جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2019/08/13
أرقام
الحجم قد يعني الكثير للنشاط التجاري في صناعات مثل التجزئة، فتوفير المراكز التجارية الكبيرة لمجموعة هائلة ومتنوعة من السلع -عادة ما تُعرض بتكلفة أقل في هذه الأماكن- يحفز المتسوق على العودة مجددًا والاعتماد على المركز التجاري الكبير في جمع احتياجاته بدلًا من الذهاب إلى عدة متاجر صغيرة.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة في صناعات أخرى مثل المصارف، ورغم أن مجموعة البنوك الكبرى تهيمن على الصناعة وتستأثر بنصيب الأسد من السوق، فإنها لا تشكل تهديدًا وجوديًا على منافسيها الأصغر حجمًا والأخف حركة (بسيطة الهيكل)، والحقيقة أن العكس هنا صحيح.
المنافسون الأصغر والأسرع هم من باتوا يشكلون تهديدًا لحصص المنافسين الكبار في السوق، نظرًا لأمور مثل التبني الفوري للتقنيات الحديثة التي تجعل المعاملات البنكية أكثر فاعلية وإنجازًا، بالإضافة إلى التخصص، فعلى عكس متاجر التجزئة، يساعد التخصص المصرفي في استقطاب المزيد من العملاء.
التخصص المصرفي والتركيز على منتجات بعينها أحد التحديات الوجودية التي تواجه البنوك الكبرى وهيمنتها على الصناعة، فبجانب ابتكارات مثل العملات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية للمعاملات المالية وغيرها من منتجات شركات التقنية المالية، يخلق هذا التخصص تحديًا آخر أمام المصارف الكبرى وهو "البوتيك بنك الاستثماري".
مفهوم "البوتيك بنك"
- البوتيك بنك الاستثماري أو بنك الاستثمار المتخصص هو مصرف استثماري غير متكامل الخدمات وصغير الحجم، غالبًا ما يتخصص في جانب واحد على الأقل من الخدمات المصرفية الاستثمارية، ويركز عادة على فئة معينة من السوق.
- قد يحدد البوتيك بنك تخصصه بناءً على الصناعة التي يستهدفها، أو حجم أصول العملاء، أو المعاملات البنكية أو غيرها من العوامل السوقية التي لا تحترفها المصارف الكبيرة، وهو ما يمنحه فرصة للتوسع في السوق والاستحواذ على حصة كبيرة نسبيًا.
- رغم أنه قد يفتقر إلى بعض موارد البنوك الكبرى، إلا أن البوتيك بنك يهدف إلى تقديم المزيد من الخدمات المعُدة خصيصًا لفئة معينة من العملاء، وغالبًا ما يتم تأسيسه من قبل مصرفيين سابقين لدى البنوك الكبرى ممن يرغبون في الحصول على نشاطهم التجاري الخاص، بحسب "ديفستوبيديا".
- ماذا تفرق عن المصارف المتحدية؟ المصارف المتحدية للسوق أو "تشالنجر بنكس" يقصد بها البنوك الصغيرة الناشئة التي تسعى لترسيخ قواعدها في السوق وضمان حصة فيه، أي أنها تتحدى أقرانها الأكبر حجمًا كما ناقشنا في تقرير سابق.
- بالتالي، فإن أي "بوتيك بنك استثماري" قد يكون عند مرحلة ما (في بداية رحلته) مصرفًا متحديًا للسوق، ولكن ليست كل المصارف المتحدية هي "بوتيك بنك استثماري"، لأنه كما قلنا فهذه الفئة الأخيرة تركز على المجال الاستثماري وتتخصص في أحد جوانبه.
أوجه الاهتمام
- يركز البوتيك بنك عمومًا على الصفقات الأصغر حجمًا والشركات المتوسطة، وعادة تكون أكثر اهتمامًا بعمليات الدمج والاستحواذ، وتتخصص في صناعات بعينها مثل وسائل الإعلام أو الرعاية الصحية أو الصناعات أو التكنولوجيا أو الطاقة.
- وصفها بالبنوك الاستثمارية المتخصصة لا يتعلق فقط بتقديمها الخدمات لقطاع بعينه، ولكن لتركيزها على معاملات محددة أيضًا، مثل زيادة رأس المال أو عمليات الدمج والاستحواذ، أو إعادة الهيكلة والتنظيم.
- خلال النصف الأول من عام 2015، استحوذت البنوك الاستثمارية المتخصصة "البوتيك بنك" على 16% من نشاط الاندماج والاستحواذ في الولايات المتحدة، وكان ملحوظًا تعاظم دورها في هذا المجال منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 عندما بلغت حصتها 8% فقط.
- من بين أشهر البنوك الاستثمارية المتخصصة، مصرف "إيفركور" و"لازارد" و"مويليس آند كومباني"، ورغم أنها تقدم خدمات شبه متكاملة وعلى نطاق عالمي، إلا إنها لا تزال أصغر وأقل كثيرا مما تقدمه المصارف الاستثمارية العملاقة.
الحجم ليس مرادفًا للجودة
- في تقرير لـ"فايننشال تايمز" تحدث عن ازدهار أعمال البنوك الاستثمارية المتخصصة، أشارت الصحيفة إلى مصرف "ليون تري" الذي تأسس في يوليو 2012، ليتولى بعد شهر من تأسيسه صفقة دمج بين شركتي "فيرجين ميديا" و"ليبرتي جلوبال" العاملتين في مجال وسائل الإعلام.
- بعد ستة أشهر من اجتماع مسؤولي الشركتين في منزل "أريا بوركوف" مؤسس البوتيك بنك، تم الانتهاء من الصفقة التي بلغت قيمتها 23 مليار دولار، بعد اختيار "ليون تري" كمستشار رئيسي لشركة "ليبرتي".
- أضاف التقرير: "ليون تري" واحد من مجموعة بنوك استثمارية مستقلة تواصل تعزيز حصتها من سوق الدمج والاستحواذ في الولايات المتحدة، والذي كان مهيمنًا عليه من قبل المؤسسات المالية الكبرى فقط، ما يعكس رفض الشركات الدولية المتزايد لمفهوم أن حجم الميزانية العمومية للبنك يرتبط بجودة الدور الاستشاري الذي يلعبه.
- قدم مصرف "لازارد" المشورة لشركة الاتصالات الأمريكية "إيه تي آند تي" حول صفقة استحواذها على "دايركت تي في" مقابل 49 مليار دولار، في حين ساهم "بي جيه تي" في تقديم المشورة لـ"كومكاست" بشأن صفقة "تايم وارنر كابل" البالغة 45 مليار دولار.
- تقول "الإيكونوميست": وجود مصارف مثل هذه ينطوي على مخاطر خاصة، لكن الموظفين والمساهمين هم من قد يقلق بشأن ذلك وليس دافعو ضرائب كما هو الحال مع البنوك الكبرى، والنمو الأخير لها هو علامة مرحب بها تدل على تطور الأسواق المالية.