جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2024/06/10
المصدر- اندبندنت عربية
حثت النائبة الأولى لمديرة صندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث، الولايات المتحدة على تقليص أعبائها المالية المتزايدة، قائلة إن النمو القوي في أكبر اقتصاد في العالم يمنحها مجالاً "واسعاً" لكبح الإنفاق وزيادة الضرائب.
وقالت جوبيناث في مقابلة مع "فايننشال تايمز" "بالنسبة للولايات المتحدة، نرى أرضية واسعة أمامها لتقليل حجم عجزها المالي، بالنظر أيضاً إلى قوة الاقتصاد الأميركي".
وأضافت أن "الوقت قد حان بالنسبة للاقتصادات المتقدمة للاستثمار في ضبط الأوضاع المالية ومعالجة الكيفية التي تخطط بها لخفض أعباء الديون إلى مستويات ما قبل الوباء".
وتأتي هذه التحذيرات في وقت يخشى الاقتصاديون والمستثمرون من أن أعواماً من التبذير المالي من قبل كل من الديمقراطيين والجمهوريين تعمل على تخزين المتاعب للاقتصاد الأميركي. ويتوقع مكتب الموازنة بالكونغرس وهو هيئة الرقابة المالية للحكومة الفيدرالية، أن يرتفع الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى من أعلى مستوياته السابقة في حقبة الحرب العالمية الثانية في عام 2029، ويتوقع عجزاً يراوح ما بين 5.2 و6.3 في المئة على مدى الأعوام الـ10 المقبلة. وقالت جوبيناث إن "إغراء تمويل كل الإنفاق من خلال الاقتراض هو أمر يجب على البلدان تجنبه".
وقال صندوق النقد الدولي في تقريره المعياري للمراقبة المالية الذي نشر في أبريل (نيسان) الماضي، إنه يتوقع أن تسجل الولايات المتحدة عجزاً مالياً بنسبة 7.1 في المئة في العام المقبل، أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط الاقتصادات المتقدمة الأخرى البالغ اثنين في المئة، محذراً من أن العجز المالي في كل من الولايات المتحدة والصين يشكل "أخطاراً كبيرة" على الاقتصاد العالمي.
وأشادت جوبيناث بالإصلاحات المالية الأخيرة في منطقة اليورو، على رغم أنها أضافت أن تنفيذ الإجراءات التي اتفق عليها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، "سيكون بالغ الأهمية". ويرى كثر أن عام 2025 عام عصيب بالنسبة للتوقعات المالية للولايات المتحدة، مع تعهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بجعل تخفيضاته الضريبية لعام 2017 دائمة إذا أعيد انتخابه، في وقت فشل الرئيس الحالي جو بايدن في الحد من مستويات الإنفاق المرتفعة، مما أثار مخاوف من أن العجز قد يتضخم أكثر مما هو متوقع. ومن المقرر أن يصدر الصندوق المراجعة السنوية للاقتصاد الأميركي أو ما يسمى "مشاورات المادة الرابعة"، في وقت لاحق من هذا الشهر.
الحاجة لإصلاحات هيكلية في الاقتصادات المتقدمة
وقالت جوبيناث إنه في جميع الاقتصادات المتقدمة "لا توجد وسيلة للالتفاف" على حقيقة أن هناك حاجة إلى إصلاحات جوهرية لأنظمة معاشات التقاعد والإنفاق الطبي مع تقدم السكان في السن.
وعلى رغم أن إدارة بايدن كافحت لكبح جماح الإنفاق على الرعاية الصحية والاجتماعية، فإن جوبيناث أشارت ضمناً إلى أن صندوق النقد الدولي يدعم جهود البيت الأبيض لدفع الأميركيين الأثرياء إلى دفع مزيد من الضرائب، وقالت "نرى أسباباً في عديد من البلدان لفرض ضرائب أكثر تصاعدية"، مضيفة أنه يمكن تنفيذ ضرائب الأرباح الرأسمالية والميراث بشكل أكثر فاعلية.
وحذرت النائبة الأولى لمديرة صندوق النقد الدولي من أن اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي "يمكن أن يؤدي إلى تضخيم الانكماش الاقتصادي المقبل" على رغم أنه قد يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز النمو.
