاظ على العملاء، قد تدفع الشركات إلى تمرير جزء ضئيل فقط من التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين"، فيما شبّه توم باركين، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند بولاية فيرجينيا، الوضع في الآونة الأخيرة بـ"نزال محتدم" بين المستهلكين المحبطين من جهة، والشركات المعرضة للضغط من جهة أخرى.

وتوضح الإشارات الأولية المستخرجة من البيانات الاقتصادية، المعتمدة على الرسوم الجمركية المطبقة قبل قرارات الرسوم الجمركية الشاملة في الثاني من الشهر الجاري، أن الشركات تحملت بعض التكاليف على الأقل.

وقد تعتمد شركات بيع التجزئة الكبرى، مثل "وولمارت"، على سلاسل التوريد المتنوعة للتفاوض مع التجار على الأسعار والمخزون. ورغم ذلك، حذرت الشركة من تأثير سلبي قصير المدى على الربح التشغيلي مع دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، وأشارت إلى أنها تستثمر للحفاظ على انخفاض الأسعار.

غير أن شركات أخرى قد تتعرض لتأثير أكبر، حيث تشير تقديرات "باركليز" إلى أن شركات مثل "نايكي" و"سكتشرز يو إس إيه" ستضطر إلى رفع الأسعار 7.5% و10% على التوالي لمعادلة تأثير الرسوم الجمركية. ويتوقع بنك "مورغان ستانلي" أن ترتفع الأسعار في "تارغت" و"فايف بيلو" بما يزيد عن 5%، وأن ينخفض إجمالي الأرباح بأكثر من 20%، نتيجة مزيج يجمع بين القدرة المحدودة على رفع الأسعار دون التأثير السلبي على الطلب والاعتماد على البضائع الصينية وهوامش الأرباح الضئيلة.

أما الشركات الصغيرة، فأمامها خيارات أكثر صعوبة. فبينما تصنع علامة "جولييت واين" التجارية للنبيذ المعلب معظم منتجاتها في كاليفورنيا، حيث يقع مقرها، إلا أنها تستورد مكونين رئيسيين للعبوات من الاتحاد الأوروبي والصين. وأشارت المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية للشركة أليسون لوفيرا، وفق تقرير لوكالة بلومبيرغ، إلى أنه حتى لو خضع المكونان فقط للرسوم الجمركية، سيؤدي ذلك إلى انخفاض هامش الربح "بأرقام مزدوجة منخفضة".

في الوقت نفسه، تحاول علامة "فاهرتي" التجارية للملابس، ومقرها في نيويورك، عدم رفع الأسعار هذا العام، لكن مع استيراد معظم منتجاتها من دول مثل الصين والبرتغال والهند، يشكل هذا تحدياً أمام الشركة. وكشفت كبيرة مسؤولي التأثير في "فاهرتي" كيري دوتشيرتي أن الشركة بدأت عام 2025 بحماسة وتوقعت سداد الديون وتحقيق أهداف الأرباح، لكن الوضع تغير بسبب الرسوم الجمركية. وأضافت: "كنا في غاية التفاؤل، أخيراً نجحنا بعد 12 عاماً. يمكننا الآن التقاط أنفاسنا. أما في الفترة الحالية فقد أدركنا أن علينا مواصلة العمل دون فرصة لالتقاط الأنفاس".

المصدر- العربي الجديد

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP