جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2024/07/24
المصدر- اندبندنت عربية
كشف تقرير حديث لصندوق النقد الدولي عن أن الأسواق الناشئة كانت تعاني تقلبات حادة في أسعار الفائدة العالمية، وعلى رغم حفاظها على مرونتها حتى الآن، إلا أن تزايد حال عدم اليقين قد يؤدي إلى أوقات صعبة لهذه الأسواق في المستقبل.
بحسب التقرير يظل الهبوط الناعم العالمي هو الحالة الأساسية، ولم تتغير توقعات النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة إلا قليلاً، إذ ارتفعت التوقعات إلى 4.3 في المئة لكل من هذا العام والعام المقبل، ومن المتوقع أن يتراجع التضخم في معظم الأسواق الناشئة الرئيسة بشكل أكبر ويصل إلى النطاقات المستهدفة، مما يسمح بتخفيف السياسة النقدية في المستقبل المنظور.
وانخفضت عملات الأسواق الناشئة بنحو أربعة في المئة منذ بداية العام الحالي في مقابل الدولار الأميركي، حتى بعد تعافيها جزئياً في الأسابيع الأخيرة. وانخفضت عملات أميركا اللاتينية بنسبة خمسة في المئة، في حين انخفضت العملات في الأسواق الناشئة الآسيوية بنسبة أربعة في المئة، وشهدت عملات وسط وشرق أوروبا وأفريقيا انخفاضات أقل حدة، وفي ظل هذه الموجة من التراجع تتزايد المخاوف من تأثيرها بشكل سلبي في الاستقرار المالي.
تلاشي آمال خفض الفائدة الأميركية
وأشار الصندوق إلى أن أحد المحددات الرئيسة لأسعار الصرف هو الفارق في أسعار الفائدة بين بلد معين والولايات المتحدة، وهو المعيار في أسواق رأس المال العالمية. وفي بداية هذا العام توقع المستثمرون أن يخفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل كبير، وهو ما من شأنه أن يوسع أو في الأقل يحافظ على فروق الفائدة مع الأسواق الناشئة.
ومع إثبات الاقتصاد الأميركي أنه أقوى مما كان متوقعاً في السابق وعدم وصول التضخم بعد إلى الهدف الذي حدده بنك الاحتياط الفيدرالي، تبددت توقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية على مدار العام، وارتفعت قيمة الدولار الأميركي، ونتيجة لذلك ضاقت الفوارق في أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة الكبرى مقارنة بالولايات المتحدة، أما البلدان التي شهدت تضييقاً أكثر وضوحاً - لا سيما عدد من بلدان أميركا اللاتينية التي خفضت أسعار الفائدة الأساسية هذا العام استجابة لتباطؤ التضخم - أو تلك التي لديها أدنى مستويات فروق أسعار الفائدة، بما في ذلك بعض الأسواق الآسيوية الناشئة، فشهدت أكبر انخفاض في أسعار الصرف مقارنة بالبلدان الأخرى.
ووفق التقرير قد تلعب عوامل أخرى خاصة بكل بلد دوراً أيضاً، مثل المخاوف المالية أو التطورات السياسية، وأبطأ عدد من البنوك المركزية الناشئة دورات رفع أسعار الفائدة أو أوقفتها موقتاً، أو تدخلت في صرف العملات الأجنبية لإدارة تقلبات العملة.
وذكر صندوق النقد أن الأشهر الستة الماضية أكدت أهمية الفرق في أسعار الفائدة كمحرك أساس لأسعار الصرف، ومن الممكن أن يحدث انخفاض قيمة العملة حتى عندما تكون التوقعات الاقتصادية لبلد ما قوية، لأن المستوى النسبي لأسعار الفائدة هو الأكثر أهمية.
وتظهر هذه التعديلات بحسب صندوق النقد الدولي أن معظم البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تظل ملتزمة بأطر السياسات التي تستهدف التضخم المحلي والظروف الاقتصادية، بدلاً من أسعار الصرف في حد ذاتها، والواقع أن اعتماد أهداف التضخم قد يقلل من تأثير انخفاض قيمة العملة في الظروف المحلية، ومع ذلك فإن تقلبات أسعار الصرف لا تزال جزءاً من مداولات السياسة.
