جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2023/02/18
المصدر: اندبندنت عربية
تتسارع وتيرة #الانهيار_الاقتصادي والفوضى الاجتماعية في #لبنان، حيث يتواصل "الكباش" بين #المصارف و#القضاء من جهة، ومع المودعين وجنون #الدولار من جهة ثانية، وسط انسداد تام لأفق الحلول.
وتزامناً مع اسمرار الليرة اللبنانية في الانهيار، حيث تجاوز سعر صرف الدولار 80 ألف ليرة، شهدت البلاد تحركاً مفاجئاً حيث عمد عدد من المودعين والناشطين إلى إشعال الإطارات أمام فروع بعض المصارف وتحطيم الواجهات وماكينات الصراف الآلي اعتراضاً على احتجاز ودائعهم، متهمين المصارف بعدم تنفيذ أحكام قضائية تلزمهم تسديدها.
في المقابل تواصل جمعية المصارف في لبنان إضرابها المفتوح منذ السابع من فبراير (شباط) الجاري، ويشمل الإقفال الجزئي مع الإبقاء على خدمات الزبائن الأساسية، وذلك اعتراضاً على الاستدعاءات القضائية بحقها، وعدم الاعتراف بـ"الشيك" المصرفي كوسيلة دفع وإيفاء للودائع وإلزامها التعامل النقدي، في حين تلزم الأحكام القضائية البنوك قبول تسديد ديون المودعين عبر "الشيك"، الأمر الذي تعتبره المصارف ازدواجية بالمعايير.
السرية المصرفية
وفي وقت يستمر "الكباش" بين المصارف والقضاء، وافقت ثلاثة مصارف على التعاون مع النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، وهي "لبنان والمهجر"، "الاعتماد المصرفي" و"سارادار"، في طلبها رفع السرية المصرفية لتسهيل تحقيقاتها حول حصول عمليات تهريب للأموال إلى الخارج من قبل مصرفيين ورجال أعمال وشخصيات سياسية، وبأن هذه الأموال سُحبت نقداً من مصرف لبنان مقابل سدادها بالدولار البنكي (اللولار) الذي توازي قيمته خمس سعر الدولار في السوق.
وكانت عون قد ادعت على "بنك عودة" وطالبت 15 مصرفاً أخرى بتقديم المعطيات كلها ورفع السرية المصرفية في مهلة أقصاها نهاية الأسبوع الجاري، وجاء قرار عون إثر دعوى رفعها مودعون ضد المصارف التي حجبت عنهم أموالهم.
ملاحقة سلامة
ولم تتوقف الادعاءات القضائية عند المصارف، إنما طالت أيضاً حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إذ حددت قاضية التحقيق الأولى في البقاع أماني سلامة يوم 16 مارس (آذار) المقبل موعد جلسة للتحقيق معه إضافة إلى أعضاء مجلس المصرف المركزي ومفوضي الحكومة لديه، وذلك في شكوى المودعين الجزائية بوجه المصارف المتعسفة بحقهم، مع العلم أن سلامة يرفض المثول أمام القضاء، ويتهم القضاة الذين يتحركون بوجهه بتنفيذ أجندات سياسية.
وقال "تحالف متحدون" في بيان إن "محامين من التحالف ومجموعة رواد العدالة تابعوا سير دعاوى المودعين في عدليات بيروت وبعبدا وزحلة، على 36 شخصاً بينهم الحاكم وكبار المسؤولين في المركزي، وأعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان ونواب الحاكم الحاليين والسابقين، ومديرين عامين حاليين وسابقين في وزارتي الاقتصاد والمال، ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان، وكل من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً أو محرضاً".
وأوضح البيان أن "الشكوى جرى التقدم بها في 21 مارس 2022، بالجرائم المدعى بها التالية: سوء الهندسات المالية والمصرفية، إخفاء خسائر المصرف المركزي في ميزانيات مصرف لبنان بصورة احتيالية، صفقات الفساد واقتراف مخطط البونزي، إساءة حماية الحاكم للنقد الوطني وعدم اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى وضع حد التلاعب بسعر الصرف". ومن الجرائم المدعى بها أيضاً، "سوء إدارة قطاع المصرف المركزي والتقصير والإهمال الوظيفي الجسيم، تمويل الدولة بتسليفات عشوائية من دون قطع حساب للموازنة وبقروض غير معللة وفي ظل ظروف عادية طوال عقود من الزمن، عدم الاحتفاظ باحتياط من العملات الأجنبية التي تضمن سلامة النقد الوطني والتصرف باحتياطات إلزامية على سبيل الإيداع، اختلاس وهدر مال عام وتحقيق إثراء غير مشروع وتبييض أموال على حساب الخزينة العامة".
القضاء الكيدي
ووفق مصدر مطلع في جمعية المصارف، فإن قرار تعاون ثلاثة مصارف يضعف موقف البنوك ويؤدي إلى استفرادها من قبل ما يسميه "القضاء الكيدي"، مؤكداً أن "عدم التعاون مع بعض القضاة بسبب التبعية السياسية لهؤلاء وهدفهم تدمير القطاع"، مشدداً على أن رضوخ بعض المصارف لا يصب في مصلحة القطاع.
