جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2021/04/14
*حسين حسن قعطبي
البنك المركزي هو المؤسسة التي تتكفل بإصدار النقود في كل دول العالم وهو المؤسسة التي تترأس النظام النقدي ولذلك هو يشرف على التسيير النقدي ويتحكم في كل البنوك العاملة في الاقتصاد وهو الملجأ الأخير لمختلف البنوك عند الضرورة في إطار القوانين والتشريعات السائدة في كل دولة. فهو يتمتع بالسيادة والاستقلال ويعتبر نشاطه ذا أهمية بالغة فهو يأتي على رأس النظام المصرفي ويتدخل البنك المركزي ليوجه ويراقب مختلف البنوك التجارية ومنها الإسلامية كذلك,في سبيل تحقيق الأهداف النقدية المرجوة, مستخدما بذلك مجمل السياسات أو الأساليب التي تختلف أهميتها من اقتصاد لآخر,وهذه الأساليب قد تؤثر في حجم الائتمان والتوجهات الإقراضية من جهة أو توجيه نشاطات البنوك إلى أوجه معينة من جهة ثانية .
نشأة ووظائف البنك المركزي:
لقد جاءت نشأة البنوك المركزية متأخرة عن البنوك التجارية وعادة ما ينشأ البنك المركزي كبنك هام تمنحه الدولة سلطة إصدار .وإذا كان المصطلح الشائع الآن لهذه المؤسسة هو البنك المركزي فإنه حديث النشأة في حد ذاته وكان في القرن التاسع وفي الحرب العالمية الأولى يطلق على هذا النوع من البنوك اسم "بنك الإصدار" ولا تزال هذه التسمية هي السائدة في بعض الدول ومنها فرنسا.
ويعتبر بنك السويد الذي تأسس عام 1665اقدم البنوك المركزية من حيث تاريخ النشأة ,غير أن بنك إنجلترا والذي يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1692 أي في اوآخر القرن السابع عشر يعتبر اول بنك إصدار , كما ان هذا البنك هو الذي وضع الأسس والقواعد التي تميز البنوك المركزية عن غيرها واستمرت عملية إنشاء البنوك المركزية طوال القرون اللاحقة الى ان عقد المؤتمر الدولي في بروكسل سنة 1920 وقد قرر هذا المؤتمر ضرورة قيام كل الدول بإنشاء بنك مركزي بغرض إصلاح نظامها النقدي والمصرفي, ومن اجل المحافظة على ثبات قيمة عملتها بما يحقق إمكانية الدول في المساهمة في التعاون الدولي,وهكذا اصبح لكل دولة الآن بنك مركزي خاص بها.
تعريف البنك المركزي
البنك المركزي هو تلك المؤسسة التي تشغل مكانا رئيسا في سوق النقد وهو الذي يقف على قمة النظام المصرفي, ويهدف اساسا على خدمة الصالح الاقتصادي العام في ظل مختلف النظم النقدية والمصرفية. والبنك المركزي يتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة ويستمد وجوده كمؤسسة عامة ويقدم جميع أحكامه وفقا لأحكام القانون وله ان يتملك ويتصرف بممتلكاته,وان يتعاقد وان يقيم الدعاوى وتقام عليه باسمه ويكون له ختم خاص به ويعفى من كافة الضرائب والرسوم. ومن ضمن الاهداف الرئيسة للبنك المركزي- الحفاظ على الاستقرار العام للاسعار والحفاظ على الاستقرار النقدي.
خصائص البنك المركزي:
مؤسسة نقدية قادرةعلى تحويل الاصول الحقيقية الى اصول نقدية.
تحتل صدارة الجهاز المصرفي وهو يمثل سلطة الرقابة العليا على البنوك التجارية.
مبدأ الوحدة اي وجود بنك مركزي واحد كما هو الحال في فرنسا وانجلترا وغيرها من البلدان, وهذه لا يمنع من تعدد البنوك المركزية في بلد واحد كما هو الحال في الولايات المتحدة.
البنك المركزي هو غالبا مؤسسة عامة في معظم اقتصاديات العالم تهدف الى خدمة المصلحة العامة وتنظيم النقود والإئتمان,ومرتبط بالحاجة للمعاملات والسياسات النقدية.
ملكية البنوك المركزية :
توجد بنوك مركزية مملوكة للدولة وهناك بنوك مركزية اخرى ذات ملكية خاصة اومشتركة, حيث لاتؤثر الملكية الخاصة للبنوك المركزية بقيامها بوظائفها وفقا للقوانين والانظمة المتبعة.
نوع ملكية البنوك المركزية-للدولة,كما ان هناك ملكية خاصة لهذه البنوك فمثلا في الولايات المتحدة الامريكية ( مملوك للبنوك اعضاء النظام الاحتياطي الفيدرالي)وفي سويسرا ( مملوك للمقاطعات بنسبة 63% والباقي للقطاع الخاص) وفي جنوب افريقيا 100% للقطاع الخاص. وفي الملكية المشتركة استراليا 50% , اليونان 10%, اليابان 55%, المكسيك 50%, تركيا 25%, وفي ايطاليا (مملوك لشركات عامة).
