مقابلات ومقالات

  • شارك:

الابتكـار الـمصرفـي .. ثــورة القــــرن غيــر المكتشفــة فــي اليمــن


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2025/07/23

 

محمـــد علـي ثامـــر*

- الابتكار المصـرفي يعني تطوير وتطبيق منتجات أو خدمات أو تقنيات أو عمليات مصـرفية جديدة تقوم على تعزيز الكفاءة أو تقليل المخاطر

- الابتكارات في العمل المصـرفي جزء رئيسي من استراتيجيات استشـراف المستقبل القائم على التحول الرقمي واستخدام التكنولوجيا الحديثة

ذهب العديد من التقارير الدولية والدراسات والبحوث إلى أن الابتكار في العمل المصـرفي يعدُّ بحد ذاته ثورةً كبيرة احتفى بها القرن الحادي والعشـرين الميلادي، كما أن السنوات القادمة والمستقبل ينبئان بابتكاراتٍ مصـرفية أكثر نفعاً وأكثر فائدةً على هذه البنوك والمصارف؛ وبما أن الشـيء بالشـيء يذكر؛ فإن الابتكار كعمليةٍ تنمويةٍ مستمرةٍ ومستدامة، قد جعلت من المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو – WIPO) تطلق مؤشـراً سنوياً خاصاً بالابتكار؛ وذلك لغرض دراسة وتحليل التقدم في الاقتصادات الدولية في العالم، ويقوم هذا المؤشـر على دورة الابتكار الرباعية والمتمثلة في: (الاستثمار في العلوم والابتكار، والتقدم التكنولوجي، واعتماد التكنولوجيا، والتأثير الاجتماعي والاقتصادي للابتكار)؛ ومؤخراً صدر تقرير مؤشـر الابتكار العالمي لعام 2024 أورد فيه الاقتصادات الأكثر ابتكاراً من بين (133) اقتصاداً في العالم، حيث احتلت سويسـرا المرتبة الأولى للعام الرابع عشـر على التوالي، تلتها السويد والولايات المتحدة في المرتبتين الثانية والثالثة، ثم سنغافورة في المرتبة الرابعة، والمملكة المتحدة في المرتبة الخامسة... إلخ، كما كشفت التقارير عن أفضل مجمَّعات الابتكار، وعن كيفية تعزيز الابتكار واستشـراف مستقبل النمو فيه؛ لنتساءل حقيقةً أين موقع اليمن في هذه المؤشـرات؟! وهل البلد جاهز للمشاركة في كل هذا التطور التكنولوجي القائم على الابتكار والإبداع؟! بل وأين هذا الابتكار في العمل المصـرفي اليمني وفي البنوك اليمنية؟!.