وأوضح أن "رفض الانصياع لرغبات القاضية عون لا يعني التمرد على القضاء وحل الأزمة لا يكون بتأجيج الصراع بين المودعين والمصارف، إنما بمقاربة ورؤية شاملة"، داعياً مجلس القضاء الأعلى لضبط العشوائية في الأحكام القضائية، مؤكداً أن استمرار الادعاء بقضايا تبييض أموال ضد مصارف أساسية في البلاد سيؤدي إلى إغلاق منافذ لبنان المالية إلى الخارج وتجميد البنوك المراسلة العمليات المالية مع لبنان.
وتخوف من سيناريو متعمد لـ"تفليس" المصارف اللبنانية بهدف دخول مستثمرين جدد على القطاع وشراء المصارف المتعثرة، وبالتالي تغيير وجه لبنان الاقتصادي والمصرفي، وأضاف "الحصار القضائي الذي تشهده المصارف حالياً سواء بدعاوى أمام القضاء اللبناني أو الأجنبي هدفه إلزام المصارف بتصفير سيولتها وصولاً إلى الحجز على ممتلكاتها لإيصالها إلى التعثر والإفلاس".
وكشف المصدر في تصريح خاص أن الجهات القادرة على شراء المصارف المتعثرة هي نفسها المسيطرة على اقتصاد "الكاش" في البلاد، مؤكداً أن "بعضها بدأ يظهر في السوق المالية بوضوح عبر شركات صرافة وتحويلات مالية عملاقة، تحل تدريجاً مكان القطاع المصرفي بغطاء سياسي وإشراف جهات فاعلة".
وحول التحركات الشعبية الأخيرة والاعتداء على المصارف، أكد أنها مفبركة من قبل جهات سياسية داخلية لـ"شيطنة المصارف وتحميلها مسؤولية خسارة المودعين لودائعهم"، كاشفاً أن "هوية هؤلاء مكشوفة وأن معظمهم ليسوا مودعين ولا يملكون حسابات في المصارف، الأمر الذي يؤكد أنهم من المدسوسين لإثارة الشغب".
وتخوف أن يكون هناك قرار بإثارة الفوضى بالشارع لأسباب سياسية وفي إطار الصراعات السياسية القائمة، وتبريرها عبر إقحام المودعين بصراع مع المصارف، مشيراً إلى أن هذا الأمر يدفع باتجاه الاستمرار في الإضراب حفاظاً على سلامة الموظفين من ناحية وتفويت الفرصة على "العابثين" من جهة أخرى.
صرخة المودعين
في المقابل تبنت جمعية "صرخة المودعين"، الاحتجاجات التي استهدفت عدة مصارف، وقال رئيسها علاء خورشيد، إن هذه التحركات تعكس غضب المودعين العارم في وجه أصحاب المصارف و"جمعية المصارف"، وأنها أتت كرسالة دعم للقضاء اللبناني لحثه على تنفيذ القرارات القضائية لا سيما قراري محكمة التمييز المبرمين بوجه مصرف فرنسبنك، حيث يبقى الأهم حصول المودعين عياد إبراهيم وحنان الحاج على أموالهما كخطوة أخيرة بعد استحصال محاميهما على "صورة صالحة للتنفيذ" باعتبار أن القرارين مبرمان ولا يقبلان الطعن.
ودعا مصرف فرنسبنك وباقي المصارف إلى "احترام سلطة القضاء وعدم التمادي في التسبب بمزيد من التهويل والعرقلة عبر التعسف في طلبات نقل للدعوى بوجه القاضية مريانا عناني من هنا ودعاوى مخاصمة من هناك، في سيناريو يضرب ما تبقى من سمعة القضاء قد ضاق به اللبنانيون ذرعاً في المشهد القضائي لقضية انفجار مرفأ بيروت".
رهائن المصارف
بدوره رأى عضو رابطة المودعين الصحافي هادي جعفر، أن رد فعل المودعين طبيعي، كون المصارف أخذت المواطنين كرهائن بلعبة ضغط على القضاء لكسر قراراته، واستغلت العملاء كرهائن بلعبة ضغط أخرى على مجلس النواب لإقرار قانون "الكابيتال كونترول" الذي يناسبهم، وأعلنوا الإقفال كي يتمكنوا من الضغط على القضاء.
وأوضح أن رابطة المودعين شددت في بيانها على أحقية المودعين التوجه إلى منازل أصحاب المصارف في حال استمرار إقفالها، وهذا ما حصل بالفعل مع تجمع عدد من المودعين أمام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير حيث أضرموا النار بأغصان أشجار أمام البوابتين الرئيستين، مؤكداً أن رابطة المودعين لم تشارك إلى جانب جمعية "صرخة المودعين" بالاعتداء على فروع المصارف لأنها لا تؤدي إلى الهدف المنشود، بحسب تعبيره.
نهاية الليرة
وفي السياق يربط المحلل الاقتصادي لويس حبيقة، بين التحركات التي شهدها الشارع، التي يتوقع أن تتواصل في المرحلة المقبلة، مع الارتفاع المتواصل لسعر صرف الدولار، إضافة إلى التوتر السياسي المستمر، ويرى أن سعر صرف الليرة بات بلا سقف.
موضحاً أن المشكلة تكمن في تراكم سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية، ما أدى إلى زيادة الطلب على العملة الأجنبية وعدم الثقة بالليرة اللبنانية، في وقت لم يعد باستطاعة مصرف لبنان التدخل للجم التضخم المفرط. ورأى أن البلاد تتجه سريعاً للـ"دولرة" الشاملة ما سيؤدي إلى إلغاء التعامل بالليرة اللبنانية.