جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2024/11/24
مع اقتراب العام من نهايته أرسلت البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى إشارات واضحة إلى أنها قد تعيد النظر في سياسة التيسير النقدي التي بدأتها هذا العام، بسبب مؤشرات الاقتصاد الكلي من ناحية واستمرار معدلات التضخم مرتفعة من ناحية أخرى. وتخشى البنوك المركزية، المسؤولة عن السياسة النقدية بصورة مستقلة عن الحكومات، أن السياسات المالية للحكومات ربما تؤدي إلى ضغوط تضخمية تعقد مهمة البنوك المركزية في الحفاظ على استقرار الأسعار بتوازن العرض والطلب في الاقتصاد.
يعد سعر الفائدة الأداة الأهم لدى البنوك المركزية لضبط الأسعار وكبح جماح معدلات التضخم، إضافة إلى حريتها في شراء وبيع السندات بما فيها سندات الدين السيادية (الخزانة)، أي ضبط وضع السيولة في السوق. ويستهدف غالب البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى نسبة تضخم عند اثنين في المئة كنقطة توازن للأسعار ومعادلة العرض والطلب في الاقتصاد.
حين ارتفعت معدلات التضخم بقوة وباستمرار بعد أزمة وباء كورونا، على عكس تقديرات البنوك المركزية وكثير من المحللين، بدأت سياسة التشديد النقدي برفع أسعار الفائدة وبيع السندات لسحب السيولة من السوق. وقبل عامين أخذت معدلات التضخم في الهبوط نتيجة التشديد النقدي فبدأ غالب البنوك المركزية سياسة تيسير نقدي بخفض أسعار الفائدة.
سياسات مالية تضخمية
في الآونة الأخيرة بدأت الحكومات في عدد من الاقتصادات الكبرى طرح سياسات مالية تهدد بعودة معدلات التضخم إلى الارتفاع، ويضع ذلك البنوك المركزية أمام معضلة صعبة في شأن استمرار سياسة التيسير النقدي من دون الإضرار بالاقتصاد الكلي من ناحية، والحفاظ على معدلات التضخم متدنية وفي نطاق المستهدف من ناحية أخرى.
بدا ذلك واضحاً في بريطانيا مع إعلان وزيرة الخزانة في الحكومة العمالية التي انتخبت في يوليو (تموز) الماضي، أول موازنة لها نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومع أن بيان موازنة الوزيرة راتشيل ريفز تضمن زيادة في الضرائب بنحو 40 مليار جنيه استرليني (50 مليار دولار) إلا أن خطط الإنفاق الحكومي التي أعلنتها لتحفيز النشاط الاقتصادي وزيادة معدلات النمو يمكن أن تزيد الضغوط التضخمية.
هذا ما جعل محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) أندرو بايلي يكرر الثلاثاء الماضي تحذيره من أن البنك المركزي "سيعيد النظر في مسار خفض أسعار الفائدة" بعد بيان الموازنة وسيلجأ إلى الخفض "التدريجي"، وهو ما يعني عدم تسريع خفض الفائدة، أي ليس في كل اجتماع للجنة السياسات النقدية وأيضاً ربما الخفض بمقدار أقل مما تتوقعه الأسواق. ويرى بايلي أن زيادة الضرائب في الموازنة واحتمالات فرض إدارة دونالد ترمب الجديدة في الولايات المتحدة رسوماً على الصادرات سيؤدي إلى "ارتفاع الأسعار بوتيرة أسرع".
المصدر- اندبندنت عربية