جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2021/02/10
#حسين حسن قعطبي*
إن هنالك خاصية مهمة تميز السهم في الشركات المساهمة وهي قابلية السهم للتداول، وكان هذا المبدأ واحداً من أهم الأسباب، إن لم يكن أهمها على الإطلاق، الذي دفع الأفراد إلى المساهمة في هذا النوع من الشركات حتى غدت شركات عملاقة تلعب دوراً هاماً في الحياة الاقتصادية للمجتمعات.
ويتميز السهم بقابليته للتداول، إما بالطرق التجارية كالمناولة من يد إلى أخرى، أو بالقيد في سجل الشركة، أو بالتظهير إن كان إذنياً، وإما بالطرق المدنية كحوالة الحقوق، وقد تنتقل ملكية الأسهم عن طريق الإرث.
وفي هذا سنجد أن القانون الإنجليزي يميز بين النقل Transfer والانتقال Transmission فالأول يتم بمقتضى تصرف من جانب المساهم يتنازل بمقتضاه إلى المتنازل إليه عن أسهمه، فالتصرف يتم إرادياً، أما انتقال الأسهم فهو عملية تتحقق بحكم القانون على إثر وفاة صاحب الأسهم إفلاسه، فالانتقال هنا ليس مصدره إرادة المتنازل إليه وإنما القانون (1).
يتصف عرض الأوراق المالية في اليمن (ويقصد بها هنا الأسهم والسندات تحديداً) بالمحدودية والضيق، ويمثل هذا الوضع انعكاساً للبيئة والتطورات الاقتصادية والاستثمارية وتمويلها وإدارتها بشكل عام، ودور الشركات المساهمة العامة في الاقتصاد، بشكل خاص؛ فإن إصدار هذه الأوراق المالية التي تقوم بها الشركات المساهمة، يعزز من جانب العرض في السوق اليمنية المرتقبة لتداول الأوراق المالية وبما يشكل المحور الأول لنمو هذه السوق وتطورها اللاحق.
ويعزى قلة المعروض والمتاح للتداول من الأوراق المالية في اليمن إلى طبيعة البنية الهيكلية للمؤسسات والفعاليات الاقتصادية؛ فغالبية هذه المؤسسات تعتبر شركات عائلية مغلقة أو شركات ومؤسسات حكومية، وبينما تلجأ الأولى من أجل تأمين احتياجاتها التمويلية بصورة رئيسية إلى مواردها ومدخراتها الذاتية، وإلى القروض محلياً وخارجياً أو من خلال مشاركات مباشرة للمغتربين في الخارج(2)؛ فقد اعتمدت الثانية في ذلك الأمر على موازنة ودعم الحكومة وتسهيلاتها الائتمانية؛ وقد ساهم في قلة المعروض من الأوراق المالية أيضاً الصعوبات المرافقة لعمليات تأسيس الشركات المساهمة.
لقد افتقدت هذه العمليات إلى الإجراءات الإدارية والقانونية المبسطة والشفافة من جهة، وعانت من غياب مؤسسات ومصارف الوساطة الاستثمارية المتخصصة ذات الخبرة والدراية في إدارة وتسعير وترويج إصدارات الأوراق المالية، من جهة أخرى، كذلك، فإنه وفي ضوء بعض التجارب السلبية في هذا الصدد افتقدت الشركات المساهمة إلى الحوافز المشجعة الكفيلة بزيادة عددها ونموها وإلى ثقة جموع المستثمرين وصغار المدخرين بها(3).
ونظراً لغياب سوق نظامية لتداول الأوراق المالية في اليمن، فإن تداول أسهم شركات المساهمة المكتتب بها يتم عبر بيعها إلى مساهمين آخرين في الشركة نفسها أو انتقالها إلى الورثة في حالة الوفاة.
ويتم ذلك دون القيام بتقييم أصول شركة المساهمة المعنية، بغرض تحديد القيمة السوقية للسهم الواحد المترتب عن هذا التقييم، ولا يقيد القانون اليمني تداول الأسهم إلا لفترة سنة، في حين قد يكون من المفيد إطالة هذه الفترة إلى سنتين.
والأمل معقود على قيام سوق لتداول الأوراق المالية في اليمن والمتمثل عرضها أساساً في الأسهم والسندات، التي ستقوم بتقنين أوضاع هذه الأخيرة بصورة مفصلة وشفافة تحقق العدالة في مجملها.
(1) د. يعقوب يوسف صرحوه "الأسهم وتداولها في الشركات المساهمة في القانون الكويتي" 1982، ص213،211
(2) تجدر الإشارة إلى امتلاك بعض المجموعات الاقتصادية العائلية لمصارف وشركات تأمين أو حصص كبيرة في مصارف تقوم من خلالها بتوفير جزء كبير من احتياجاتها التمويلية (نوع من الإقراض الذاتي).
(3) دراسة ميدانية حول (أسس ومقومات إنشاء سوق لتداول الأوراق المالية في الجمهورية اليمنية)
صندوق النقد العربي/ الدائرة الاقتصادية والفنية – سبتمبر1998م ص24
*خبير في الشؤون المالية والمصرفية، وكيل مساعد سابق للبحوث والإحصاء بالبنك المركزي اليمني