جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2020/10/19
يعاني الاقتصاد اليمني من أزمات مركبة واختلالات هيكلية مزمنة بحسب ما يقوله الدكتور عادل الحوشبي، وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع التوقعات الاقتصادية، ويشير إلى أن الاقتصاد الوطني سيعاني أكثر إذا لم تتحرك الحكومة للقيام بإصلاحات جوهرية، ويضيف: "مما يزيد من التداعيات الاقتصادية، العوامل السلبية التي برزت مؤخراً والمتمثلة في جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد الدولي والاقليمي وعلى المستوى الوطني، بالإضافة إلى تراجع تحويلات المغتربين اليمنيين والتي ستنعكس سلبياً إذ قد يصل ذلك إلى نحو 60-70 % نتيجة للركود الاقتصادي الذي أصيبت به كثير من الدول، وخاصة دول المنطقة العربية البترولية مما يحرم البلد من موارد العملة الصعبة من النقد الأجنبي، نظراً لانخفاض تحويلات المغتربين المتواجدين هناك".
وبحسب الدكتور الحوشبي فقد ضاعف الوباء من التحديات الاقتصادية الماثلة أمام الاقتصاد اليمني، وتجلت بصورة واضحة في الأزمة الخانقة في الموارد، خاصة لدى الحكومات والدول المستقبلة للعمالة المهاجرة، نتيجة لتراجع أسعار النفط عالمياً، إلى جانب تأثير الأزمة على المانحين الدوليين لليمن، الذي يقود إلى تراجع حجم النقد الأجنبي الذي تتطلبه عملية استيراد البضائع، وهو ما أدى إلى تهاوي سريع للريال اليمني مقابل الدولار، الأمر الذي فاقم من عملية الأزمة الاقتصادية لا سيما مع تصاعد حدة التداعيات الناجمة عن فيروس كورونا والمتمثلة في شحة المخزون السلعي من المواد الأساسية والتأخير في وصول البضائع وتضرر قطاعات مباشرة، كالقطاع السياحي والخدمات المرتبطة به، وقطاع النقل، والمقاولات، وقطاع الصادرات وغيرها.
كما أدت إجراءات الحجر المنزلي وبعض القيود والإجراءات والمتطلبات لمواجهة الوباء إلى مزيد من الركود الاقتصادي وارتفاع في الكلفة التشغيلية للعمل والإنتاج لدى الشركات وكافة المؤسسات، ناهيك عن فقدان الكثير من العاملين في المنشآت الخدمية والصناعية والتجارية أعمالهم.
وقد تلقى قطاع المنشآت الصغيرة والأصغر لا سيما قطاع الخدمات المرتبطة بالاحتكاك المباشر مع العملاء ضربة قاصمة جراء القرارات الحكومية ونتيجة للإجراءات الاحترازية المتبعة.
التداعيات السلبية لفيروس كورونا على الاقتصاد اليمني
ويقول الدكتور الحوشبي: "من خلال تتبعنا للعديد من مظاهر التداعيات السلبية للوباء على القطاع الاقتصادي اليمني، فإن العديد من القطاعات تكبدت خسائر كبيرة، ومن هذه القطاعات قطاع السياحة والخدمات، حيث يعد قطاع السياحة والسفر والخدمات المرتبطة به أحد أبرز القطاعات الاقتصادية المتأثرة بتداعيات فيروس كورونا، في ظل إغلاق الحدود ووقف تأشيرات العمل، العمرة، الزيارة، وتراجع حركة التنقلات بين المدن؛ أدت إلى خسائر كبيرة في قطاع السياحة والخدمات المرتبطة بها، كالفنادق والمطاعم وشركات النقل، حيث يقدر بلوغ الخسارة في القطاع الفندقي ما نسبته 50-60 %، في حين سجل قطاع النقل خسارات كبيرة أدت إلى إغلاق شركات من أهمها شركة راحة للمواصلات والتي تعتبر من أبرز الشركات المتخصصة في النقل الداخلي والدولي".