ما هو الابتكار الـمصرفي وما أبرز أنواعه؟: 
في البداية يُعرّف الابتكار المصـرفي بـ«أنه تطويرٌ وتطبيقٌ لمنتجاتٍ أو خدماتٍ أو تقنياتٍ أو عملياتٍ مصـرفيةٍ جديدة تقوم على تعزيز الكفاءة أو تقليل المخاطر أو خلق القيمة أو التكيف مع المتطلبات المتغيرة للعملاء والمؤسسات وغيرهما؛ أي أنه يشمل مجموعةً واسعة من التطورات في مختلف قطاعات الصناعة المصـرفية»، ومن خلال هذا التعريف، وكقراءةٍ حقيقيةٍ لأبرز الابتكارات في عالم المصارف التي حظى بها قرننا الحالي، لا بد لنا من إيراد البعض منها، وهي:-
1. التمويل المفتوح (Open Banking): يسمح هذا التمويل بمشاركة البيانات وتعزيز التعاون البيني مع مقدمي الخدمات المالية الآخرين، مما يتيح للعملاء الوصول إلى مجموعةٍ واسعة من الخدمات المالية عبر تطبيقاتٍ خارجية مصـرفيةٍ أكثر ابتكاراً، ويمكن للمستخدمين ربط حساباتهم البنكية مع منصاتٍ أخرى لتحسين تجربة الدفع والتمويل.
2. الذكاء الاصطناعي (AI) والروبوتات (RPA): تستخدم البنوك الذكاء الاصطناعي لتحليل كمياتٍ هائلة من البيانات لتحديد الأنماط والتنبؤ بالاتجاهات، وتقديم استشاراتٍ ماليةٍ مخصصة للعملاء؛ بالإضافة إلى ذلك، يُستخدم في أتـمتة العمليات المصـرفية عبر الروبوتات التي تتولى مهاماً مثل معالجة المعاملات، الرد على استفسارات العملاء، وتحليل المخاطر.
3. العملات الرقمية وتقنية البلوك تشين: والعملات المُشفَّرة مثل "البيتكوين"، و"الإيثيريوم" وغيرهما قد أصبحتا جزءاً من النظام المالي العالمي، حيث تتيح إجراء المعاملات بشكلٍ أسـرع وأرخص عبر تقنية (البلوك تشين)، والتي تضمن الشفافية والأمان، كما أن بعض هذه البنوك بدأت في استخدام هذه التقنية لتحسين تدفقات العمل والتحقق من المعاملات.
4. البنوك الرقمية (Digital Banks): وتتيح هذه البنوك للعملاء إجراء جميع المعاملات المالية عبر الإنترنت دون الحاجة إلى زيارة الفروع التقليدية الفعلية، وتُقدِّم خدماتٍ مثل: الحسابات الجارية، المدفوعات، القروض، والتمويل، بأسلوبٍ مبتكرٍ وسـريع.
5. الدفع بواسطة الهاتف المحمول (Mobile Payments): وهو تطور الدفع بواسطة الهاتف المحمول ليشمل تطبيقات مثل (Apple Pay) و(Google Pay)، وهذه التطبيقات تتيح للمستخدمين إجراء المدفوعات من خلال هواتفهم الذكية بسهولةٍ وأمان، وهذه الابتكارات تُعزز تجربة الدفع وتجعل المعاملات المالية أكثر مرونة.
6. التكنولوجيا البيومترية (Biometric Technology): ويستخدم العديد من البنوك الآن تقنياتٍ جديدة؛ مثل: التعرف على الوجه، وبصمات الأصابع؛ للتحقق من هوية العملاء، مما يُعزّز الأمان ويُسهل الوصول إلى الخدمات المصـرفية.
7. الواقع المُعزز والافتراضـي (AR/VR): وتستخدم البنوك لهذه التقنية لغرض تحسين تجربة العملاء من خلال تقديم خدماتٍ استشاريةٍ وتفاعلية عبر منصات الواقع الافتراضـي، ويمكن للعملاء استخدام هذه التقنية لزيارة الفروع الافتراضـية أو التفاعل مع الخدمات المصـرفية بطريقةٍ مبتكرة.
8.نماذج الأعمال الأكثر ابتكاراً: تعتمد البنوك على نماذج أعمالٍ مبتكرة، مثل منصات التمويل الجماعي، أو مؤسسات التمويل الأصغر، أو البنوك الرقمية، التي تستبدل الخدمات المصـرفية التقليدية بحلولٍ مصـرفية أكثر سهولة وبأسعارٍ معقولة ومصممةٍ خصيصاً للعملاء.
لتعد هذه الابتكارات في العمل المصـرفي جزءاً رئيسياً من استراتيجياتها نحو استشـراف المستقبل القائم على التحول الرقمي واستخدام التكنولوجيا الحديثة، اللذان يساهمان  في تحسين جودة الخدمة وتقليل التكاليف، ويعززان من عنصـري الأمان والكفاءة في النظام المصـرفي والمالي العالمي؛ وبالتالي توفير الخدمات المصـرفية بشكلٍ أسـرع وأكثر أماناً. 