للبنك المركزي عدة وظائف وهي:
وظيفة الاصدار النقدي:
من الامتيازات التي قدمت للبنك المركزي وظيفة الاصدار النقدي فالقانون لايسمح لاي بنك آخر القيام بهذه الوظيفة, فالبنك يقوم باصدار العملة الورقية بما يتفق والسياسة العامة للدولة, وبذلك يقوم البنك بوضع خطة للإصدار وحجم النقد المتداول.وقد مرت عملية الاصدار بعدة مراحل وانظمة إصدار:
نظام غطاء الذهب الكامل: فتبعا لهذا النظام يقيد اصدار النقود بحجم الذهب الموجود بالبنك المركزي, حيث تقابل كمية النقود المصدرة باحتياطي كامل من الذهب,وهذا النظام كان سائدا قبل الحرب العالمية الاولى وتخلت عنه مختلف الدول بصفته يقيد حرية البنك المركزي في الإصدار وفي الوقت نفسه كان التخلي عن هذا النظام ايذانا بظهور مشاكل نقدية كبيرة عرفها العالم.
نظام الاصدار الجزئي الوثيق: فمقتضى هذا النظام يمكن إصدار نقود ورقية مقابل سندات حكومية الى حد معين.
ج- نظام غطاء الذهب النسبي: وفيه يمثل الذهب نسبة معينة من قيمة الاوراق النقدية المصدرة ويغطى الباقي بالسندات الحكومية, ويتميز هذا النظام بدرجة عالية من المرونة, إذ انه يلبي احتياجات النشاط الاقتصادي الى حد كبير وفي الوقت نفسه يضع حدودا لعدم الاسراف في اصدار النقود وبالتالي الحفاظ على ثقة الجمهور في العملة. واول من سارعلى هذا النظام المانيا عام 1875 وانتشر بدرجة كبيرة 1918,إذ تبعته معظم المصارف الحديثة, إلا انه لم يدم طويلا حيث تخلت عنه العديد الدول خلال فترة الكساد العظيم.
د- نظام الاصدار الحر: في هذا النظام لا يرتبط حجم الاصدار النقدي بالرصيد الذهبي او اي إعتبارات اخرى غير مستوى النشاط الاقتصادي وحاجة الاقتصاد للنقود ولاتوجد له علاقة بعملية الاصدار بالذهب كما انه لا يوضع سقف له,والضابط الوحيد لكمية النقود المصدرة هو حجم النشاط الاقتصادي وبقرار من البنك المركزي,ويمثل هذا النظام الاتجاه الحديث في عملية الاصدار لتميزه بالمرونة القصوى,ويمكن للبنك المركزي ان يراقب النشاط الاقتصادي ويوجهه من خلاله.
ه- نظام الحد الاقصى للإصدار: في هذا النظام لا تطبق اية علاقة بين النقود الورقية المصدرة والذهب,وإنما يحدد القانون سقفا اعلى للإصدار لا يسمح بتجاوزه.
2- وظيفة بنك الحكومة:
فهو يقوم بمختلف الاعمال المصرفية التي تحتاج اليها الادارة الحكومية في خدمة الحكومة ومستودع لأموالها التي تحصلها عن طريق والمؤسسات الحكومية . وهنا يقوم البنك المركزي بنفس الوظائف التي يقوم بها البنك التجاري لعملائه,كما انه يباشر حسابات الحكومة والمدفوعات المتصلة بالعالم الخارجي, إذ انه المشرف على الاتفاقات المالية التي تعقدها الحكومة مع الخارج, وبالتالي فهو يمول الحكومة بالعملات الاجنبية التي قد تحتاج اليها لمواجهة التزاماتها الخارجية.كما يعمل البنك المركزي على توفيراحتياطي الدولة من العملات الاجنبية.
3- وظيفة بنك البنوك:
تنشأ النقود القانونية من طرف البنك المركزي ونظرا لإحتكاره لمثل هذا الامتياز فهو يمثل الملجأ الاخيرللإقراض,حيث تلجأ اليه البنوك التجارية اذا لم تجد سيولة في مكان آخر – لذلك يقال عنه بنك البنوك.
ويقوم البنك المركزي بدور هام في تنظيم عمليات الإئتمان, وتعتبر هذه الوظيفة من اهم الوظائف التي يقوم بها البنك المركزي في مختلف دول العالم.
وفي الواقع ان اهداف السياسة النقدية التي يرمي اليها البنك المركزي تمثل نفس توجهات السياسة الاقتصادية, فالسياسة النقدية ما هي إلا احدى السبل التي تقررها السياسة الاقتصادية, وبذلك فإن الحكومة تتعاون مع البنك المركزي بالاشراف والرقابة على الائتمان وبعض هذه الطرق ما هو تقليدي وتسمى الوسائل الكمية وما هو حديث وتسمى الرقابة الكيفية او النوعية.
*خبير مصرفي ومالي,وكيل مساعد(سابق) بالبنك المركزي اليمني
المصدر مجلة المصارف العدد (14) مارس 2021