فجوات تمويلية وهرب رؤوس الأموال
وأشار صندوق النقد إلى أن الخفض المنظم لقيمة العملة نحو مستويات تتماشى على نطاق واسع مع الأساسيات الاقتصادية، بما في ذلك فروق أسعار الفائدة، يمكن أن يكون بناء للاقتصاد، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو الحالات التي تحدث فيها عمليات بيع مفاجئة، وهو ما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار المالي.
من الممكن أن تؤثر تدفقات رأس المال الأجنبي المفاجئة إلى الخارج بشدة على أسعار الأصول وتفتح فجوات تمويلية، ويمكن أن تشهد المؤسسات المالية تفاقم عدم تطابق أسعار صرف العملات الأجنبية، وقد لا تكون قادرة على تجديد التمويل بالعملة الأجنبية (بخاصة الدولار الأميركي) بكلفة معقولة، ومن الممكن أن تتعثر بسرعة ثقة المستثمرين في الأسواق المالية للاقتصادات الناشئة، وفق التقرير.
وفي ظل خلفية عالمية غير مؤكدة وحساسية الأسواق المتزايدة لإصدارات البيانات الاقتصادية واتصالات البنوك المركزية، وعدم اليقين السياسي في بعض الاقتصادات الكبرى، فإن ضغوط التدفقات الخارجية قد ترتفع فجأة، وهذا قد يترك صناع السياسات في الأسواق الناشئة أمام مفاضلة صعبة محتملة بين تحقيق استقرار الظروف المحلية ودرء الضغوط الخارجية، بحسب ما يشير إليه الصندوق.
ويضيف "إذا استمرت الضغوط في التراكم، فقد تكون أدوات السياسات الإضافية مفيدة، بما يتماشى مع إطار السياسات المتكامل لصندوق النقد الدولي. على سبيل المثال في الحالات التي يشكل فيها الانخفاض الحاد في قيمة العملة أخطاراً مادية على الاستقرار المالي بسبب عدم تطابق الموازنة العمومية، أو يهدد بتثبيط توقعات التضخم، فإن التدخل في النقد الأجنبي قد يكون مفيداً في تخفيف التأثيرات السلبية، وقد تكون مثل هذه التدخلات مفيدة بشكل خاص عندما تكون الأسواق ضحلة أو عندما تؤدي التدفقات إلى الخارج إلى توقف سيولة السوق، وإذا تدهور الوضع إلى أزمة وشيكة، فقد تكون هناك حاجة إلى تدابير لإدارة تدفقات رأس المال كجزء من حزمة سياسات أوسع نطاقاً لتخفيف ضغوط التدفقات الخارجية".
يخلص تقرير صندوق النقد الدولي إلى أنه لا يمكن لهذه التدابير أن تحل محل تعديلات الاقتصاد الكلي الأساسية، وينبغي أن تكون فقط جزءاً من خطط أوسع لمعالجة أي اختلالات أساسية، ومن الممكن أن تكون السياسات الاحترازية الكلية ــ على سبيل المثال تلك التي تستهدف أسعار الأصول والمساكن، فضلاً عن تلك التي تعمل على الحد من عدم تطابق أسعار صرف العملات الأجنبية في الموازنات العمومية للمقترضين ــ مكملات قوية، ومن الممكن أن تساعد اختبارات الإجهاد التي تهدف إلى تحديد المشكلات النظامية في القطاع المالي الناشئة عن الضغوط الخارجية في تخفيف الأخطار قبل أن تتحقق، والأمر الأكثر أهمية هو أن صنع السياسات الحكيمة لا ينبغي أن يقتصر على خط الأساس فحسب، بل ينبغي له أيضاً أن يدور حول إدارة الأخطار، ويجب أن تكون اليقظة والتخطيط للسيناريوهات السلبية هي المبدأ الأساس للسياسات المالية.