لـماذا يعد الابتكار عامل تمكينٍ استراتيجي للبنوك؟:
تعد الاستفادة من الابتكار كعامل تـمكينٍ استراتيجي هو النهج الحقيقي لعمل البنوك العالمية، حيث تُركِّز اتجاهاتها المرتبطة بالابتكار لإحداث تقدمٍ تكنولوجي متطور، وتعمل على توليد الإيرادات، وتوفير التكاليف، ويضمن هذا النهج تركيز تلك البنوك على الكيف قبل الكم؛ أي على الخدمات ذات الهدف الحقيقي، والاحتياج الفعلي؛ لتحقيق بذلك تقليلاً في مستوى المخاطر، وتعيد تشكيل نماذج الأعمال، وتغير تجارب العملاء، وتفتح فرصاً جديدةً في النمو والكفاءة فيها.
ومن هنا فإن الابتكار يعدُّ جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات النمو والتطور لهذه البنوك والتي تُعد ذات أبعادٍ ثلاثة، وهي: (قصيرة المدى – متوسطة المدى – طويلة المدى)، تتوزع فيها الاهتمامات بشكلٍ خاص على عملية الابتكار والإبداع؛ وذلك عبر تشجيع وخلق أفكارٍ إبداعيةٍ وابتكاريةٍ بناءةٍ وجديدة؛ سواءً من قبل موظفيها، أو من خلال عملائها، أو من خلال واقعها العملي، أو من خلال التنبؤ الاستراتيجي لما ترغب بتحقيقه في المستقبل؛ ولهذا نجد بأن العديد من البنوك الإقليمية والعربية والدولية تُبادر إلى تبني العديد من الأدوات المُساعدة في عمليتي الابتكار والإبداع، عبر إطلاقها حواضن ومُسـرِّعات مخصصة لهما؛ كمختبر الابتكار، وتبني التكنولوجيا الخضـراء، وبناء مجمَّعات ومبادرات ذكية في العمل المصـرفي، وبالأول والأخير تحقيق التحول الرقمي والذي يهدف إلى الانتقال بالعملاء من القنوات المصـرفية العادية إلى القنوات المصـرفية الرقمية، لما فيه تحقيق تحسين لتجارب العملاء، ورفع مستوى تكنولوجيا المعلومات وأمن الأنظمة، وتعزيز الكفاءة والأتـمتة من خلال الروبوتات والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتبسيط المستمر لعمل البنوك.
كما يشمل ذلك تبني سلوكياتٍ جديدةٍ لتعزيز ثقافة الابتكار والإبداع، واعتماد طرق عملٍ جديدة تُـمكِّن هذه البنوك من عناصـر المرونة والسهولة والبساطة والديناميكية، وتعمل على الاستجابة بسـرعةٍ للتغيرات في بيئة الأعمال، عبر إتباع نهج استباق السوق؛ أو النهج الاستباقي للسوق، بوتيرةٍ سـريعةٍ وعالية، تحقق التجاوز الكبير للمنافسين فيها، بل وتعمل على نقل القطاع المصـرفي بكله إلى آفاقٍ أكثر اتساعاً وقدرةً، وإلى إحداث تغييرٍ جوهري في نماذج الأعمال المصـرفية التقليدية، مسترشدةً باستراتيجياتها المرنة في مجال الابتكار الرقمي، ومستفيدةً من التقنيات المتقدمة التي تعمل على طرح حلولٍ سهلةٍ ومرنةٍ ومتكاملة تُحسِّن من الخدمات المصـرفية التي تقدمها هذه البنوك، بل وتساهم على خلق وتحفيز بيئة عملٍ رائدة.
ولم يتوقف الأمر هنا فحسب، بل إن الشغف بالابتكار والإبداع لدى هذه البنوك كبيراً وعظيماً، ويتمثل ذلك بدءاً من خطوات الرقمنة التي تقوم بها لجميع أعمالها، مروراً بإطلاق خدماتٍ ومنتجاتٍ رقميةٍ سهلة الاستخدام، وقابلة للتطوير، وانتهاءً بتحقيقه الريادة الرقمية التي تقود للابتكار، وتوليد الأفكار الإبداعية.. وغيرها، والمجال هنا لا يتسع لسـرد الكثير عن هذا الأمر!!.