ووجدت أبحاث صندوق النقد الدولي أن التكنولوجيا يمكن أن تعرض 30 في المئة من الوظائف في الاقتصادات المتقدمة للخطر و20 في المئة في الأسواق الناشئة و18 في المئة في البلدان المنخفضة الدخل. وقالت جوبيناث إنه يتعين على الدول إعادة التفكير في كيفية دعم العمال في الوظائف التي أزاحتها التكنولوجيا، وقالت "نعتقد أن سخاء التأمين ضد البطالة يمكن أن يكون أعلى في بعض البلدان"، مضيفة أن تأمين الأجور لتغطية الفجوة بين رواتب العمال القديمة والجديدة يمكن أن يكون ناجحاً أيضاً.
وحذر الصندوق في أبريل الماضي من أن المستوى المرتفع والمتزايد للديون الحكومية الأميركية يهدد برفع كلفة الاقتراض في جميع أنحاء العالم وتقويض الاستقرار المالي العالمي.
وقال صندوق النقد الدولي إن زيادة الإنفاق الحكومي وتزايد الدين العام وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أسهمت في ارتفاع العائدات وتقلبها أو أسعار الفائدة، على سندات الخزانة، مما يزيد من أخطار ارتفاع أسعار الفائدة في أماكن أخرى.
وخلص تحليل الصندوق الشهر الماضي إلى أن الارتفاع الكبير في العائدات على سندات الحكومة الأميركية طويلة الأجل يرتبط بارتفاعات مماثلة في عائدات السندات الحكومية في الاقتصادات المتقدمة والنامية الأخرى، مع معاناة الاقتصادات الأخيرة من اضطرابات في أسعار الصرف أيضاً.
وقال مدير إدارة الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي فيتور جاسبار للصحافيين في أبريل الماضي، "السياسة المالية الفضفاضة في الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً تصاعدية على أسعار الفائدة العالمية والدولار".
وهذه هي المرة الثالثة التي يطلق فيها صندوق النقد الدولي رصاصة في اتجاه الحكومة الأميركية، إذ يرى المقرض الدولي أن الإنفاق العام والاقتراض يسهمان في تباطؤ الاقتصاد الأميركي، مما يجعل من الصعب على بنك الاحتياط الفيدرالي التغلب على التضخم.
الفائدة وكلفة تمويل الحكومة الأميركية
ويتوقع أن يزيد تحذير الصندوق من المخاوف في شأن العواقب الأوسع نطاقاً المترتبة على تضخم ديون الحكومة الأميركية، التي تقدرها وزارة الخزانة بنحو 35 تريليون دولار.
ويرى المقرض الدولي أن السياسة المالية الأميركية الفضفاضة، إضافة إلى زيادة عبء الديون الضخمة بالفعل على البلاد، يمكن أن تجعل "الميل الأخير" من إعادة التضخم إلى المستوى المستهدف الذي حدده بنك الاحتياط الفيدرالي أكثر صعوبة.
وتشعر الوكالة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها بالقلق من أنه إذا ظل التضخم في الولايات المتحدة مرتفعاً، فقد يحطم ذلك آمال المستثمرين في خفض أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى بيع الأصول المالية بما في ذلك الأسهم والسندات الحكومية في جميع أنحاء العالم، ومن شأن الانخفاض الناتج في أسعار السندات أن يرفع عوائدها.
ويزيد ارتفاع أسعار الفائدة من كلفة خدمة قروض الأسر والشركات مما قد يؤدي إلى حالات التخلف عن السداد التي تسبب خسائر في البنوك والمقرضين الآخرين مما يزيد من عدم الاستقرار المالي.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي يطالب المستثمرون بعوائد أعلى للاحتفاظ بسندات الخزانة الأميركية، مما يعكس مخاوفهم في شأن التضخم المستمر، والمسار المستقبلي غير المؤكد للسياسة النقدية وإصدار الديون الإضافية في أكبر اقتصاد في العالم.
وقال كبير الاقتصاديين في الوكالة بيير أوليفييه جورينشاس للصحافيين في أبريل الماضي، "زادت علاوة الأخطار على الديون الحكومية الأميركية في الآونة الأخيرة، وقد تظل مرتفعة في سياق ترتفع فيه مستويات الديون".
وأضاف أن هذا يعني أنه حتى لو خفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، وهو السيناريو المركزي لصندوق النقد الدولي، فإن كلفة تمويل الحكومة الأميركية قد لا تنخفض بنفس الهامش.