ويتابع الدكتور الحوشبي: "كما أن هناك توجه جديد لخفض المساعدات المقدمة لليمن تحت مبررات واهية، وهذا التوجه للأسف يتزامن مع الحالة الصعبة، التي يواجها الاقتصاد اليمني حالياً، حيث أن المانحين والعاملين في الإغاثة يؤكدون أنه لم يعد بإمكانهم ضمان وصول مساعدات الغذاء الموجهة لملايين الأشخاص إلى مستحقيها، فضلاً عن أن مؤشرات المخزون السلعي تشير إلى انخفاض الكميات المفرغة في موانئ الحديدة والصليف، التي تخضع لرقابة اللجنة بنحو 71000 طن مقارنة بشهر ديسمبر 2019، وانخفضت الكميات المفرغة من المشتقات النفطية بنحو 54000 طن، بالإضافة إلى الخسائر والأضرار التي لحقت بالاقتصاد اليمني والقطاع الزراعي والبنى التحتية نتيجة الأمطار والسيول هذا الموسم".
الأسباب التي ستحرم أغلب المواطنين من الوصول إلى الخدمات الأساسية
يؤكد الدكتور الحوشبي أن توقف المساعدات وارتفاع سعر الصرف سيؤدي إلى حدوث زيادة فورية في أسعار السلع الغذائية المستوردة والوقود، مما يؤثر سلباً على الوضع المعيشي للمواطنين، خاصة في ظل الاعتماد الكبير على الواردات وارتفاع أسعار السلع الوسيطة والرأسمالية المستوردة من الخارج، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي، وبالتالي التأثير على النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى زيادة التفاوت في توزيع الدخل لصالح الفئات الثرية، التي تمتلك الأصول بالعملات الأجنبية وتستطيع رفع أسعا
منتجاتها التجارية المكدسة في المخازن، وفي المقابل، تنكمش فئة ذوي الدخول المتوسطة بسبب جمود سياسات الأجور أمام زيادة التضخم، والتالي زيادة نسبة الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية، وارتفاع تكاليف الخدمات الأساسية في التعليم والصحة والمياه والنقل، وأيضاً، تراجع أولويات الإنفاق على التعليم في ميزانية الأسر الفقيرة، وذوي الدخل المحدود؛ نتيجة مزاحمة الإنفاق على السلع الضرورية، وهذا سيفاقم مشكلة التسرب من التعليم المرتفعة أصلاً، كون عدم القدرة على تحمل تكاليف التعليم تمثل سبباً رئيسياً لترك الأطفال للمدرسة.
البدائل الاقتصادية
في ظل هذه التحديات يضع الدكتور الحوشبي حزمة من البدائل في حال عدم حدوث انفراج سياسي، وفي ظل انخفاض المساعدات الخارجية وشحة العملة الصعبة، ويقول إن هذه البدائل تتمثل في تنفيذ مجموعة من الإجراء والسياسات والإصلاحات من أهمها
- تحفيز مؤسسات القطاع الخاص على تسديد المتأخرات الضريبية.
- البحث عن موارد خارجية (منح نقدية ومساعدات عينية) لتغطية النفقات الحتمية في الموازنة العامة.
- تعزيز الرقابة على إيرادات وحدات القطاع الاقتصادي.
- رفع الرسوم الجمركية (مؤقتاً) على السلع الكمالية، التي لها بدائل محلية.
- دراسة فرض ضريبة (مؤقتة) على الوقود، كخيار بديل عن التمويل التضخمي لعجز الموازنة، الذي يؤثر على قيمة العملة الوطنية.
- البحث عن مساعدات عينية (مشتقات نفطية) لتخفيف الضغط على احتياطي النقد الأجنبي.
- توعية المغتربين اليمنيين في الخارج بأهمية تحويل أموالهم بعملة الدولار، وتحفيزهم على زيادة تحويلاتهم إلى اليمن في الفترة الحالية.
- تطوير الأطر المؤسسية لتعبئة وتنمية واستخدام موارد الوقف والزكاة.
- رفع مستوى الرقابة والمتابعة على الصرافين والبنوك التجارية وعمليات المضاربة على النقد الأجنبي.
- تبني سياسة نقدية وادخارية محفزة وجاذبة للتعامل مع البنوك.
- وضع ضوابط على استيراد أهم سلع الواردات بحيث تمر عملية تمويل الواردات عبر البنوك.
- تبني إجراءات تمنع مؤسسات الصرافة وكبار التجار من الاحتفاظ بمبالغ كبيرة خارج الجهاز المصرفي.
- تقوية الرقابة والتقييم لأداء وسلامة البنوك التجارية والإسلامية، ووضع المعالجات الفورية لأية صعوبات.
- رفع مستوى الوعي بالتكافل المجتمعي والأسري.
- تعزيز الاستفادة من التجربة الرائدة في بنك الطعام.
المصدر مجلة المصارف العدد(11) أغسطس 2020م