أين الابتكار في البنوك اليمنية.. دراسة حالة؟:
كما سبق وأن أشـرنا يُمثل الابتكار ركيزةً أساسية في استراتيجيات أعمال البنوك العالمية؛ نظراً لكونه قد أصبح جزءاً لا يتجزأ من أي عمليةٍ كانت؛ سواءً أكانت لبنكٍ أو شـركةٍ ماليةٍ ومصـرفية، أو مؤسسة خدماتٍ مالية، أو غيرها؛ وذلك من كون أن الالتزام بالابتكار والتحول الرقمي وتسخير قوة الذكاء الاصطناعي سيعمل على تعزيز تجربة العملاء، وتـمكينهم من الحصول على خدماتهم المصـرفية من خلال تطبيقات الموبايل البنكية، والإنترنت البنكي، والمحفظة البنكية الإلكترونية، بل والتوفق على هذا أيضاً من خلال توسيع نطاق الخدمات المصـرفية المبتكرة، عبر تطوير منتجاتٍ وأدواتٍ مصـرفيةٍ جديدة، تعزز من المكانة الكبيرة لهذه البنوك، وتروج لخدماتها ومنتجاتها؛ أي من منطلق القاعدة الأساسية التي تقول: «من يعلم أولاً يربح أولاً، ومن يعلم آخراً يخسـر أولاً، ومن يعلم أكثر لا بد أن يدبر أموره بصورةٍ أفضل».
ومن هذا المنطلق، وكدراسة حالةٍ واقعية؛ فاليمن لم تدخل في العديد من المؤشـرات الدولية لا في جانب الابتكار والإبداع، ولا في جانب التنويع الاقتصادي، ولا في جانب الصناعة المصـرفية بكلها؛ ولعل ذلك يعود إلى عدة عوامل؛ تتمثل أولها في انعدام الاستقرار الأمني في البلد، وثانيها في محدودية الاقتصاد اليمني وضعف مؤشـراته، وثالثها في عدم تبني عمليتي الإبداع والابتكار في كل قطاعاتها وأركانها؛ وهذا الأمر قد ينظر إليه بأنه نتاجٌ لعدم توفر الإرادة والإدارة في هذا البلد لمثل هكذا عناصـر جديدة!!
ولكن؟! فالبنوك اليمنية تعدُّ أكثر تحرراً من هذا الوضع إلى حدٍّ ما بحسب رأي العديد من الخبراء والباحثين الاقتصاديين، وكان يجب عليها أن تبني مؤشـراتها الابتكارية والإبداعية بعيداً عن هذا الوضع المزري للبلد بكله؛ فمن يتتبع واقع الحال في البنوك اليمنية يجدها تتغافل كثيراً عن أي عملية إبداعٍ وابتكارٍ– اللهم إلا ما ندر – ، وبأضيق المحاولات والتجارب؛ وهذا الأمر ليس من نسج الخيال، أو القفز فوق الواقع، بل هي من نتاج معرفةٍ شاملة، وتجارب عديدة مع هذه البنوك، يمكننا توضيحها كالآتي:-
النفس الواحد، والتقوقع الواحد: ويتمثل ذلك بأن معظم الأعمال أو الخدمات والمنتجات المصـرفية التي تُقدِّمها هذه البنوك والتي قد نحسبها بأنها ذات إبداعٍ وابتكار، تكاد تدور في حلقةٍ دائريةٍ مُفرغة، أو بالأحرى تكاد تكون شبيهةً ببعضها البعض، نفس التطبيقات، ونفس التكنولوجيا، ونفس الأهداف؛ أي أنها بعيدةٌ كل البعد عن عنصـري الابتكار والإبداع اللذان هما عصب التنمية في هذه البنوك بالمقام الأول؛ وهذا الأمر يعود بالأساس إلى أن معدلات الابتكار والإبداع ضعيفةٌ جداً في أعمالها؛ نظراً لعدم توفر البيئة الحاضنة داخل البنوك لدعم وتشجيع العديد من الأفكار الكبيرة والتي ستخلق علاماتٍ فارقة ليس على مستوى الساحة المصـرفية اليمنية، بل على الساحة الإقليمية والعربية، وربما العالمية.
محاربة الابتكار الخارجي: ومن يتساءل أو يُنكر هذا الأمر عليه التقدم لبنكٍ من البنوك اليمنية بأية فكرةٍ إبداعيةٍ وابتكارية في العمل المصـرفي، وسيجد مباشـرةً الصدُّ والتسويف عند بداية شـرحه للفكرة، دونما الاستماع حتى الانتهاء من ذاك الشـرح، أو تكليف ذاته لقراءة تفاصيل تلك الفكرة الإبداعية والابتكارية؛ وبالتالي فحتماً وطبعاً تكون الردود سلبيةٌ جداً، وتعود تبريراتها أحياناً على الوضع الاقتصادي المتردي في البلد، وعلى السياسة المزدوجة في العمل المصـرفي والبنكي، وثالثاً لعل أجرأ تلك الردود تأتي على شكل أن البنك لم يعتمد في ميزانيته لهذا العام مثل هكذا أمور، وإذا قلت: "سننتظر للعام القادم!!"، فالإجابة نفسها والرد ذاته بأن التقشف هو عنوان المرحلة.
التضارب في المصالح: قد تجد – وطبعاً هذه من حالاتٍ واقعية وليست من الخيال – بأن القيادات العُليا للبنوك تُقبل وتفهم بعض الأفكار التي تُقدَّم لها، وربما تتحمس كثيراً لتنفيذها؛ ولكنها تجد الإحباط والعرقلة من بعض أولئك الذين يُمكننا تسميتهم بـ(ذوي المصالح، أو محاربي الابتكار) في عدم إطلاق الخدمة الفلانية لكونها تقدَّمت عبر فلان أو عِلان!! أو في أجمل الحالات قد يعجب البعض منهم بأنها فكرةٌ رائعة؛ ولكن الوقت ليس وقتها، ولا هو زمنها، ربما لغرضٍ في نفس يعقوب!!
الضعف في المؤشـرات: تحوز البنوك اليمنية على مراتب ضعيفةٌ وتكاد لا تذكر في المؤشـرات الدولية في مختلف المجالات، وليس مجال الابتكار والإبداع فقط؛ ولعلنا كنا نحتفي بأن بنكاً يمنياً يحظى بكونه حاصلاً على المرتبة الأولى في قائمة البنوك اليمنية من حيث عناصـر عدة يتميز بها كرأسماله الكبير، أو حجم عائداته، وحجم ودائعه... إلخ، أو أن بنكاً آخر يدخل في قائمة البنوك العربية المائة الأولى، أو خلافهما؛ أما الآن فالبنوك اليمنية تكاد لا تُذكر – حالها كحال البلد – نسأل من الله الفرج. 
وفي الأخير.. فمثلما يـُمثل النقد  رأسمال البنوك المالي، وتـُمثل كوادرها الناجحة رأسمالها البشـري؛ فإن الابتكار يعد رأس المال الفكري لهذه البنوك، والذي يمكننا اعتباره من الأصول غير الملموسة، والرصيد غير المدوَّن في السجلات والميزانية العمومية لها، والذي يوفر لها ميزاتٍ تنافسيةٍ كبيرة، ويدعم قيمتها السوقية الإجمالية، ويُدوِّن مدى استعدادها للمستقبل، وقدرتها على تلبية توقعات ورغبات العملاء، كما أنه رأس المال الفكري هذا يشمل أيضاً قيم النزاهة وأخلاقيات العمل، إلى جانب الثقافة المؤسسية الراسخة، والأنظمة والعمليات والملكية الفكرية والمعرفة، مع الخبرات المتراكمة والعلامات التجارية القوية والعلاقات المميزة.. وغير ذلك من عناصـر القوة والتميز، وكما يقولون «إن استنباط أفضل الأفكار تأتي من أبسط الحلول»؛ فإن هذه البنوك لا بد لها من العمل على توظيف الأفكار المبتكرة بشكلٍ عملي لخدمة أهدافها، وتقديمها لتلك الابتكارات المتعلقة بمختلف أعمالها سيحقق لها شهرةً كبيرة، ولتصبح معروفةً أكثر بريادتها وتفوقها، وبما تُقدمه للسوق الذي تعمل فيه من منتجاتٍ وخدماتٍ جديدةٍ ومبتكرة؛ فالابتكار هو عمود أساسـي لاستشـراف المستقبل المشـرق.

*كاتب وباحث اقتصادي


جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP